الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفوضى الخلاقة في مصر

فؤاد حمه خورشيد

2012 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لست عربيا, لكني أجيد العربية مثلما يعرفها أهل الضاد . من هنا تكونت لدي صلة قوية بالثقافة العربية , فتابعتها , ونهلت منها ومنها أيضا, تملكني حب مصر وأهلها وثقافتها وفنونها وآدابها وعلومها الدينية ودورها السياسي الريادي للعالم العربي وأهميتها في موازين القوى الشرق أوسطية لعقود طويلة من الزمن, أما ماضيها فحدث عنه بلا حرج أو خوف, لذا حق على أهلها ان يسموها ب( أم الدنيا ).

( أم الدنيا ) هذه الأيام , دارت عليها الدوائر, واختلطت فيها الأوراق , وساءت فيها الأحوال, وضاق اقتصادها حد الكفاف, وعم فيها الخوف وانعدام الأمن, وانتشرت فيها فرق الموت والبلطجة , وعم التوتر والهلع كل بيت وزقاق وحي. فبعد تنحي الرئيس مبارك في 11فبراير(شباط)2011 وحتى يومنا هذا برزت في الساحات المصرية ما دعته يوما وزيرة الخارجية المصرية ب ( الفوضى الخلاقة ), وهو مصطلح سياسي تتمسك به اليوم النخب الأكاديمية وصناع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية, مدعين أن خلق مثل هذه الفوضى السياسية والأمنية في دول ( الربيع العربي) وأمثالها من بلدان الشرق الأوسط ضرورة لابد منها باعتبارها فوضى ( خلاقة ) أي أنها تتمتع في النهاية بايجابيات الخلق والبناء الذي قد يأتي بعد فترة من الفوضى المتعمدة, وخراب الديار, وسبي العباد, وتدمير البني التحتية للبلاد , وتخدير شوبها وإلهائها بالانتخابات والأطر الديمقراطية وصراعاتها وأزماتها التي قد لا تنتهي الا بعد مرور عقد او عقدين من الزمان من الصراع على السلطة في أي من هذه البلدان.

ان الانفلات الأمني الذي نشاهده هذه الأيام في ( أم الدنيا) وافتقارها الى حكومة ذات وزن وسيطرة على الشارع, وتراجع هيبة الدولة ومؤسساتها , وانتشار الفوضى العارمة في كل مدينه وشارع وميدان, وتدفق المظاهرات والمسيرات الاعتباطية في الساحات والميادين الرئيسة وتعطيل عجلة البناء والعمل, وتدمير موارد الاقتصاد وإباحة حرق ونهب ممتلكات الدولة , وقتل الناس , هي جميعها من مظاهر و حسابات الفوضى الخلاقة تلك.


ومن مظاهرها الخطيرة الأخرى , هو تحييد او تخويف أجهزة الأمن والبوليس من أداء واجباتهم , لإبقائها حائرة وسط الفوضى لا تدري ماذا تفعل, هل تواجه أم تنسحب؟ هل ترد على تصرفات القتلة والبلطجية ومشعلي النيران ومؤججي الفتن والمشاكل؟, أم ان مهمتها الوقوف موقف الحارس المتفرج كي لا يصاب أحدهم او يجرح او يقتل لان من شأن ذلك ان يعرضها لنقمة الشباب الثائر, مثلما حدث في السابق؟!!!أليس هذا من صلب أهداف أصحاب نظرية الفوضى المتعمدة ( الخلاقة)؟

هل يحق لكائن من كان ان يسمح لمن هم بين صفوفهم بحرق وزارة الداخلية ووثائقها, او ان يحرقوا المجمع العلمي وكتبه ومراجعه ووثائقه؟ أو ان تتعرض البنوك والمؤسسات الرسمية والممتلكات الشخصية للنهب والسلب؟ هل تستحق مصر ان تهرب استثماراتها للخارج, وان تتوقف عملية بنائها, وان تتراجع بورصتها, وان ترتفع فيها أسعار المواد الأساسية والغذائية وان تتزايد فيها مستويات الفقر والبطالة والجوع ؟ أليس حراما ان تعاني الأسر المصرية الكريمة, سواء في المحلات الراقية او العشوائية , من الهلع والخوف وان تعاني من القلق والتوتر الدائم بسبب التردي الأمني؟ ألا يصبح, والحالة هذه, مشهد( واقعة الجمل) أمرا تافها مقارنة بالجريمة الشنعاء (لإستاد بورسعيد)التي راح ضحيتها زهاء 77 شهيدا ويزيد, فضلا عن مئات الجرحى؟ وفوق كل ذلك , أليس ملفتا للنظر ان تعلق كل هذه الجرائم والأحداث على شماعة ان العهد السابق وفلوله؟ وهل يكفي هذا لمعالجة الموقف المرعب؟

يمتلكني الخوف من عواقب هذه الفوضى ألخلاقه, غير الخلاقة, على مصير( أم الدنيا), لان فيها مؤشرات لانحدارها نحو الهاوية. خوفي على هبوط مكانتها ورياداتها السابقة وسط عالم كان يحسدها على ما كانت عليه من سمو ورفعة في المجالات كافة. أتمنى ان أكون حالما!!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق