الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة المثقف والدولة

حميد المصباحي

2012 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


إن الفكر السياسي في المغرب,كما هو منذ بدايته ظل حبيس الصراعات السياسية الي جعلت منه إيديولوجية مناضلة ضد القهر السياسي,فبدا مناهضا لنظام الحكم,الذي وجد مبراا لعدم الثقة في الفكر,سواء كان فكرا سوسيولوجيا سياسيا أو فكرا سياسيا,او حتى أدبيا فنيا,ولأن طبيعة السلطة السياسية هي التي تحافظ على وجودها بكل السبل,فإنها تجد من المشروع الدفاع عن نفسها حتى بالحد من سلطة الثقافة,تلجأ إلى تبخيس الثقافي,والتخويف منه بطرقها,أو استغلال ثقافة أخرى لمزاحمة الثقافة التي تتحالف مع السياسي وتدعمه,هنا أيضا تلجأ الدولة إلى استقطاب مثقفيها القادرين على منافسة الخصوم التقدميين بالخصوص,حتى لو اقتضى الأمر الإستعانة بالفكر السلفي السياسي,كما فعلت العديد من الدول العربية,التي اعتمدت تشجيع الإسلام السياسي,الذي سرعان ما انقلب على السلطة باللجوء إلى العنف كما حدث في مصر والجزائر وتونس,وإلى حد ما حتى في المغرب,مما يؤكد حاجة السلطة السياسية إلى حركات سياسية وقوى اجتماعية داعمة لوجودها حتى لو كانت محاففظة,ولم تفطن السلطة في العالم العربي إلى ضرورة تحديث الممارسة السياسية,لتؤهل الأحزاب للعب دورها في التنافس على السلطة والتداول عليها كما يحدث في الأنظمة الديمقراطية,التي تخلصت من التعسف في تملك السلطة واعتبارها خاصة ومحتكرة من طرف فئة دون غيرها من الفئات الإجتماعية الأخرى,مما دفعها للإنفتاح على المثقفين كصوت ضروري الإعتراف بفعاليته واستراتيجية التعاون معه لأجل بناء مجتمعات المعرفة والتواصل,فالمثقف هو القادر على تنوير المجتمعات وحتى السلط السياسية التي باعترافها بأهمية الثقافة تصير سلطة التنوير,والحريات,دون أن تضطر إلى الإنحياز لأطروحة خصومها,أو التحامل عليهم كأعداء عليها التشكيك في تصوراتهم الثقافية حتى عندما ينتقدون مشاريعها السياسية والإقتصادية,فالسلطة السياسية في الدول الديمقراطية,ليست ملكا لأحد,إنها موضوع صراع يصل إليه الحزب من خلال الفوز بأغلبية المصوتين في العملية الإنتخابية الشفافة والمعبرة عن الرأي العام,وهي أكثر الصيغ الحضارية فعالية وحرية,رغم ما يشوبها أحيانا من عيوب واختلالات,وهو ما على الدول العربية أن تدركه,فخفوت صوت المثقفين خطر عليها هي أولا قبل غيرها,لأنهم صوت العقل,القادرين على التوجيه,وهم الملاذ الأخير لها وللمجتمعات البشرية,إنهم بفكرهم يهذبون غريزة العنف أو بحدون منها,وهم أنصار العقلانية والمحتكم إليهم في الصراعات الحادة عندما يتعلو أصوات التدمير الذاتي,والإنتحارات الحضارية المولدة للحروب والنزاعات المسلحة وكل الميولات المحطمة لطموحات الكائنات العاقلة,التي لا معنى للعالم بدونها,ولا معنى للفكر والفن والعلم والسعادة الإنسانية التي تنشدها الحضارات الإنسانية منذ نشأة البشرية,التي بدون الثقافة ما كان لها أن توجد,وتتطور فالثقافة هي ما حفظت الوجود البشري و رعته ليحقق النجاحات المهمة التي نوصل إليها,وأولها العمل وفق آليات العقل,التي حررته من طموحات القوة والغريزة,ولولا الثقافة لآستمرت الإنسانية في صراعاتها المدمرة,ولبقي الإحتكام إلى القوة سائدا حتى عندما تأسست الدول والإمبراطوريات التي كادت تبيد الكثير من الحضارات لولا تدخل الثقافة والمثقفين الذين أسسوا معنى العدالة والمساواة بين الأمم والحضارات الإنسانية والثقافات,وما تهميش المثقفين إلا بقايا لفكرة كون البشرية حافظت على وجودها بفعل الغريزة نفسها,ولذلك ربما صدقت الكثير من الدول قديما وحديثا أن التكنولوجية هي الوسيلة البديلة لفكر الثقافة,في الحروب وحتى في بناء الدول والحفاظ على السلطة السياسية,ناسين جميعا أن فكرة السلطة نفسها وليدة العقل والثقافة وليس الغريزة,فلولا الثقافة لما وجدت الدولة نفسها ,ولما اقتنع الناس بها أصلا,لكن النسيان الذي يعمد إليه بعض الساسة يحول الكثير من الحقائق إلى أوهام الغاية منها قلب المفاهيم,وتعليق الكثير منها لتبدو لحظات عابرة في التاريخ البشري الممتد بامتداد الوجود البشري.
حميد المصباحي كاتب وروائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو