الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-خامسا

حمزة الجواهري

2012 / 2 / 4
دراسات وابحاث قانونية


هذه الحلقة تتمة لما ورد في الحلقة الرابعة
ما تقدم يعني أننا وصلنا بالتحليل إلى فهم يقترب كثيرا من فهم الإقليم للوضع الخاص للمجلس الإتحادي للنفط والغاز.
العراق مازال يعتمد على ريع الصناعة الاستخراجية، وفي أحسن الأحوال مستقبلا، تصنيع النفط والغاز وتطوير صناعات تحويلية تعتمد على الصناعة البتروكيمياوية، هذا إذا استطاع المجلس الابتعاد عن المحاصصة التي أخذت أسماء متعددة، وبقيت الأمور تسير بيد ساسة لا علاقة لهم بالمؤسسات التي يديروها، وهذا الأمر غير مقبول أبدا في قطاع النفط والغاز الغني والذي يغري الجميع بالاستحواذ على مركز القرار به، وبذات الوقت يدفعنا نحن العراقيين إلى التظاهر، مجازا، ضد هذا الهجوم من قبل السياسيين للاستحواذ على القرار النفطي، سواء كان السياسي في المركز أم في الإقليم.
علمتنا التجربة أننا مستهدفين من قبل السياسي، لذا لا اعتقد أن السياسي يصلح لأن يكون رئيسا للمجلس بأي حال.
عليه نقترح ترشيح رئيس المجلس من قبل الحكومة لشخصية مستقلة مهنية وذات خبرة طويلة بهذه الصناعة، وبنفس الطريقة يتم ترشيح أعضاء هيئة المستشارين، حيث تقدم الأسماء للبرلمان وهو الذي يدرس حقيقة هذه الشخصيات ومدى مهنيتها وبعدها عن السياسة والسياسيين، وأن لا يراعى بهذه الوظيفة أي صيغة من صيغ المحاصصة.
جميع اعضاء الهيئات التي تمثل الإقليم والمحافظات يجب أن تحمل نفس الصفة لممثليها على أن يكونوا من ذوي الاختصاص في الجوانب الفنية للنفط أو الاقتصاد أو القانون، يكونون من خارج الحكومات والمجالس المنتخبة، وذلك ليكون هذا المجلس خليطا من ذوي التخصصات الثلاثة التي تتعلق بالصناعة النفطية، ويبقى للبرلمان الكلمة الأخيرة بقبولهم من عدمه.
يشرع به قانون خاص، كما هو الحال في مجلس القضاء الأعلى، وهيئة النزاهة والمسائلة والعدالة وغيرها، لتحاشي التداخل بالصلاحيات والاختصاصات مع الحكومة الاتحادية التي تتولى الجانب التنفيذي من خلال عمل هيئاتها المتعددة، مجلس الوزراء، وزارة النفط، شركة النفط الوطنية التي سنتحدث عنها في السياق، والهيئات الجهوية في الإقليم والمحافظات، ويراعى في هذا المجلس تمثيل جهات حكومية اتحادية ذات الأختصاص، كالمالية، والبنك المركزي، والتخطيط، والوزارات الجهوية ذات العلاقة في الأقاليم.
إن تداخل الصلاحيات والمسؤوليات بين هذا المجلس ومجلس الوزراء ووزارة النفط الاتحادية سيعقد الأمور بعد حين من تشكيله فيما لو كان جهة غير مستقلة وتابعة للسلطة التنفيذية الاتحادية، ولنا بمجلس القضاء ووزارة العدل ومجلس الوزراء خير مثال بحسن التنظيم وعدم التداخل بالمسؤوليات والصلاحيات بين السلطة التنفيذية والمجلس.
المجلس له كيان خاص وله مكاتبه وموظفيه ومستشاريه ورئيسه الذين يعملون يوميا، أي متفرغين تماما لهذا العمل الكبير الذي يجب أن يضمن عدم تدخل السياسيين بالشؤون النفطية إلا بالقدر الذي تمليه وظيفتهم في الدولة كأن يكونوا ممثلين عن الإقليم أو الحكومة الاتحادية، وهؤلاء في حقيقة الأمر لا يجتمعون إلا مرة واحدة شهريا كأعضاء في المجلس، وهذا شر لابد منه، لأني شخصيا أود أن لا أرى سياسيا في هذا المجلس.
حقيقة إن النفط هو السياسة، والسياسة هي النفط، وهناك ضرورة موضوعية أخرى وهي يجب إبعاد السياسة عن النفط، هذه الإشكالية يمكن حلها بوجود هذا المجلس، من هنا تحديدا تأتي ضرورة وجوده، ويجب أن يعمل رئيس المجلس ومستشاريه على إبعاد التدخلات السياسية المضرة بالقطاع النفطي.
شركة النفط الوطنية:
الشركة على غرار المؤسسات العالمية في فرنسا، فرنسا النفطية، وفي إيطاليا مؤسسةENI، وغيرها من الدول، حيث تعتبر فيها هذه الشركة أو المؤسسة تابعة للدولة وليست للحكومة، لكن للحكومة فيها دور فاعل وقوي، لكن شأنها يختلف عن أي شركة أو مؤسسة أخرى.
1. يجب أن يتم تشكيل هذه الشركة، كشركة قابضة، تعمل تحت مظلتها الشركات الجهوية ومنها شركة لإقليم كوردستان، بحيث تكون هذه الشركات مملوكة جزئيا من قبل المحافظات أو الأقاليم، لتكون هي الذراع التنفيذي للشركة القابضة التي تكون اتحادية، حيث ليس بالضرورة أن تكون الشركة القابضة تمتلك الشركات التي تعمل تحت مظلتها، لكنها تسيرها ويكون نطاق عملها الجهة التي تمتلك حصة بها، ويمكن تسميتها مؤسسة النفط الوطنية بدلا من شركة النفط الوطنية للتميز فقط.
2. هذا الكيان، الشركة أو المؤسسة، لها الأولوية بأعمال التطوير والاستكشاف في مناطق شركاتها التي تشمل كل الأراضي العراقية، وفي حال عجزها عن القيام بتلك الأعمال، تحال الأعمال إلى الشركات العالمية ذات الاختصاص، لأن الشركة في بداية عملها في الوقت الحالي ستكون عاجزة عن القيام بكل الأعمال، ولكن في المستقبل، يجب أن تتولى أعمال التطوير والاستكشاف بالكامل، وهذا ما يطمح له كل عراقي، لذا يجب أن يكرس القانون من الآن لاحتواء هذا الضعف حاليا لتكون مسؤسسة النفط الوطنية ذات إمكانيات عالية مستقبلا.
3. ملكية الشركة أو المؤسسة للحكومة الاتحادية وليس لوزارة النفط التي ستبقى محتفظة بمسؤولياتها وصلاحياتها الحالية كجهة ذات اختصاص من قبل مجلس الوزراء الذي يمثل السلطة التنفيذية، وهكذا يجب أن يكون رئيس شركة أو مؤسسة النفط والغاز بدرجة وزير لكن لا علاقة له بالتشكيل الوزاري كما هو الحال بمجلس القضاء الأعلى أو أمانة العاصمة.
4. أن تتولى هذه الشركة القابضة أو المؤسسة جميع الأعمال التنفيذية في العراق من خلال الشركات التابعة لها سواء المملوكة كلا أو جزءا من قبلها، وأن لا تدخل شركة مهما كانت صفتها إلا من خلال مؤسسة النفط الوطنية كونها الذراع الحصري العملياتي للدولة العراقية، حيث، وكما أسلفنا، هناك فرق كبير بين التنفيذي والعملياتي، فالوزارة أو الوزارات بما فيها التابعة للإقاليم، مهماتها تنفيذية لكن ليست عملياتية، أما شركات النفط هذه مهماتها عملياتية فقط وتجري في الإقاليم أو المحافظات من خلال الشركات التي تمتلكها هذه الجهات وتنضوي تحت مضلة المؤسسة القابضة، والتي ربما تمتلك جزءا من حصتها.
الخطوط الرئيسية:
يفضل أن تؤسس شركة تابعة لمؤسسة النفط الوطنية هي التي تقوم بتشغيل وإدارة الخطوط الرئيسية التي تبقى ملكيتها للدولة بالكامل، أي للحكومة الاتحادية، وهذا ما نراه يتفق مع الدستور.
البرلمان
كلا المسودتين لقانون النفط والغاز لا تعطيان البرلمان دوره الحقيقي، ربما يأخذ هذا الدور بما يتعلق الأمر بالتشريع، لكنه لا يأخذ دوره بالرقابة ولا بتمثيل العراقيين لوقف التجاذبات التي تطال القطاع النفطي وتشل عمله، وهذا الأمر لا يتعلق بالبرلمان بدورته الحالية فقط، بل الدورات التي مضت والدورات القادمة أيضا، حيث سيبقى الصراع شديدا حول موضوع النفط وزجه بالصراعات السياسية التي يجب أن يكون بعيدا تماما عنها، وهذا هو الدور الذي يقوم به البرلمان حاليا.
المطلوب منه، على الأقل، توفير أسباب منع التدخلات السياسية المضرة، لذا يجب أن نضعه أمام مسؤولياته بهذا الترتيب، إن صح القول ترتيب، حيث يجب أن لا يكون القرار النفطي مسيس، بل قرار مهني، ويجب أن يحرص اعضاء البرلمان أن تكون خياراتهم بعيدة عن السياسة تماما، وبهذا الترتيب سيكون الأمر ممكنا للبرلمان القيام بمهة الرقابة التي تبدو عسيرة في الوقت الحالي، وذلك بوجود أزمة الثقة المستعصية بين الأطراف السياسية، لكنها ستكون سهلة للغاية فيما لو تم عزل النفط عن السياسة، أي أن لا يكون تحت وصاية كتلة سياسية معينة أو الحكومة المركزية، ولا أعتقد أن هناك من يختلف معي أن الأزمات التي تطال كل شيء حاليا سببها أزمة الثقة السياسية المستعصية على الحل بين الأطراف جميعا بلا استثناء.
القطاع الخاص:
كلا المسودتين تحدثت عن القطاع الخاص وضرورة تنميته، لكن أيا منها لم تقنن كيفية بناء هذا القطاع الذي سيقوم بمجمل عمليات التطوير من بناء وحفر آبار ومد انابيب وتجهيز لكل شيء ويقدم الاستشارات التخصصية ويقوم بالدراسات ذات التخصص العالي على اسس علمية ومهنية صرف.
أن هذا القطاع له من التداخل بالشؤون النفطية بكل مراحلها ومستوياتها ما يجعله أهلا أن يأخذ نصف المساحة لقانون النفط والغاز العراقي، لأننا الآن لا نملك من هذا القطاع شيء، سوى بضعة شركات أقل من أصابع اليد الواحدة، في حين لا يمكن القول أن لدينا قطاع خاص خدمي للصناعة النفطية ما لم يكون لدينا ما لا يقل عن ألفي شركة متخصصة بمجالات عملها، فلا يوجد الآن قانون يخلقها ويساعد على تنميتها ويوسع عملها ليشمل كل مفاصل الصناعة النفطية، ولا يوجد شيء ينظم عملها المتداخل مع جميع الكيانات النفطية التابعة للدولة.
لذا نجد أن هذا النقص يفرغ قانون النفط والغاز من محتواه تماما، فإنه بدون إعطاء المساحة اللازمة لهذا القطاع، فإن القانون سيصنع هيكلا فارغا دون محتوى وطني حقيقي، ألا وهو التخصص الذي يصنع الأشياء على أرض الواقع.
يمكن الرجوع بهذه النقطة إلى دراستنا حول القطاع الخاص، وسيجد القارئ في الجزء الرابع منها التشريع الذي ينشئ هذا القطاع ويدعمه ليكون ضمانا لصناعة نفطية وطنية تواكب كل متغيرات المستقبل، يمكن الوصول إلى هذه الدراسة من خلال الرابط التالي
http://www.ahewar.org/m.asp?i=118
الشفافية:
بخجل تتطرقت المسودة التي أعدها اٌلاقليم، عفوا البرلمان، عن الشفافية، لكنها لم تعطي أي تفصيل للكيفية التي سيصل بها المجتمع المدني، أو العراقيين من خلال منظماتهم، للمعلومات، الأكثر من ذلك، نجد أن مسودة الحكومة الإتحادية تستكثر على المجتمع المدني أن يكون له دور مقنن رغم أنها احتفلت بتشكيل منظمة الشفافية للصناعة الاسخراجية، وكأنها تريد لهذا الكيان أن يكون شكلي، أو شاهد زور لصالحها.
يجب أن يعطي القانون مساحة واضحة المعالم لمدى أحقية المجتمع المدني بالوصول للمعلومة التي يبحث عنها وكيفية الوصول إليها.
الوثائق:
تختلف المسودتين بموضوع الوثائق، فالمسودة المقدمة من خلال البرلمان كمقترح للقانون، وهي كتابة كوردية، أو تعكس رغبة كوردية لشكل القانون، هذه المسودة تقترح أن يكون لدينا دار وطنية للوثائق، والمسودة الحكومية الإتحادية تقترح إبقائها في وزارة النفط الإتحادية.
أعتقد أن إنشاء الدار الوطنية بقانون يشرعه مجلس النواب يعتبر الحل الأمثل على أن تحتفظ الوزارة بنفس الأرشيف لأهمية هذه الوثائق وتبقى أي جهة أخرى محتفظة أيضا بوثائقها بعد أن تبعث بها للوزارة والدار الوطنية لوثائق النفط، أي إشراك الطرفين بالموضوع، أي الدار الوطنية والوزارة.
عقود كوردستان:
حقيقة إن عقود كوردستان لا تتفق مع التفسير الذي توصلنا له، لذا يجب أن تعدل وفق نموذج الخدمة الأخير، النموذج الذي ظهر بجولات التراخيص الرابعة، لأنه الأفضل بين جميع العقود، والذي يسهل الأمر هو وجود التشابه الكبير بين بين النموذج الاقتصادي لعقود المشاركة بالإنتاج وعقود الخدمة سابقة الذكر، لكن الفرق سيكون بالنسب المؤية الممنوحة للشركات، فإنها يمكن التعامل معها بأن تكون المعادلات الحسابية للحصص تحتوي على متغير جديد، وهو سعر البرميل في حينه، فالنتيجة ستكون وكأنها نسبة ولكن تؤخذ على أنها أجرا، شرط أن تسحب الشركات كميات النفط التي اعلنتها في البورصات العالمية على أنها ملكية لها لتعزيز موقفها المالي أمام المساهمين، ربما يمكن اعطائها حق الإشارة لها على أنها ليست ملكية ولكن تتقاضى عنها أجرا خلال مدة العقد.
هناك خصومات تعود إلى حكومة الإقليم، يمكن تعديلها لتعود للدولة العراقية، والإقليم له مثل غيره، البترودولار من إنتاج النفط ولتصنيعه، وإنتاج الغاز وتصنيعه أيضا.
كما ويجب معالجة العدد الكبير لعقود كوردستان لكي لا تظطر الحكومة الإتحادية معاملة باقي المحافظات الغير منتظمة بإقليم معاملة بالمثل، ويمكن تعويض الإقليم بإقامة صناعات نفطية وغازية تزيد حصته للبترودولار وكذلك لإنعاش الوضع الاقتصادي بشكل عام، وهذه المهمة يمكن للإقليم القيام بها دون الرجوع بشكل كامل للحكومة الإتحادية، فقاون المصافي وقانون الاستثمار العام يبيحان للأقاليم والمحافظات التصرف وفق القانون.
أما حصص الشركات المتعاقد عليها، فإنها عالية ولكن لها ضروفها الموضوعية التي يجب مراعاتها في نهاية الأمر، لكن تخفيضها أمر واجب ومنطقي.
هناك بنود أخرى ليس للعراق مصلحة بها يمكن تعديلها أيضا بسهولة إذا قبل الإقليم بالمبدأ.
إنها حقا معضلة لكن الحل ليس بعيدا، وكميات النفط التي ستنتج من الإقليم ليست كبيرة أيضا مقارنة بما سينتج باقي المحافظات العراقية، لأن خصوصية الحقول في الإقليم تختلف عنها في باقي أنحاء العراق الأخرى من حيث الحجم والتحديات، أعتقد مهما زادت الكميات المنتجة من الإقليم فإنها في نهاية الأمر لا تزيد عن مليون برميل يوميا في أحسن الأحوال.
في الحلقة القادمة سنضع التعديلات المقترحة على المواد والبنود المختلف عليها وفق هذا التصور الذي خرجت به الدراسة ليكون لدينا مسودة واحدة نعتقد أنها تتفق تماما مع بنود الدستور، وهي منزلة بين المنزلتين لإنهاء التباين بين الرؤى التي انعكست في القترح البرلماني ومشروع الحكومة لقانون النفط والغاز.
*مهندس مختص بإنتاج وتطوير الحقول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب


.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش




.. برنامج الأغذية العالمي: السودان ربما يشهد -أكبر أزمة غذائية


.. تونس: أكثر من 100 جثة لمهاجرين غير نظاميين بمستشفى بورقيبة ب




.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش