الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية وسؤال المعنى على ضوء تأويل مسألة الهوية للكاتب الفلسفي الناصر عبداللاوي(تونس)

منجية العوني

2012 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الهوية وسؤال المعنى
على ضوء تأويل مسألة الهوية للكاتب الفلسفي الناصر عبداللاوي(تونس)
بقلم منجية العوني،الأدب وفلسفة اللغة
إن ما يدفعني إلى قراءة مسألة الهوية في مقاربة الناصر عبد اللاوي ثلاث مقاصد أساسية
أولى الدواعي أن فكرة الهوية تعد سمة الفكر الفلسفي المعاصر من جهة الرهان الفلسفي والايتيقي وهذا ما يدفعني لفك المسارات المفهومية في حوافز تأويلية تسمح لنا بمعاودة النظرة العميقة التي اختبرها الناصر عبداللاوي في مساءلة الهوية من جهة التفاعلات المتداخلة رغم صعوبة هذا البحث.
ثاني الدواعي يتمثل في ذاك الأسلوب الذي كتب به هذا الباحث في فلسفة تجمع بين السياسي والايتيقي في لحظات ترسم لنا معاني رمزية تكشف عن ضروب الحركة والديمومة من جهة الفعل التواصلي مما يحملنا لفضاءات تحمل أبعاد فياضة من عطاء المعنى وترحال العبارة.
ثالث الدواعي أن الناصر عبداللاوي يحرص في مقارباته بأن يرسخ قضايا الايتيقا والسياسة في مشاغلنا الراهنة وهو ما يعطي جدية في إخراج فن المشكلات.وإن كنت أهتم بالابعاد اللسانية فإني وجدت في هذه الرسالة سبر أغوار لفكر حيوي نبهني لأبعاد شتى في ترحال المفهوم ومقاصده.
يوضح الناصر عبداللاوي ديناميكية الحراك الهووي في مستوى المفهوم الالسني قائلا " إن الهوية لم تعد تنطوي على مقولات منطقية جاهزة كما رسم ملامحها الإرث الميتافيزيقي الذي اختزلها في البعد الهووي –التأملي"(الناصر عبداللاوي:مسألة الهوية في تفكير هابرماس،كلية العلوم الانسانية والاجتماعية1 بتونس ،المكتبة ،المقدمة ، ص 5).إن هذا التوجه الفلسفي الذي اختاره المؤلف يحرص فيه عن تقصي مشكل الهوية في إطار هذا النقاش والتفاعل الذي هو حري بأن يوسع تواصلنا ولو أدى ذلك للمختلف حيث يقول" يعتبرالاختلاف والتنوع سمتين لتأصيل الهوية ضمن وحدة إنسانية" (الناصر عبد اللاوي:م.ن.المقدمة،ص.6)
إن الرهان الفلسفي الذي يدافع عنه المفكر في هذا البحث يتمثل في هذه الفرضية الأساسية التي سعى من خلالها لتأكيد الخيار الايتيقي كمكسب فلسفي يجنبنا العدائية والعنف ويومن لنا التواصل وخلق نمط جديد من التفاعل الحيوي" إن الهوية كمشكل راهن تعبر عن مقام انفتاح قيم المشتركين وفق بنى معيارية، تأخذ في نطاق تشكلها الأبعاد الرمزية وحركية الأزمنة والحراك الاجتماعي في ظل التواصل الإنساني وفق ما اقتضته(م.ن،المقدمة،ص7.) ويحاجج هذه الفكرة بمرجعية الفيلسوف الألماني المعاصر هابرماس الذي عمل على إعادة تشكيل القيم الفلسفية .يقول هابرماس "إعادة بناء الافتراضات الأولية الكليّة للمعايير والقيم" Jürgen Habermas, Après Marx. Traduit de l’allemand par Jean- René Ladmiral et Marc B.de Launay (Paris : Libairie Arthème Fayard,1985).p.23
إن هذا النمط من التأويل يخرجنا عن الأسس والتفكير المطلق الذي جعل من الخطاب الحداثي يتمحور حول الذات بماهي المركز واساس المعرفة وهذا ما بينه ديكارت في خطاب الكوجيتو:أنا أفكر إذن أنا موجود والتي جعلت من هذه القولة مصادرة فلسفية انبنى عليها الخطاب الحداثوي في مجال الفلسفة. ولكن الايتيقي يخرجنا من هذه الدائرة الضيقة والنرجسية لافق اكثر ثراء لانسانيتنا ويعني هنا الانفتاح على الذات او مايسمى "البينذاتي" وفي هذا الاطار يوضح الناصر عبداللاوي مشكل اللغة بما هي المعين والافق الذي يلزم اتباعه" يستحضر ذلك التداخل الايتيقي والأداتي بعين ناقدة تارة ومؤوّلة تارة أخرى . وهذا ما جعل مسألة الهوية تتسع لكل مجالات الفكر الإنساني"الناصر عبداللاوي :المقدمة، ص. 10. ) ولكن تبقى هذه المعاني تستدعي القول في معاني الاثر من جهة الاسلوب والمنهج والتناول الاشكالي. فالاسلوب الذي انتهجه هو اسلوب راقي لما يتملكه هذا الباحث من متون النص دقة وفصاحة للمعنى وما نسميه في اللسانيات "الاسلوبية البلاغية" ولكن كلماته تاتي من جهة ذاك الاسلوب السهل الممتنع فياضا لاسمية وتاويلا لمعاني هي من السجع والبديع رائعة كالقصيدة .اما منهجه فهو تأويلي يجمع بين معيارية الخطاب لما تفضيه الابحاث اللسانية والنقديه لما يترسمه من إعادة بناء للمفهوم والرهان ضمن رؤية كونية تخرق حيز المفهوم وتجعله في رحلة رائعة تذكرنا بسيلان فاتخة المسعدي ورقصات زوربا انها اوتار موسيقية يختزنها الناصر عبداللاوي في كتابته فهي خليط بين الرواية والفلسفة احترافا لكتابة تخصه.يقول الباحث في غرض المنهج" يتعلق بالناحية الفلسفية التي تراعي تطوّر الفكر الفلسفي للفيلسوف في بلورته لمسائل وقضايا عالجها في مسيرتة الحافلة بالكتابة و المناهج المختلفة التي امتحنها في أعماله الفلسفية التي تتعلق بقريب أو بعيد بمسألة الهوية "الناصر عبداللاوي،ص.11.
وإني أردت أن أبين في هذا الطرح أن الناصر عبداللاوي وإن بحث في مسألة الهوية في تفكير هابرماس كما تكشف عنه رسالة البحث إلا أنه جمع بين راهننا اليوم في ملامسته للاقليات العرقية والمهجر والتراجع الفكري ضمن حوافز أدبية ولغوية وفلسفية وسياسية أخرجتنا من دائرة إمتلاك الحقيقة النهائية باعتبار أن الفلسفة تفتح أغوارها لكل المفكرين. وإن كنت أن أتسأل مع الناصر عبداللاوي: ألا يمكن أن يكون لنا بحثا خاصا بالهوية العربية من جهة إمتلاك السؤال في التراث يكون كافيا . ولكن المهم في الأمر هو أنك طرحت السؤال الفلسفي الأعمق من الحدود الضيقة التي يمكن أن أفهم بها أنا الهوية من جهة تخصصي الأدبي وإن كنت مهتما بالشأن الفلسفي ي مستوى فقه اللغة تشومسكي واوستين. ويقول الناصر في الفضاء الاشكالي" هل يعني ذلك أن الهوية أصبحت تعنى بذلك الفضاء الانساني الذي يلتقي فيه المرء مع الآخرين ليتطارحوا القاضايا والمشاكل، مادامت تجمعهم تقاليد مشتركة ،أم أن الأمر يقتضي مراجعة التواصل من جهة ما أحدثته أزمة العصر في السيطرة التي فرضتها العقلانية الحسابية وتراجع القيم الايتيقية وافلاس المعنى؟(الناصر عبداللاوي،المقدمة،الاشكال،ص.25.)/منجية العوني قراءة تأويلية-لسانية/تونس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ