الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجربة التشكيلية بالمغرب :مقدمة للتفكير في القضايا حتى يعود التشكيل لعمقه الثقافي

محمد ربيعة

2012 / 2 / 1
الادب والفن


تثير مسالة الفنون التشكيلية عدة قضايا منها هو متعلق بقضية المعارض على المستوى الوطنياو قضية التواصل مع المشاهد المفترض، ومنها ما هو متعلق بإشكالية الإبداع الفني، او الفن كفعل فكري ثقافي. حيث أنهما بنيتان واسعتان وشاسعتان تسعان كل المسائل التي قد تثار ضمن ما يمكن تسميته بالتفكير التشكيلي بالمغرب.
فلقد أصبحت قضية العرض والمعارض تحت سيطرة مجموعة من المؤسسات التي تريد ان تلعب دور الموجه والمؤطر لأي تجربة تشكيلية ، وما زاد الطين هو انها أصبحت تنتج خطاباتها عبر وسائل إعلام جيدة الطباعة أنيقة المنظر حيث تقرر في القيمة المادية للأعمال الفنية ، وصارت تضع أثمانا لكل تجربة فنية ، بحيث حولت الفنانين الى ماركات تحمل رقما تقديريا ، وتأتي عملية التكميم النقدي هذه تاسيسا على مدى انضباط الفنان التشكيلي لقيم هذه البورصات الفنية التي يكون الفنان متعاقدا معها ، بحيث يصير ليس مبدعا تشكيليا ولكن صانع ينتج أعمالا بشكل متواصل اما واحدا او أكثر بصفة شهرية، كما يمنع عليه إقامة المعارض خارج سلطة المؤسسة المتعاقدة معه ، سواء أكانت مؤسسة معنوية او شخصا طبيعيا.وهذا أدى الى ان فنانين قد تحسنت أوضاعهم المادية ، لكن أصيبوا بالفقر الدموي في قدرتهم التخيلية والإبداعية ، وهو ما أسميناه في عدة مناسبات بظاهرة مصاصي دماء الفنانين المغاربة ، وهؤلاء المصاصين يتسللون الى أعناق الفنانين بطريقة مليئة بالعشق والمحبة حتى اذا ما غرسوا أنيابهم قاموا بامتصاصه عن طريق مغريات مادية ، ثم يفرضون عليهم أثمانا جد بخسة لانتاجات أولئك الفنانين بينما هم يشاركون بتلك الأعمال في معارض عابرة للقارات،ومن حيث هذه التعاقدات فالفنان يجد نفسه ملزما ان ينتج وضمن الشروط التي يفرضها الممون/ المصاص لدمائه ودون مراعاة لفترات ازدهار النشاط الابداعي او تقلصه.لانه تحول الى منتج تحت الطلب، كما يفرض عليه هؤلاء المصاصون البقاء ضمن نسق تصويري واحد، وهو ما يسمونه بالبصمة التي صار يتميز به كفنان، مع التركيز على كل الوسائل الاشهارية عبر اقتناء صفحات بالصحف وبرامج تلفزية والتواصل بإصدار كاتالوغات فاخرة وإدراج أعمال الفنانين التابعين في معارض من تنظيم المؤسسات البنكية التي تحاول اختراع الأعمال كقيمة رقمية للأموال بحيث تصير اللوحة مثلها مثل الذهب، وهكذا صارت تلك المؤسسات البنكية باعتبارها منتجة لسلعة النقود تدخل الميدان الفني عبر أولئك المصاصين لتبرير مقتنياتها من الأعمال جبائيا ، وهكذا انتشرت قاعات العرض الخاصة عبر المدن الكبرى وبعض المراكز التي أقام بها بعض مقتنو الأعمال الفنية وخاصة الأجانب الذين عملوا فقط على دعم التجربة المسماة فطرية، وكأنها حتمية تحدد الاختيار الممكن أمام المغاربة ليصيروا فنانين تشكيليين معترف بهم من طرف العين الأوروبية ، كما تحالف معها مجموعة من الكتبة الذين كانوا يتحولوا الى مكاتب إعلام لبعض القاعات الفنية ، وبسبب قلة قاعات العرض ودخولها في الآليات التواصلية التي فرضتها كما اشرنا ، فان التشكيل الذي يعتبر من أكثر النشاطات انتشارا عبر الجمعيات التي دائما ما تؤثث أنشطتها الفلكلورية بمعرض فني على هامش تلك السهرات ، ولم ينج من ذلك حتى بعض الجمعيات الثقافية الجادة التي تقيم أنشطة فكرية اذ أنها تقيم معارض على هامش أنشطتها المركزية . وليس امام الفنانين سوى هذه القنوات لآجل الخروج الى الجمهور، وبالتالي فالفنانون هم فئات متعددة ، منهم من انطلق متسائلا ومبدعا ثم انتهى في قبضة أولئك المصاصين، وبقي أسير أسلوب وحيد في العمل ، يشارك في تظاهرات متعددة ولكن ببصمة فنية وحيدة ، وكان الإبداع انتهى عنده في اللحظة التي تم فيه تدجينه وتم إلزامه بأسلوب وحيد في الإبداع ،..
ومن الفنانين من أحس بعدم القدرة على الدخول في الدورة الصناعية للفنان، سواء من حيث عدم رضوخه لمنطق أصحاب القاعات ، او عدم قدرته على إيجاد الصحفيين الذين يساعدونه على ان يصبح اسما فنيا، ومن من رغم له ذلك فانه بقي أسير صنعته ، وجرى لاهثا وراء السوق ففرضت عليه منطقها ..وتحول الى صانع تقليدي للتشكيل..والقليل منهم من استطاع النجاة من السلاسل المذكورة ، وعكف على نحت اسمه وأبحاثه التشكيلية بكل إصرار..ومع هؤلاء ستسجل التجربة التشكيلية أسئلتها الفكرية والإبداعية ، وهم فنانون منتمون الى مختلف الأجيال الفنية ، اختاروا الوفاء للإبداع ولم يلهثوا وراء البيع رغم ان النقود والأموال ضرورية اليوم، فهم فرضوا قيمهم الفنية ، وفرضوا تساؤلاتهم البصرية والجمالية..وهؤلاء منتشرون أيضا عبر ربوع المغرب بحاجة الى أعين تشاهد تلك الأعمال وتنفتح على أسئلتهم وقلقهم .ومنهم من يمارس التأمل التشكيلي والتفكير فيه ليس إبداعا بل وكتابة ، ومنهم من يثير قضايا في أعماله وعبر الحوارات التي تتسلل الى صفحات الصحف ، وستساهم بعض الصحف عبر ملاحقها الثقافية ، وبعض المجلات من خلال أعداد خاصة بالتشكيل من المساهمة في خلق ثقافة بصرية ، رغم ان التشكيل لم يحض سوى بأعداد قليلة لمجلة متخصصة صدرت في سبعينات القرن الماضي..وبعض الكتابات التي صدرت لشعراء ولروائيين ولفنانين ولمحاولات أولى تأسيسية لنقد ممكن سواء بالعربية او الفرنسية تناول التجربة إما كانطباعات حول معارض او محاولات لتأسيس تاريخ تشكيلي عبر عملية القومسة .، كما ان بعض الأبحاث الجامعية وان طغت عليها المسحة الأدبية او الفلسفة-جمالية كلها ستشكل الأساس لاستعادة التجربة من يد اللصوص وإعادتها للحقل الثقافي باعتبارها أولا وقبل كل شيء إبداعا ثقافيا وفكريا وجماليا. وهذا جهد يستحق المساءلة واعادة الاكتشاف ايضا حتى ننتصر للتشكيل كفعل ثقافي وليس كلوحة تزينية تكمل الديكور حيث تشهد اللوحات مقابرها.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - من نجوم شهر مايو الزعيم عادل إمام.. ومن أبرز أفلام


.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف




.. عمر عبدالحليم: كتبت لفيلم «السرب» 23 نسخة


.. أون سيت - 7 مليون جنيه إيرادات فيلم السرب في أول 3 أيام فقط




.. لا تفوتوا متابعة حلقة الليلة من The Stage عن الممثل الكبير ا