الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهاية) (الحلقة التاسعة)

عبد الحسن حسين يوسف

2012 / 1 / 30
سيرة ذاتية


قد لا اقول جديدا اذا تكلمت عن عدالة البعثيين فهم والحق يقال يوزعون ظلمهم بالتساوي وبدون استثناء وفي قصر الهاية تجلت عدالتهم بأبها صورها ففي يوم 3 تموز 1972وكان هذا اليوم هو ذكرى الانتفاضة الباسلة للشيوعيين التي حدثت في سنة 1963 بقيادة الشهيد(حسن سريع) وكانت تعرف بأنتفاضة معسكر الرشيد اراد جلادي قصر النهايه ان يعملوا حفلة تعذيب جماعية لا للشيوعيين وحدهم بل شمل كرمهم اغلب المعتقلين في القاعتين المجاورتين حتى اصحاب التوجهات الدينية المعادية اصلا للشيوعيه انطلاقا من مبدئهم بتوزيع الظلم بالتساوي.. كان هناك اثنين من رجال الدين الاول هو(الشيخ عاشور )وهو امام جامع شيعي من اهالي مدينة الثورة وتهمته انه يحاول اغواء الشباب هناك على الصلاة في الجامع وقد مسك (بالجرم المشهود)عندما حاول غواية احد الشباب البعثيين للصلاة في الجامع ورجل الدين الثاني الذي نسيت اسمه ولكن لقبه العيساوي هو امام جامع سني في مدينة الرمادي وكانت تهمته هي تحريم العمل الحزبي ودعوته على ذلك تحت باب (ان حزب الله هم الغالبون)..قام الجلادون طلال والمقبور هشام بربط هذين الرجليين على عمود الكهرباء الذي يتوسط الساحه التي تطل عليها ابواب القاعتين وكان الوقت ظهر وحرارة تموز اللاهبة وطلبوا من كافة المعتقلين الخروج والمرور عليهم بمسيره بطيئه ثم الدخول الى القاعه استغرقت هذه العمليه بحدود الساعه وقد وصل الرجل العيساوي وهورجل كبير في السن الى الاغماء من حرارة شمس تموز وشعوره بالاهانة التي لا مبرر لها ثم اخرجو جميع الشيوعيين مرة اخرى واوقفونا قرب الرجلين في الشمس ثم بدئت حفلة الضرب الشديد لنا ثم اختارو احد الشيوعيين واسمه (صباح نعيم كادو)وكان احد ضباط الجيش الطيارين المطرودين منذ 1963 ويعمل قبل اعتقاله اثناء زيارة اهله في بغداد طيار مدني في الخطوط الجويه الليبيريه لتكون حفلة ضربه اكثر منا جميعا وقاموا بوضعه في ساقية المياه الاسنه القريبه من القاعه واجبروه على تلطيخ وجهه في الوحل الى الحد الذى اصبحنا لانرى اي شي من وجهه وبقي الى الليل حتى سمحو له بالاستحمام..عندها وصلت الى قناعه ان الشعار الثالث للبعث وهو الاشتراكيه كان صحيحا فقد تم توزيع التعذيب بالتساوي ولم ينسوا اي احد لا شيوعي ولا قومي وحتى رجال الدين بمختلف مذاهبهم اضافة الى المسيحيين فقد كان ( الضابط صباح نعيم كادو)مسيحيا رغم ان المناسبه هي شيوعيه هذه هي العداله البعثيه التي يتكلم عنها ايتام صدام والاسفين على رحيله. مرت الايام في هذا المعتقل اللعين ونحن نتجرع السم مما نتعرض له من تعذيب يومي وسوء تغذيه وحتى الاكل القليل لدينا فيه شركاء هي كتائب القمل التي تفتك بنا وتمنعنا حتى من النوم ...
كان يوم 15 -8-1972 يوما تاريخيا بالنسبة لي فقد نودي على مجموعة من المعتقليين الشيوعيين كنت واحدا منهم كان بانتظارنا المقبور( حسن المطير )مسؤول الهيئه التحقيقية الثانيه والمشرف الرئيسي على المعتقل كنا اربع عشر شيوعيا جميعنا من العسكريين اكبرنا رتبة هو الملازم الاول محمد علي عبود واصغرنا رتبه هو انا اذ كنت جندي فقط.
اعلن لنا المقبو ر حسن المطيراننا سنخرج من قصر النهايه وانه ينقل لنا حرفيا ما قاله الاستاذ (أبو حرب)ويقصد ناظم كزار مدير الامن العام في ذلك الوقت انكم ان عدتم الى العمل السياسي ستعدمون حال القاء القبض عليكم عدنا الى القاعه لنجمع حاجياتنا البسيطه ووزعنا الاشياء التي من الممكن ان يستفيد منها احد من رفاقنا وحملنا كثير من الرفاق والمعتقلين الاخرين سلامهم الى اهلهم كل حسب منطقته ظانين اننا سوف يطلق سراحنا بعد خروجنا من المعتقل مباشرة ولكن بدل من ذلك تم شحننا في سيارات المعتقل ترافقنا نفس الوجوه الكريهه منهم المجرم قيس والمجرم هشام والمجرم عبد حاشوش(جميعهم اعدم مع ناظم
كزار)ليوصلونا الى مقر وزارة الدفاع في الباب المعظم وتحديدا الى مديرية الاستخبارات العسكريه واذا بنا نودع السجن مرة اخرى وكان هذا السجن لا يقل فضاعة عن قصر النهاية.
يقع سجن الاستخبارات العسكرية في منطقة الكسره قريب من ملعب الكشافه وكان يسموه (سجن الخياله) لانه كان بالاساس اسطبل لخيول البلاط الملكي القريب منه وقد حوله نظام البعث في 1963 الى معتقل خمس نجوم مخصص للشيوعيين بالدرجه الاولى وقد ا ستورثه حكم ال عارف ليبقى مخصص ايضا للشيوعيين الا في حالات نادره يقبل في ضيافته اشخاص آخرين وعندما عاد البعث الى الحكم عادت ملكية المعتقل لهم..
نزلنا في غرف هذا المعتقل وقد استقبلنا من مسؤلييه بمثل وداعنا من قصر النهاية بقاموس من الشتائم والكلمات البذيئه وتم توزيعنا على الغرف التي هي عباره عن معلف سابق لايزيد ارتفاعه عن المتر والنصف تم تسقيفه ب(الجينكو) ليس في الغرف اي نوافذ عدى فتحه صغيره في باب كل غرفه يسمح لضباط الحرس بشتمنا متى ما شعروا بالضيق او الارهاق كنا خمسه في معلف واحد آسف في (غرفه)واحده هم محمد علي عبود البطاط والملازم الاول المهندس ماهر الشابندر وهو من حزب (التحرير الاسلامي)والنائب الضابط حسين نعمه من حزب البعث (جماعة سوريا) وضابط ايراني متهم بالتسلل الى العراق وكاتب هذه السطور..كنا نعيش تحت لهيب شهرآب يضللنا سقف من حديد(الجينكو) بأرتفاع متر ونصف فقط فتخيلوا حرارة هذه الغرفة وكيف بقينا على قيد الحياة .كلما اريد قوله ان البعثيين حكموا العراق خمس وثلاثين سنه ويتباكون الان على حقوق الانسان.الشىء الجيد في هذا المعتقل ان بقائنا فيه لم يستمر اكثر من خمسة عشر يوما ثم نقلنا الى سجن آخرسيكون موضوع حلقتنا القادمه .اشكر كل متابعي هذه الذكريات ولولا متابعتهم وتشجيعهم لي من خلال تعقيباتهم الجميله ربما لنسيت كثيرا من الاحداث ..تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل اننا نستطيع ان نجعلك تتذكر
فؤاده العراقيه ( 2012 / 1 / 30 - 17:11 )
تحياتي استاذ عد الحسن وشكرا لذكرياتك ولو انها اليمه لكن الالم يشحذ القوى وينمي الصيره , اليس كذلك ؟
حقا هي معاناة وربما نحن العراقيين لا نعلم كيف احتملنا قسوة حياتنا
مودتي الخالصه


2 - متابعة
متابع عراقي ( 2012 / 1 / 30 - 18:35 )
الاخ عبد الحسن المحترم ..لازلنا معك في ذكرياتك ( الجميلة ) المرّة !!واعتقد ان المجرم علي رضا باوة هو كان رئيس الهيئت التحقيقية وان المجرم حسن المطيري كان مبعوثا من المجرم ناظم كزار الى قصر النهاية لغراض المتابعة والمراقبة,,زان الاسم الذي ذكرته(حسين نعمة )اعتقد ان كان يتراْس تنظيما عسكريا للمنشقين في معسكر اربيل ..على ما اظن ..مع تقديري واحترامي..


3 - شكرا سيدتي فؤاده على المتابعه
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 30 - 19:30 )
شكرا استاذتي الفاضله فؤاده العراقيه وتقييم ما اكتب من حضرتك وكل المتابعيين هي الدافع لي للاستمرارفي ما اكتب تحياتي ولك كل المودة


4 - lمتابع عراقي تحياتي
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 30 - 19:49 )
عزيزي متابع عراقي تحياتي لك واشكرك على متابعتك الكريمه اما عن على رضا باورفهو يعمل في الهيئه التحقيقية الاولى في قصر النهايةالتى كان يرأسها في ذلك الوقت المجرم سعدون شاكر وتم تعيينه عضو المحكمه الخاصه التي كان يرأسها المقبور طه ياسين رمضان لمحاكمة المشتركين في مؤامرة عبد الغني الراوي وقد حكم على العشرات بالاعدام في الوقت الذي هم ماتوا تحت التعذيب قبل المحكمة بايام اما عن حسين نعمه فهو نائب ضابط في مدفعية مقاومة الطائرات وهو كما تفضلت بعثى منشق ومن اهالي مدينة الناصريه اما مسؤلياته الحزبيه لا أعرفها تحياتي عزيزي متابع عراقي


5 - قصر النهاية سيء الصيت
النصيرة سميرة ( 2012 / 1 / 31 - 07:34 )
تحياتي لك سيدي وانت تذكرنا بالبعثفاشست الذي انتهى لمزبلة التاريخ ولكن جروحنا لازالت تنزف ونحن نرى بقاياه لازالت تنفث سمومها وهي تستند على عكازة حقوق
الانسان
استمر بكتابة مذكراتك ونحن نتابعك
تحياتي ا


6 - شكرا للنصيرة سميرة
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 31 - 11:36 )
تحياتي لك النصيره سميره واشكرك على مرورك الكريم لما اكتب واتمنى من الاخرين الذين تعرضوا للمعانات والا ضطهاد من البعث الفاشي ان يكتبو ا ايضا لنسد الباب على المطالبين بحقوق عندما كانوا في السلطة لم يسمحوا لاحد با لتمتع بها تحياتي لك


7 - سجون خمس نجوم
ايار العراقي ( 2012 / 1 / 31 - 20:27 )
مازلنا معك سيدي الكاتب
البعثيون اليوم يشتكون من سجونهم المكيفة لانهم اهينوا بوضعهم في السجن
جلال الطالباني يبعث سكائر الجروت الى طارق عزيز لاته معرفة ٌقديمة
سجون مكيفة ووجبات مكتملة العناصر وجروت ومواجهات منتظمة عن اي عقاب نتحدث؟
يبدو انهم مجنصين حتى بالسجن
تقبل محبتي


8 - تحياتي آيارالعراقي
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 2 / 1 - 17:48 )
شكرا سيدي آيار العراقي على ملاحضاتك الجميله ان شعور كل الطائفيين والقوموين با ن الشيوعية عدوهم الحقيقي هو الذي يوحدهم في المنعطفات الكبرى وهم فعلا اصدقاء ولو لا طلب امريكا اعدام صدام ليأخذ اسراره معه لما اعدموه اصلا تحياتى واشكرك

اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي