الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الإنفعال

جقل الواوي

2012 / 2 / 2
كتابات ساخرة



حَركَت الإنتفاضة السورية القاع السياسي الراكد و فرضت حياتا "سياسية" على كل السوريين هكذا فجأة تحتم على كل سوري أن يكون صاحب موقف و رؤية "و خارطة طريق" و خلافة، دون أن يكون السوري مالكا "لعدة" سياسية، فقد كان و لعقود غارقا في "سبات" سياسي عميق، مصدر معلومات شحيح و ربما مغلوط المعلومة ذاتها خاضعة "لرقيب عتيد" جائر لا يقص بقدر ما "يقرض" ووسيلة تعبير بدائية "مفلتره" و ذات مدى مجدي قصير،و كل ذلك برعاية المخابرات.و بحكم مثل هذا التعتيم السياسي تحولت حياة السوريين السياسية الى شعارات و مقولات "مسبقة الصنع" ذات فحوى مهلهل ترددها الألسنة بشكل عفوي أو إنعكاسي.الآن و الحدث سياسي كيف ستكون ردات الفعل السياسية لمن لا يملك "حواسا" سياسية.

الرجل الوحيد الذي يمكن أن يمارس السياسة دون خوف هو رئيس الجمهورية فالدستور يتيح له وحده هذا الحق، و رغم ذلك لم يمارس الرئيس "بنسختيه" اي نوع من أنواع السياسة فقد كان يقود الداخل عبر "شلة" من التكنوقراط المشكوك بكفائتهم و غير المشكوك بولائهم و باسلوب "التجربة و الخطأ"، مع دور أساسي لفرع مخابراتي أو أكثر يتغلغل من خلف ظهر الإدارات المدنية و ينقل معلومات الى الرئيس ليس من الضروري أن تكون صحيحة، و كان الرئيس يقود الخارج بلعبة توازنات يمكن تبرير تناقضها بسهولة المهم أن تبقى خيوط كثيرة بيد الرئيس و في هذا الوسط تنشط المخابرات أيضا بشكل أكبر فهو المناخ الملائم لتأمن قوت إستمرارها. لا يمكن إعتبار تحركات من هذا النوع سياسة لأن نتائجها ذات طبيعة محلية و مؤقته و شخصية و قد تكون مزاجية إيضا، و عندما أتيحت فرصة ذهبية ليكون الرئيس سياسيا للمرة الأولى في حياته و ذلك بعد الخامس عشر من آذار أدار ظهره للأمر و أعتمد لإدارة الأزمة على أفرع مخابراته أكثر من السابق و أخضع لهم بشكل مذل قادة الجيش.و في خطاباته جميعها و لقاءاته مع الإعلام المحلي و العالمي أظهر بوضوح حساسية رجل الأمن و النقابي البيروقراطي الذي تجاوزته القوانين، و لم تبدو عليه على الإطلاق سحنة السياسيين.

حالة كهذه وضعت "المتحدثين" باسم النظام في حالة يرثى لها فقد ظهروا ككتيبة من "البجم"، يرددون الشعارات و المقولات إياها مع تحوير شكلي يناسب الحالة دون إقتراب أو حتى ملامسة الحدث الفعلي، و قد كرس هؤلاء حضور إعلامي نبرته عالية و قيمته منخفظة لم يبرر او يوضح غياب السياسة المطبق و حضور الأمن و الجيش، و ظهر لديهم جهل كبير بمفهوم المعارضة و تم الخلط بشكل كبير بينه و بين مفهوم "العدو" فتساوت التسميتان الى حد التطابق و تم تبرير إستخدام القوه عبر هذا الخلط بين "الكلمتين".، يقف وراء المشهد أجهزة أمنية توفر للمتحدثين "وسائد" كقصة زينب الحصني و سواها. و قد تم إستهلاك الكثير من ساعات البث التلفزيوني التابع للنظام في سرد أحاديث "مطمئنة" و قراءات و تحليلات شديدة التكلف هدفها الأساسي التعمية و الحجب، بتركيز شديد على أن النظام باق بدون أن يلاحظ هؤلاء أن تطورا ملحوظا قد طرأ على الجمهور "بشقيه" بعد مرور كل هذا الوقت.

أنسحب الأداء السياسي الضعيف على التشكيلات المعارضة التي تكتلت خلف الشوارع المنتفضة،تشكل المجلس الوطني بعد تردد كبير و ساهم في تشكيله قوى إقليمية ، صبغت ردود الفعل و إزدواج المواقف معظم تحركات المجلس. أعضاؤه يتحدثون في الجلسات الخاصة و "شبه العامة" عن التدخل العسكري كحل وحيد ، بينما يستغرق مجلس الأمن الليل بطولة محاولا أصدار قرار إدانه بسيط و يفشل في ذلك. المجلس الوطني "يعتقد" بأن السماء ستمطر "خبز مرقد" بمجرد أن يحدث تدخلا خارجيا ،موقف تتدخل فيه العاطفة بشكل كبير و قد تكون الدموع المسفوحة من بعض الأعضاء دليلا على ذلك.، اما هيئة التنسيق فترغب بإزاحة النظام عبر الشعار الذي لفحة البرد "سلمية"،و هو موقف آخر يعتمد على العاطفة المشوبة بكثير من الرومانسية دون الإلتفات الى إنخفاض كفائة الجسد الآدمي أمام الدروع العسكرية. كلا الشعارين لا يستندان الى السياسة كعلم يقارب الممكن لتنفيذه، جر التدخل الخارجي "من شواربه" غير ممكن لإعتبارات تخص الخارج ذاته و هو أن حصل فسيطيل عمر النظام و يخلق بلبلة داخلية يمكن أن تتحول الى مواجهات داخلية داخلية ليست طائفيه فقط و ربما مناطقيه، مما يعني تَحول الإنتفاضه الى مجرد صراع، اما السلمية فقد تذوي بسهولة أمام البطش و البرد ومعدلات الهطولات المطرية المرتفعة. يتحكم في كلا الشعارين دفق من الإدرنالين يعطل جزئيا العمل الواعي.

و إذا كانت لغة رجال النظام "خشبيه" فلغة رجالات المعارضة "كتانيه" بعضهم يقتصر على السب و الشتم و إظهار الإنفعال و قد سقط فك أحدهم من شدة الوطنيه و هو يتحدث،و شهدت إستديوهات تلفزيونات شهيرة جولات لكم و تراشق بالكراسي، مما يعني إن الحوار كان مفقودا لصالح التشنج، و قد يعتقد متحدثي المعارضة بأن المبالغة في إضهار العداء للنظام هو موقف وطني قد يستدعي المكافأة، و العداء للنظام هو وصلات سباب و شتائم و إظهار عواطف و ربما سخرية.

نجح النظام بحذف مفهوم السياسة من القاموس السوري، ولأنه حرمها على الجميع عجز عن ممارستها بإعتبارها تحتاج الى طرفين، و عندما ظهر طرفين فيصلهما سياسي، اصبح النظام كائن "عصبي" يتمترس خلف دبابة ، والمعارضة كيان "عاطفي" ممسك بخيارين المسافة بينهما شاسعة يملأها "الفراغ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07