الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية سياسية ... هجينية – 5 – والاخيرة .....

حميد غني جعفر

2012 / 2 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ومن هذا الذي تقدم فإن الشارع العراقي قد نزع ثقته تماما من هؤلاء السادة المتصارعين على الكراسي والذين فقدوا أية مصداقية لهم ولم يحققوا للشعب الوعود التي قطعوها على أنفسهم عند الانتخابات ، وانشغلوا بالصراعات على المغانم تاركين الشعب في بحر من الهموم والمعاناة المرة وابتداءا من سوء الخدمات الأساسية بما في ذالك المدارس الطينية منها والمهدمة التي لازال تلاميذها يجلسون على الأرض وفقدان الأمن والاستقرار والبطالة المتفاقمة والارتفاع الفاحش في تكاليف المعيشة وأسعارالمواد الغذائية وسوء مفردات البطاقة التموينية وتعثر انسيابيتها هذا والكثير الكثير من الاحتياجات الضرورية والأساسية التي تتطلبها أبسط مستلزمات الحياة اليومية الآدمية ، ناهيك عن الفساد المالي والإداري والاختلاس وسرقة المال العام الذي غرقت فيه الدولة – بكل مفاصلها – من رأسها حتى أخمص قدميها – كل هذا مع تواصل تهديدات قوى الإرهاب ، حتى بات المواطن العراقي في حالة من التذمر والاستياء واليأس والإحباط ، فهل بعد كل هذه الأوضاع المأساوية المزرية ثمة أمل في الإصلاح ؟
نحن نقول - ومن منطلق الإيمان والثقة بشعبنا – نعم أن هناك أمل فإرادة الشعب هي الأقوى – دائما – وعندما يعي الشعب ويدرك مصالحه ويلتف حول قواه الوطنية الحية والمخلصة قادر على تحقيق الأمل في الوقوف بوجه الذين زرعوا البؤس وابتعدوا عن النهج الوطني السليم ، وقد تجسد هذا الأمل في المذكرة التي قدمها الحزب الشيوعي العراقي إلى الرئاسات الثلاث والمسؤولين من قادة الكتل السياسية – قبل حوالي ثلاثة أشهر - والتي جاء في مقدمتها – الوضع خطير والحل في احترام الدستور والتنازلات المتقابلة أو الانتخابات المبكرة – وسلمت المذكرة إضافة إلى الرئاسات الثلاث – رئيس إقليم كردستان والمسؤولين الآخرين والسلطتين التشريعية والتنفيذية وتناولت المذكرة مجمل أوضاع البلاد السياسية الراهنة وما تنطوي عليها من مخاطر وتحديات وسبل الخروج منها – وبصورة سلمية ديمقراطية ودستورية ، وهذه بعض المقاطع من المذكرة
( لا يخفى على حضراتكم ما يمر به عراقنا العزيز من أوضاع عسيرة وصعوبات كبيرة وما يواجهه أبناء الشعب من تدهور أمني جدي ومشاكل معيشية وحياتية واقتصادية متزايدة ومن تفاقم المعاناة جراء سوء الخدمات وندرة فرص العمل واستشراء الفساد واستفحاله بصورة نادرة المثال وبما يهدد عملية البناء السياسي والاقتصادي واعمار البلاد إلى جانب تفاقم أزمة نظام الحكم وتعمق أجواء عدم الثقة بين الكتل السياسية النافذة واشتداد التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين ممثليها ، ثم تقول المذكرة – لقد خذل الأداء السياسي وممارسات الكتل الحاكمة آمال الجماهير الواسعة وأضعفت – وقائع الفساد والتزوير – تفاؤلها في إمكانية بناء قريب للعراق الجديد عراق الديمقراطية والمؤسسات الدستورية والقانون – عراق الكرامة والنزاهة والعدالة الاجتماعية والحياة الإنسانية اللائقة لجميع أبناءه على حد سواء ) وبهذا الصوت المخلص والحريص على مصلحة الشعب والبلاد والسيادة الوطنية طرح الحزب الشيوعي خيارين للخروج بالبلاد من أزمتها أما باحترام الدستور – والاحتكام إليه والتنازلات المتقابلة ، وعقد مؤتمر وطني عام لكل القوى السياسية – المشاركة في الحكومة والبرلمان – وغير المشاركة بالجلوس إلى طاولة مستديرة – تجمع كل القوى – لدراسة أوضاع البلاد عموما ووضع برنامج عمل مشترك وملزم للجميع وأما بإجراء انتخابات مبكرة وهذا هو الحل الأمثل والأسلم للخروج بالبلاد من أزمتها ، كما وحذر الحزب من مغبة التمادي في الصراعات وما يمكن أن تؤول إليه البلاد من منزلقات خطيرة تقود البلاد إلى مصير مجهول بفعل تلك الصراعات اللامسؤولة وقد حظيت هذه المبادرة برعاية رئيس الجمهورية بتبني هذه المبادرة ووجه الدعوة إلى جميع الكتل السياسية بضرورة عقد المؤتمر الوطني العام ، وقد أعلنت جميع الكتل موافقتها على المشاركة في هذا المؤتمر وبذل رئيس الجمهورية جهودا حثيثة في التحضير للمؤتمر وعقدت اجتماعات بين الكتل المتصارعة – تمهيدية – وتشكلت لجان تحضيرية في البرلمان لهذا الغرض ، كما واتفق على عقد لقاء – تمهيدي - آخر بين الكتل السياسية ، لكنه لم يعقد بذريعة عدم وجود السيد رئيس الجمهورية بسبب رحلته العلاجية إلى ألمانيا ولم يكن هذا السبب مقنعا وكان يمكن عقده بحضور من ينوب عنه أو من قائمته ، لو كانت هناك الجدية والاهتمام من الكتل المتصارعة ، ومع أن الجميع اتفقوا على ضرورة عقد المؤتمر إلا أنهم – وعلى ما يبدو – قد اتفقوا على أن لا يتفقوا ، وتفجرت أيضا خلافات ثانوية حول مكان انعقاد المؤتمر وجعلوا منها أزمة سياسية كبرى ، هذا يريد عقده في إقليم كردستان والآخر يرفض حضوره إلى هناك ويدعو إلى عقده في بغداد والأخر يرفض مشاركته في بغداد وهكذا – جيب ليل واخذ عتابة – فهل بربكم أن يكون مكان انعقاد المؤتمر موضع خلاف و مشكلة عويصة وما هي صلة المكان بجوهر موضوع المؤتمر- إن كان في بغداد أو في السليمانية – فالمؤتمر طرح أساسا لحلحلة الأوضاع والخروج بالبلاد من أزمتها عبر برنامج عمل وطني مشترك تتفق عليه كل الأطراف وملزم للجميع – وليكن في بغداد أو السليمانية – والمهم هو التوافق والوفاق بين جميع القوى السياسية التي يعز عليها مصالح الشعب والوطن ويحرص على سيادة واستقلال البلاد ، ولا زالت هذه الخلافات المفتعلة – السقيمة – والتراشق الإعلامي قائمة بين المتصارعين وهم بانتظار عودة رئيس الجمهورية من رحلته العلاجية ويرى الشارع العراقي في كل هذه الخلافات المفتعلة مؤشرات على عدم الجدية أو الحرص على مصير ومستقبل الشعب والبلاد ، فالمهم مصالحهم الذاتية – الأنانية – الشخصية أو الحزبية أو الطائفية – بعيدا عن المصالح الوطنية العليا وهذا ما يؤكده تصريح – دولة القانون – مؤخرا من أنه لا حاجة لعقد مؤتمر وطني ،ويقلل من أهميته على أنه لا وجود لأزمة سياسية في العراق ويكفي عقد لقاءات بين الكتل
ومن هنا فإنه حتى الآمال بعقد المؤتمر الوطني لإنقاذ البلاد من محنتها باتت ضعيفة وعلى هذا – وكما أسلفنا – بأن إرادة الشعب هي الأقوى بوحدة صفوفه والتفافه حول قواه الوطنية المخلصة لينطلق ومن جديد بثورة من الاحتجاجات السلمية المتواصلة بصورة أكثر عزما وصلابة – من تلك التي بدأت في شباط الماضي – وبنفس أطول – وبممارسة شتى الضغوطات على الكتل الحاكمة حتى ينصاع الحكام لإرادته الحرة في الإصلاح والتغيير في بناء دولة المواطنة القائمة على مؤسسات دستورية مدنية لتحقيق العدالة والمساواة والعيش الكريم لكل أبناء الشعب ولنا في هذه الأيام العبرة والدرس الكبير الذي ينبغي استخلاصه من وثبة كانون المجيدة عام – 1948 – التي حقق الشعب فيها إرادته الأقوى بفضل وحدة قواه الوطنية المناضلة – الحزب الشيوعي العراقي – الحزب الوطني الديمقراطي – حزب الاستقلال – حزب الشعب – تلك الوثبة العارمة التي أرعبت بريطانيا وحكومة صالح جبر العميلة وتراجعت عن عقد الاتفاقية المهينة ثم أسقطت الحكومة وانتصرت إرادة الشعب ، واليوم نحن بأمس الحاجة إلى الوحدة والتلاحم بين كل قوى شعبنا الوطنية والديمقراطية والمتجسدة بقوى التيار الديمقراطي وبشعور من المسؤولية الوطنية للنهوض بالشعب والبلاد إلى الواقع الأفضل و ممارسة الضغط بكل أشكاله لتصحيح مسار العملية السياسية .
إذن فالحل هو بوحدة الشعب وقواه الخيرة وبنضال متفاني ومتواصل – لا موسمي - من أجل انعقاد المؤتمر الوطني العام فهو المخرج الوحيد للخروج بالبلاد من أزمتها – أو بإجراء انتخابات مبكرة – لبناء دولة المواطنة والمؤسسات الدستورية المدنية وبناء مجتمع الرفاهية والعدالة الاجتماعية وإعادة الإعمار والتنمية والنهوض في الاقتصاد العراقي إلى سابق عهده .


حميد غني جعفر ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية