الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خزعبلات الديجيتال: هل نحن بحاجة إلى - تسونامي- في العقل العربي؟

باتر محمد علي وردم

2005 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عجيب أمر العالم العربي واستسلامه السهل للخزعبلات والأساطير والحكايات المناسبة لقصص الأطفال ما قبل النوم، حتى لو كان ذلك ضمن أكثر أطر التكنولوجيا تطورا.
الفضائيات العربية وجدت تسليتها في مأساة المد البحري الهائل في آسيا، وبمناسبة رأس السنة الميلادية فتحت شاشاتها أمام "مهابيل ونصابين" من الطراز الرفيع ليتحدثوا عن نبوءاتهم وتوقعاتهم لأحداث العام 2005، وبالتأكيد كانت كارثة الزلزال الآسيوي حاضرة بقوة في التنبؤات.
صحيح أن السياسة كانت الطاغية في تنبؤات المنجمين النصابين، حيث انتشرت نظرياتهم حول التطورات السياسية في العالم، والتي تستحق بالفعل أن يتعامل معها بوش بجدية ويعين هؤلاء مستشارين له للتخطيط لأحداث العام المقبل، ولكن التوقعات الأكثر إثارة كانت حول الزلازل.
السادة المنجمين ربما لم يسمعوا في حياتهم بظاهرة التسونامي قبل 24 كانون الأول الماضي، ولكنهم جعلوه أساس توقعاتهم لحدوث زلزال مدمر في الأردن تعامل معه بعض الأردنيين بكثير من الخوف، حتى أن موجات تخزين الرز والطحين والمعلبات ليوم "تسونامي البحر الميت" قد بدأت بالفعل لدى البعض!
نعلم جميعا أن منطقتنا تقع على خط زلزالي ساخن، وأن نسبة حدوث زلزال في الأردن تصل إلى مرة كل 200 سنة تقريبا، وقد حدث زلزال يتذكره الأجداد في العام 1927. ولا أحد يعلم متى يحدث الزلزال التالي ، ولا أحد يمكنه تقديم بعض الحدس العلمي حول الحالة الزلزالية إلا خبراء الزلازل المزودين بأحدث الأجهزة لا النصابين الذين تأتي بهم المحطات الفضائية ليضحكوا على الناس. كما أن أي عاقل يعرف أن البحر الميت بحيرة مغلقة لا تنطبق عليها حالة المحيط المفتوح ذي التيارات العاتية كما أنها تقع على انخفاض 400 متر تحت سطح البحر!
ولكن المشكلة هي أن الكوارث الطبيعية التي تحدث بمعدلات زمنية عالية أصبحنا نعتبرها أحداثا استثنائية عند مقارنتها بأجيال البشر. لقد حدث التسونامي في آسيا بهذا الحجم الهائل قبل 230 سنة تقريبا ولكن لم تكن هناك وسائل إعلام، ولم تكن هناك كثافة سكانية في السواحل ولم يكن هناك آلاف السياح الأوروبيين يقضون إجازاتهم في تايلاند وإندونيسيا، فمرت الكارثة في السجل الإنساني بهدوء.
بعض وسائل الإعلام العربية ومواقع الإنترنت الإسلامية ربطت التسونامي مع غضب الله وقدرته وقام البعض من هؤلاء بتنصيب أنفسهم ناطقين بإسم الله مبررين لهذا الحدث دون أن يقولوا لماذا كان الضحايا من الفقراء المعدمين. بعض وسائل الإعلام ركزت على تفسيرات وظواهر ذات طابع ديني بحت، وإحدى الصور التي وصلتني عبر البريد الإلكتروني تشير إلى مسجد بقي سليما في أتشه في إندونيسيا بينما تم تدمير كل ما حوله، ولكن ماذا لو كان التفسير البسيط هو أن المسجد كان البناء الحجري الوحيد في قرية كل بيوتها من الطين والقش كما هي الحالة في الريف الآسيوي؟
كارثة المد البحري مأساة طبيعية لها أسبابها العلمية والجيولوجية، ومن الخطيئة أن يحاول البعض تفسيرها بشكل قاصر وسطحي وربطها بغضب رباني. وعندما يغيب علماء الجيولوجيا والأرصاد والمحيطات والبيئة عن الشاشة ليظهر المنجمون والأفاقون ومروجو الخزعبلات ليفسروا الكارثة نعلم إننا بحاجة فعلية إلى زلزال تسونامي في العالم العربي ولكن على مستوى العقل يجتاح معه الأساطير والخزعبلات وينظفها ليترك مكانا للعقل والمنطق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية