الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميناء مبارك والعراق

فؤاد حمه خورشيد

2012 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



ان الدول البحرية لا تتمتع بمنافع إطلالتها على البحار المفتوحة فقط , بل ان القانون الدولي منحها , وعلى طول امتداد سواحلها , مساحة مائية متاخمة يتراوح عرضها ما بين3-12 ميلا تخضع لسيادتها وتصرفها تدعى بالمياه الإقليمية . ومن هنا اهتمت الجغرافية السياسية بدراسة هذه المياه ومعالجة مشاكلها, وبخاصة في البحار والخلجان والممرات المائية الضيفة والضحلة حيث تتجاور الدول وتتقاسم معا تلك المياه.
ولعل إحدى المشكلات التي اهتمت بها الجغرافية السياسية هي مشكلة المياه الإقليمية العراقية المتجاورة مع المياه الإقليمية مع كل من دولتي الكويت وإيران, ومهما تكن العلة الجغرافية, ومن كان المتسبب, فقد قادت تلك المشكلة الى حروب قاسية لا مبرر لها بين هذه الدول الثلاث (الحرب العراقية- الإيرانية1980-1988)و (احتلال الكويت2 آب 990شباط1991).
ومع ان الجغرافية السياسية تميل الى حل مشكلات المياه الدولية وفق الحقائق الجغرافية والوثائق التاريخية والمعاهدات الثنائية او الجماعية, الا ان هذه المشاكل لا تزال عالقة بين هذه الأطراف رغم وجود تلك الوثائق والمعاهدات والاتفاقات. وهنا تبرز من جديد مشكلة ذات علاقة بالمياه الإقليمية العراقية- الكويتية بسبب مباشرة الأخيرة بإنشاء مينائها العملاق (ميناء مبارك) عند كدخل خور عبد الله الذي تتقاسم مياهه كل من الدولتين وعند الحافة الشرقية لجزيرة بوبيان الكويتية.
بدأت فكرة إنشاء هذا الميناء في الكويت عام 1983 , وأقرته الحكومة الكويتية عام1996, وبدأ العمل فيه عام 2004 بهدف تنمية القدرات الاقتصادية الكويتية وتحويل الكويت الى مركز مالي واقتصادي إقليمي كبير. وكان العراق على دراية بالمشروع منذ عام 2007.
وجغرافيا تبعد حافة رصيف ميناء مبارك عن اقرب نقطة لحافة القناة الملاحية في خور عبد الله مسافة لا تقل عن 1200م, كما تبعد حافة الميناء عن اقرب نقطة من الحدود الدولية4000م.بمعنى ان الميناء جغرافيا يقع بالكامل فوق جزيرة بوبيان الكويتية, أي انه يقع فوق ارض سيادية كويتية وان نشاطاته تنحصر فوق المياه الداخلية لدولة الكويت ولا يتداخل او يمس أي شبر من النصف الثاني من مياه خور عبد الله وهو المخصص للمياه الإقليمية العراقية في ذلك الخور.
لقد كتب العديد من الإخوة عن هذا الموضوع فكانت كتاباتهم تتراوح ما بين طابع متشنج ناقم ومهدد, او معارض من اجل المعارضة, وللأسف لم تكن غالبيتها كتابات موضوعية تنم عن أية معرفة او دراية بالحقائق الجغرافية الخاصة بمثل هذه الموضوعات الحساسة والخطيرة بين الدول, منها القانون الدولي للبحار,طبيعة المياه الإقليمية, حقوق الدول في تلك البحار, سيادة الدول فوق تلك المياه من أعالي الجو وحتى أعماق قاع البحر, ولربما كانوا يتصورون , بكتاباتهم , بأنهم البدلاء عن الدولة او الحكومة التي هي المسؤولية عن كل ذلك. لذا فقد كانت معظمها عبارة عن شعارات وتهديدات مليئة بالعاطفة الفارغة والبعيدة عن الروح الموضوعية والحقائق الميدانية الجغرافية.
يفصل ما بين البر العراقي (شبه جزيرة الفاو)والبر الكويتي (جزيرتي وربه و بوبيان)ممر مائي شبه ضحل يدعى خور عبد الله, وهو المنفذ البحري الثاني يعد شط العرب للعراق نحو مياه الخليج العربي, وتنقسم مياه هذا الخور الى نصفين, الشرقي يمثل المياه الإقليمية العراقية , والغربي هو للمياه الإقليمية الكويتية, وهذا الخور يكون في أقصى اتساع له ( مدخله ) في النهاية الجنوبية الفاصلة بين شبه جزيرة الفاو وجزيرة بوبيان بحدود 20كم ,أي باتجاه الخليج , لكنه يبدأ بالضيق كلما اتجهنا شمالا ليصبح عرضه عند ميناء مبارك زهاء 8 كم, ويصبح اكثر ضيقا عندما يجتاز جزيرة وربه الكويتية ويصل الى ميناء أم قصر العراقي. وتبعا لهذا التقسيم فان هذا الميناء سوف لن يمتد ولا يمس او يتجاوز على أية مساحة تذكر من النصف الإقليمي لمياه العراق في ذلك الخور حتى بعد ان تكتمل المراحل الثلاث لذلك الميناء.كما انه سوف لن يخنق العراق اقتصاديا ولا يتحكم بتجارته البحرية, بل ان قيام العراق بانجاز ميناءه الخاص(ميناء العراق الكبير) عند رأس الخليج العربي من شانه ان ينافس ميناء مبارك الى حد كبير.
ومع ان المشكلة او الالتباس حول إنشاء هذا الميناء الكويتي قد اثأر جهات عديدة في الدولة العراقية حول جدوى واحتمالية تأثير هذا الميناء على حرية الملاحة العراقية في خور عبد الله مستقبلا فان المباحثات كانت ولا تزال قائمة ومفتوحة بين البلدين الجارين للوصول الى تفاهم مطمئن حول هذا الميناء وحرية الملاحة في المياه الإقليمية العراقية في ذلك الخور, فقد استقبلت دولة الكويت وفدا عراقيا في الفترة من26-28 ايار2001 وتم اطلاعه على كافة التفاصيل وأيدت الحكومة الكويتية استعدادها على تنفيذ القرار الدولي المرقم 833لسنة1993 الذي نص على (احترام الحق في المرور الملاحي وفق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة إضافة الى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المرقم 25811/5بشأن تخطيط الحدود بين الدولتين). ويبدو ان العراق مستعد أيضا لإجراء حوار شامل وجاد مع الجارة الكويت حول الموضوع والموضوعات العالقة الأخرى.
ان مد جسور المحبة والإخوة ونبذ الحساسية العدائية القديمة , ووضع النقاط على واقع الخرائط الجغرافية التي سترسم لكل طرف حقه وسيادته على مياهه الإقليمية , ويمنحه ذلك الحق السيادي حرية
استثمار أراضيه ومياهه الإقليمية, هو الحل الأمثل لإنهاء المشاكل المختلفة بين الدولتين الجارتين, ويعزز الثقة والتفاهم والسلام بينهما لخدمة مصالحهما الثنائية وتمتين علاقاتهما الاقتصادية والثقافية والأمنية والدبلوماسية الى أمد بعيد ودائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - به زير كاك فؤاد
وليد حنا بيداويد ( 2012 / 2 / 2 - 21:00 )
به ريز كاك فواد، سلاويكى كه رم.. ولله لو منحت ثروات الارض كلها لمسولى العرب لما شبعوا بها لماتت شعوبهم فقرا اكثر مما هم الان. فلا تتصور ان العرب سيكون بامكانهم الوصول الى عشرة بالمئة فى احسن احوالهم فى الدولة التى تعيش انت فيها الان
تحية حارة .. سلاويكى گه رم
برات
وليد

اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم