الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماه في شباطها الثلاثين...عبور إلى الحرية والكرامة

نصر حسن

2012 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


حماه في شباطها الثلاثين ...عبور إلى الحرية والعدالة.
ثلاثون عاماً انقضت على مجازر حماه 1982 ، مأساة العصر التي نفذها مجموعة من المجرمين بكل همجية ،ضد مدينة هي بداية التاريخ الإنساني وإحدى رموزه الخالدة ، حماه حاضنة الكبرياء والعزة والكرامة والإباء ، ومهد التضحية والفداء ، عبث فيها رهط من أشباه البشر، مارقين جبناء في غفلة من الزمن ، غطوا حقدهم وانحطاطهم الوطني والإنساني بشعارات برروا فيها جرائمهم !أوهموا فيها البعض أن المعركة بين رجعية وتقدمية ! بين مسلحين خارجين عن القانون ، وبين دولة العدالة والقانون! بين مجموعة مدعومة من الخارج! لتعطيل برنامج النظام في تحرير الجولان وفلسطين وتحقيق الوحدة العربية ! مهدوا الطريق لجحافل الموت ووجهوا طائراتهم وصواريخهم ودباباتهم وكل آلتهم العسكرية الخائبة نحو حماه وأهلها الآمنين ، أسلحة من المفترض أن الشعب السوري دفع ثمنها من لقمة عيشه، لتحرير الجولان المحتل وحماية الأمن الوطني والقومي !.
لكن لا أرض حُميت ، ولا أعرا ض أُصينت ، ولا كرامة وطنية احتُرمت ، ولا حرمة وطن حُسبت ، بل جغرافية وطن مُزقت ، وسيق الشعب إلى حالة من التفسخ والتشقق لم تشهده سورية في تاريخها ! رعاع لا ينتمون لهذا الشعب ، دُخلاء على تاريخه ،استغلوا بخبث قيم التعايش والمبادئ والتكوين التعددي التاريخي للشعب السوري وحقبة طغت عليها شعارات جامعة ،اختطفوا الوطن في مرحلة مجنونة ، وسيطروا على الجيش والقوة العسكرية ، وعاثوا في البلاد والعباد قتلاً وتعذيباً وإهانة ً ونهباً ،أشبه بالأساطير المرعبة التي ترويها أحلك فترات الظلم والظلام على مر العصور!.
قال المجرم رفعت أسد الذي نفذ مجازر حماه في شباط عام 1982 ،بالتعاون مع بقية القتلة من رموز العائلة الأسدية ،ومن والاهم من المرتزقة الرعاع "أنه لا يعرف حماه ولم يزرها أبداً "! كلام يبطن إشارات متعددة ، أولاها الخوف من العدالة القادمة ، وثانيها تأكيد الكذب والمراوغة والخداع لزمرة العصابة التي تسمى مجازاً نظام!، وثالثها أن كلامه هذا ،قيل في وقت تشهد حماه وسورية كلها ثورة حرية وكرامة ،هي على أبواب الانتصارعلى هذا النظام الرجس وحقبته السوداء, وأخيرها تثبيت التناغم مع جوقة العصابة وموسيقاها الدموية التي تعبر عن قلة الحياء ،وضعف الانتماء ،وغباء الطغاة على مر التاريخ ، حان الوقت لكي تتعرفوا على حماه وسورية أيها المجرمون.
ما أشبه يوم الطاغية ببارحه ! الطاغية هو هو ! لم يدرك ،ولم يفهم أن الشعب السوري في ثورته الحالية، قد فجر الكمون التاريخي بركاناً على الظلم ، ولازال النظام يهذي كعادته ويجتر نفس خطابه المشروخ !...على من تعزفون مزاميركم أيها القتلة واللصوص؟!هل وصل بكم الأمر إلى هذا الحد من الضحك على النفس والفصام والانحطاط والهذيان ؟!،والبساطة بأن جرائمكم يمكن أن تُنسى، أو تمر بدون محاسبة ؟! أظننتم أن الدم البشري والكرامة الوطنية رخيصة إلى هذا الحد ؟! وأن ذاكرة حماه ضعيفة إلى درجة النسيان ؟! وأن الزمن السوري توقف أمام جبروتكم وطغيانكم ؟! وأن ما أنتم عليه وفيه ،سوف يستمر إلى ما لا نهاية ! فهل تلك الأرواح التي زُهقت ،والأجسام التي مُزقت ،والأبرياء التي قُتلت ، والأم التي ثُكلت ،والمدينة التي نُهبت وحُرقت , والكرامة الإنسانية التي أُهينت , والحرمة الوطنية التي أستُبيحت ؟!،أكل ذلك رخيص أمام نزوات شريرة لمجموعة من القتلة المجرمين الرعاع الذين يحسبون زورا ً أنهم من هذا الوطن ؟!وينتمون إلى تاريخ سورية العريق؟!.
ثلاثون عام ،وحماه تعيش مأساتها نازفةً بصبر،بصمت وكبرياء الانتماء لوطن ، والحرص على نسيج اجتماعي فريد غزله الشعب السوري ببراعته التاريخية ، ثلاثون عاما ً ونحن نضغط على الجراح حتى دون أنين ، حاولنا إخفاء الكثير من فصول الجريمة الوطنية ، قطعاً للطريق على نظام تحلل كلياً في العنف والخداع والمتاجرة وتخويف السوريين من بعضهم ، ورغم حجم المصاب الشخصي الذي أخذ شكل نكبة وطنية عامة ، ممتدة من العائلة والأهل والمدينة والوطن والمشروع التحرري ، ورغم وقوف البعض موقف المحتار أو غير المبالي مما حدث من نكبة وطنية ،كان لها تداعياتها الخطيرة على سورية ومستقبلها ، وآخرين وقفوا مع القتلة لهذا السبب أو ذاك، وآخرين هربوا من حجم الجرائم وتداعياتها ، وآخرين ...وآخرين ...برروا ، ورددوا ، وراهنوا .. على نظام مسخ الشعب السوري وسورية وتاريخها ،ولخصه كله في سورية الأسد إلى الأبد !!!. وصدقوا واستسلموا لنهج الطغاة ...وخالهم أن الزمن السوري توقف عند حضرة المجرمين !.
وصدق وعد الله والتاريخ ، بأن للظلم نهاية , وعلى الظالم تدور الدوائر ، وأن إرادة الشعوب أقوى من الطغاة , وكل حساباتهم وجبروتهم ووهمهم بالخلود ، فكانت حماه على موعد مع ثورة الحرية ، مع حلم نهاية ألم تعزفه نواعير العاصي موسيقى أبدية أصبحت رمزاً لخلود حماه الأبية ، مع أمل بادر إلى تحقيقه أطفال درعا الأبطال ، مفتتحين عهد البطولة السوري الجديد، الذي عم سورية بسرعة وقوة ،فاجأت النظام المجرم وأفقدته وعيه ، وتصرف آلياً بطبيعته الهمجية التي مارسها في حماه 1982 منساقاً وراء ذات الرغبات الشريرة ، وسالكاً نفس النهج الدموي ،ومسترسلاً في تبني عين الخطاب المشروخ ، ناسياً أن الزمن تغير ،والشعب السوري في هذه اللحظة التاريخية تغير ، وتجاوز خوفه ،وكسر حواجز مملكة الصمت والرعب ، الذي اعتاش عليها النظام لعقود ، وانقلب السحر على الساحر.
مابين مأساة حماه 1982 , وثورة الحرية والكرامة الحالية التي بدأها الشعب السوري في الخامس عشر من آذار 2011 ، إرادة شعب قرر أن يتحرر من جلاديه ، مضحياً بآلاف الشهداء الأبرار ، وملحمة تاريخية يخطها الشعب السوري ، بإصرار لا مثيل له في الحرص على الوحدة الوطنية واستمرارية الثورة بطابعها المدني ،رغم تغول العصابة وممارستها القتل والعنف المنفلت من كل قيود، وإرادتها الجبارة في الانتصار على الطغاة ، ووضوح مستقبلها في بناء سورية الجديدة الحرة الأبية الديمقراطية ، وطنا ً لكل أبنائها كما كانت عبر التاريخ مهد الحرف والحضارة والعيش المشترك.
تحية إلى شهداء حماه الأبرار , وإلى شبابها الأبطال الذين فتحوا باب الحرية والكرامة
تحية إلى شهداء وأبطال درعا الذين أشعلوا فتيل ثورة الحرية
تحية إلى حمص وشهدائها وأبطالها ...وإلى باب عمرو الملحمة الأسطورية
تحية إلى شهداء وأبطال ريف دمشق ، الذين أثبتوا لهؤلاء الرعاع أنهم مُحرروا سورية من الاستعمار والهمجية الداخلية .
تحية إلى كل شهداء وأبطال سورية الذين أثبتوا أنهم هم تاريخ سورية الحقيقي ، وأن العصابة المجرمة هي شاذة ودخيلة وزائلة لا محال .
تحية إلى الجيش السوري الحر ، إلى الأبطال الشجعان الذين رفضوا الانصياع إلى أوامر القتلة ، وأعلنوا وقوفهم إلى جانب أهلهم وشعبهم.
تحية فخر واعتزاز إلى ابطال الجيش الحر حماة الديار الحقيقيين ، الذين يدافعون عن المدنيين من همجية القتلة ، والذين أربكوا العصابة وحشروها في خيار الاستسلام أو الهروب .
تحية إلى الشعب السوري البطل الذي يخوض ملحمة الحرية وحيداً ...وإن يوم النصر قريب.
د.نصر حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا