الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستيفانو كياريني: إكليل غار على جبين فلسطين

محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)

2012 / 2 / 3
الادب والفن


صباح السادس عشر من أيلول/سبتمبر من العام 2000، كانت الوفود تتزاحم حول نقطة التجمع عند مدخل مخيم شاتيلا الشمالي. انطلقت المسيرة عبر شارع شاتيلا الرئيسي مروراً بشارع الشهيد (أبو حسن سلامة) وصولاً إلى المقبرة الجماعية لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا قرب محطة الرحاب جنوب المخيم.

في طليعة المسيرة رؤساء الجمعيات الأهلية التي نشأت وترعرعت في المخيم، يزاحمهم على الصف الأول قادة الفصائل الفلسطينية، بينما تراجع أهالي الضحايا إلى الصفوف الخلفية مفسحين المجال لأصحاب الوجاهة كي ((يأكلوا الجوّ)). من بين الوفود حضر وفد إيطالي مميز، فيما غابت الوفود العربية، مع أن الدم الذي سال في صبرا وشاتيلا له ذكرى وذاكرة!
بدأ الاحتفال وتوالت الكلمات المنددة والشاجبة والمستنكرة للمجزرة ولمرتكبيها. ثم ألقى كلمة الوفد الإيطالي رجل ذو لحية شقراء يتخللها الشيب، ملامحه شرق أوسطية؛ فقدّم اعتذاراً لعوائل الشهداء وقال: ((لأننا نسيناهم لفترة طويلة، ولأننا خلال 18 سنة عشنا حياتنا بشكل طبيعي. بينما كان هناك أمهات وأبناء وشعب يتذكر بحزن وألم هؤلاء الشهداء.. هؤلاء الشهداء لم يدفنوا بكرامة كما دُفن الكثير من الشهداء في العالم..)). كان صوته مدوياً وله وقع الصاعقة على رؤوسنا، كان وفياً لشهدائنا ولدمائهم الزكية.
اقتربتُ منه بصعوبة من شدة الزحام، هو لا يتكلم العربية وأنا لا أتكلم الإيطالية، رغم ذلك كنت أشعر بأن ثمة رابطاً قوياً يجمعنا، كنت أشعر بأنه يقدم لي العزاء والصداقة الأمل، عرفت من عيونه أنه يعرف معنى الفقر والحرمان، ومعنى عذاب اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، ويعرف معنى أن لا يكون للإنسان وطن.
إنه الصحافي الإيطالي ستيفانو كياريني محرر صحيفة ((المانيفيستو)) الإيطالية.
يومها، غادرت الوفود الأجنبية المكان يرافقها عدد من القادة الفلسطينيين لاستضافتهم في المطاعم الفخمة والمآدب العامرة في العاصمة بيروت. أما أهل الضحايا فعادوا أدراجهم إلى الأزقة الضيقة التي لا تسمح إلا بمرور شخص واحد فقط في معظم الأحيان، وإلى البيوت المتداخلة التي لا تدخلها الشمس حتى في وسط النهار حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات صحية.
بغياب ستيفانو فقدت فلسطين صديقاً ومناصراً ومناضلاً وفلسطينياً شريفاً عمل من أجل حق الشعب الفلسطيني بأرضه وكرامته.
ستيفانو كياريني، أنت صاحب ضمير إنساني، ومناضل وصاحب مبادئ، أنت إكليل غار على جبين فلسطين. نحن لا ننسى من لا ينسى شعبنا، ونعاهدك على أن نستمر في الكفاح حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني، لتشرق شمس الحرية.
وداعاً ستيفانو.. لن ننساك أبداً!

من هو ستيفانو كياريني (Stefano chiarini)؟

من مواليد أيلول/سبتمبر 1951. ارتبط اسمه باسم فلسطين، وهو صديق فلسطين، مؤسس لجنة ((كي لا ننسى صبرا وشاتيلا))، وهو من كان ينظّم كل عام حملة التضامن في صبرا وشاتيلا، ويعتبر من أبرز المناضلين الأمميين الذي لا يهاب في مواقفه أي ضغوط قد تمارس عليه. كان يكتب يومياً عن فلسطين ومعاناتها، عن العراق ولبنان، حتى قيل فيه: ((أينما وُجدت المقاومة تجد ستيفانو وقلمه المخلص الصادق)). هو الذي جاب إيطاليا طولاً وعرضاً متحدثاً عن فلسطين، ومديناً للاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وكان من المبادرين لتأسيس منتدى فلسطين في مدينة روما.
عمل كمراسل لصحيفة ((المانيفستو)) الإيطالية من إيرلندا وفلسطين والعراق وأماكن كثيرة في العالم على مدار خمسة وعشرين عاماً. متزوج من السيدة إِلينا (Elena) وله منها توليا (Tullia) وعمرها 12 عاماً ولوسيو (Lucio) وعمره تسع سنوات. نجا من محاولة اغتيال بعد أن ألقيت قنبلة على مكتبه في مبنى جريدة ((المانفيستو)) بمدينة روما.
توفي، بصورة مفاجئة في روما في 3-2-2007 إثر جلطة حادة، بينما كان يداعب أحد أطفاله بعد أن انتهى من كتابة مقالة عن العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في