الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما همس لي الجّرح

محمد فوزي راشد

2012 / 2 / 3
الادب والفن


شعرها الأسود الفاحم بالكاد يصل إلى كتفيها ..
نظراتها دافئة و آسرة ..و فيها ..ثقة كبيرة .. بقدرتها على سحري ..
لاتزال تقف تنظر إلي بعينين كبيرتين .. رائعتين.. ما أجمل هاتين العينين .. خاطبت نفسي .. ما أروع السحر الذي ينبعث منهما ...

كان ذالك الشاب مصاباً برصاصة في صدره .. كان يرشح من جرحه لون القرمز .. و بدا كأن الجرح سيهمس لي بكلمات .. اقترب أكثر .. اقترب أكثر ..
ماذا يريد أن يقول لي هذا الجرح الشهيّ ...
كنت قد رأيته يخرج مع أترابه إلى المظاهرات في ساحة مدينتنا.. كانوا يرددون الهتافات و الأغاني ..
و بعد كل اعتقال كانوا يعيدون سيرتهم الأولى ,مظاهرات , سهرات احتجاج ليلية صاخبة بالأغاني , وفي اليوم التالي كانوا يسيرون في جنازة صديق لهم , قتلته عصابة ,سيطرت على الوطن بقوة السلاح و النار .
في أحد الأيام اعتقلوا أباه, وبعد أن خرج أبوه من المعتقل, تغيرت نظرات الفتى, وصارت ضحكته أكثر يقيناً و صوته أكثر ثباتاً, كأنه قد كبر عشر سنين في أسبوع واحد وصار كلما اجتمع و أصدقاؤه يتهامسون.
لم أعد أرى ذلك الفتى كثيرا, و لم أعد أرى سوى واحد أو اثنين من أصدقائه.

لقد كحّلت عيناها, مثل بنات العرب, ما أروع هاتين العينين... خاطبت نفسي ..
كنت أخاف من الاقتراب منها, كنت أخاف من إغراء عينيها, كنت أخشى أن أتردى في عشق مُميت.

اقتربت من ذلك الفم القرمزي الشهيّ, ارتجف قلبي , كان الجرح يشدو بأصوات ملائكية.
شعرت بنفسي و أنا أهوي في عشق غامض قاتل , حاولت الإمساك بخصلة من شعرها الأسود الفاحم ,
حاولت أن أمسك احد أصابعها , لكنني كنت ابتعد كمن يجذبه ثقب أسود.

تلك التراتيل يتردد صداها في عقلي من ذلك الجرح الشهيّ .
كانت تشدني إلى تلك العلاقة المغرية , المرعبة , لقد أسرتني همسات جرحك يا فتى .

عذراً فاتـنـــتي , اعتذر من عينيك , فعلى الطرف الآخر تنتظرني فتيات ينشدن بأصوات لاهوتية كأجراس من زجاج,
غناؤهن يسلبني إرادتي , عيونهن سود و شعورهن طويلة لم أر مثلهن قط ,هل سمعت يا غاليتي , يقال لهن الحوريات .
لقد أقسم الكثيرون أنهم سمعوا تلك الأصوات مثلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة