الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة الغرب في الربيع العربي

حسن محمد طوالبه

2012 / 2 / 2
السياسة والعلاقات الدولية


سبق ان وصفت موقف الدول الغربية من ما سمي بالربيع العربي , بأنه موقف انتهازي , وموقف فيه كثير من النفاق , كما انه موقف ليس صادقا في نواياه ابدا .
ومما يلفت الانظار هو ان الدوائر الغربية البحثية والسياسية لاتخفي خططها ازاء الاخرين , فعندما انهار الاتحاد السوفيتي , وانتهت مدة الحرب الباردة , ومعها القطبية الثنائية , اعلنت الادارة الامريكية ان القرن الحادي والعشرين سيكون قرنا امريكيا , وان النظام الدولي هو نظام احادي القطبية . وعندما عينت ( كونداليزا رايس ) وزيرة للخارجية الامريكية في عهد بوش الابن , واثناء استماع الكونغرس الامريكي لافادتها حول مهمتها المقبلة في " الشرق الاوسط " , لمنحها الثقة في منصبها الجديد قالت " من مهماتي انهاء حلفائنا او التخلص منهم , لان دورهم قد انتهى " , وهذا ما حصل في تخلي الادارة الامريكية عن هؤلاء الحلفاء بسرعة , وهذا يعني ان الغرب لا يعرف اي معنى للصداقة بينهم وبين الدول الاخرى وخاصة في عالم الجنوب , ولا يثق زعماء الغرب بزعماء دول الجنوب .
ان عدم ثقتنا بالغرب ات من السجل المخزي لدول الغرب ازاء العرب وازاء قضاياهم المصيرية , فدول الغرب وخاصة بريطانيا هي المسؤولة عن مأسي العرب وبالذات الشعب الفلسطيني , الذي يعيش المأساة منذ اكثر من 60 سنة .كما ان مشاكل العرب الحدودية بين اقطارهم سببها بريطانيا , فكل قضايا الحدود بين العراق وجاراتها , وبين دول الخليج العربي , والاردن وجاراتها سببها بريطانيا ايضا .فهي التي رسمت الحدود بين هذه الدول , وخلقت لها مشكلات مزمنة تتفاعل بين حين واخر , وسببت الحروب بينها .
قد يقول قائل ان هذه الكلام فيه تجني على الغرب , او انه غيرة من تقدم الغرب وتأخر العرب بالمقابل , نعم لقد تقدم الغرب لاكثر من سبب , وتأخر العرب ايضا لاكثر من سبب , ليس الان مجالا لتكرارها , اذا بينت هذه الاسباب في مقالتي السابقة بعنوان " تقدوموا وتاخرنا .. لذلك كانت الانتفاضات العربية " المنشورة في " الحوار المتمدن " ايضا .ولكني سوف استشهد بشهادة مفكر غربي , هو ( د . يورغن دفهوفر ) الذي كتب دراسة في صحيفة ( سيليش زايتونغ ) , ونشر ترجمتها موقع البصرة , هذه الشهادة تتطابق وتتفق مع ما سبق ان قلناه في موضوع الانتفاضات العربية , ولا اقول الربيع العربي , او الثورات العربية , لان ما حدث لا ينطبق عليها وصف الثورة , لان الثورة معلومة القيادة والاتجاه السياسي , ومحددة الاهداف , كما ان مصطلح الربيع العربي مستوحى من ربيع براغ .ولا اريد الخوض في المصطلحات , ولكني اتوقف عند ابرز النقاط التي وردت في مقالة المفكر الالماني :
1 . كثيرا ما ادعى الغرب انه ينشد الحرية والمساواة عندما يتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجنوب , او عندما ينادي بشعار " تقرير المصير " , ولكن الحقيقة ان دول الغرب تنظر بعين سحرية الى مصالحها في هذه الدول الجنوبية . وهو ما يقره المفكر مورغن بقوله " لم يكن نشر الحرية والمساواة والاخاء وادخال الديمقراطية الى الوطن العربي من اهداف الغرب , فالحرية بالنسبة للغرب لا تعنيهم مطلقا " , "ولقد تعامل الغرب مع الثورات انظلاقا من مصالحه , فهو لم يكن معنيا بنشر الديمقراطية في العالم العربي , لا في الفترة الاستعمارية ولا الان " .
2 . دعمت الدول الغربية كل الملوك والزعماء والحكام المستبدين , الظالمين لشعوبهم , وعندما انتهت صلاحياتهم تم التخلي عنهم , " الغرب دعم الحكام والملوك المستبدين المستعبدين لشعوبهم , المستعدين لتلبية وتبني سياسات الغرب الخارجية , مقابل حصولهم على السلاح والدعم المالي " .
3 . دعم الغرب الانظمة المستبدة والحكام الدكتاتوريين بدعوى انهم يحاربون الارهاب , ويشتركون مع الغرب في هذا الهدف ." ولكن الانتفاضات العربية فضحت زور وزيف استخدام الغرب لشعار الارهاب الاسلامي , لتبرير دعمه للانظمة المستبدة , وصور ان القاعدة هي الخصم الحقيقي لهؤلاء الحكام المستبدين " . وفي الحقيقة تبين ان الانتفاضات العربية هي ضد الانظمة المستبدة وضد الارهاب معا , ومن ثم هي ثورة ضد الصورة المشبوه التي صنعها الغرب حول بعبع الاسلامافوبيا " .
4 . حاول الغرب ان يجعل من الانتفاضات العربية فرصته التاريخية " لاعادة تشكيل الشرق الاوسط وفق تصوراته " , وما حماس الادارة الامريكية للانتفاضات العربية الا لتعزيز مصالحها في شرق اوسط كبير, وليس تعزيز الديمقراطية كما تظهر الدعاية الغربية " .
5 . الانتفاضات العربية " تشبه المعجزة بقوتها وتأثيرها السحري " , والانظمة المستبدة لم تدرك ديناميكية السلوك الجمعي الذي اكتضت به الساحات والميادين في العواصم العربية , ولم تتعامل معه في الوقت المناسب , ولذلك كانت ردة فعلهم بطيئة وغبية ولا مبالية , ولذلك فقد الزعماء فرصتهم , فكان امام الجماهير المنتفضة والقوة الخارقة فرصة لازالتهم واجبارهم على التخلي او الهرب او الوقوع بأيدي الشباب لينتقموا منهم اشد انتقام . وهكذا ولى زمن المستبدين غير المنتجين الى غير رجعة .
6 . بات من المنطقي في زمن الاتصالات والاعلام , ان تسقط الهياكل الاستبدادية المتحجرة , التي هي من مخلفات عصر ما قبل الصناعة , لانها باتت غير قادرة على مجاراة العصر الصناعي في مرحلته الثالثة .
7 . من المرتكزات المهمة التي ظهرت ورافقت الانتفاضات العربية , الاعلام وبالذات الفضائيات والشبكة العنكبوتية الخارقة للحدود والفضاءات , وقد برز دورها ليس في نقل الخبر , بل في التحريض والتحشيد ضد الحكام المستبدين .
لقد يرز نفاق الغرب جليا في اتصالهم مع التيارات الاسلامية التي فازت في الانتخابات البرلمانية في تونس والمغرب ومصر , واستعداده للتعاون مع هذه التيارات التي ستحكم هذه البلاد في السنوات المقبلة . في حين كان الغرب من اكثر المحرضين ضد هذه التيارات ويدعم الحكام المستبدين بدعوى انهم يحاربون هذه التيارات المتهمة بالارهاب . بعد ما نشهده اليوم وما شهدناه بالامس , هل نثق بكلام الغرب , وهل نصدق اقوالهم الداعية الى الحرية والمساواة والديمقراطية ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام