الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيجيرفان بارزاني والمعارضة الكردية... كل ديمقراطية تسقط بإختفاء المعارضة

هفال زاخويي

2012 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سيكون الحديث عن الديمقراطية بمثابة نكتة سمجة ، وطرافة لا تجلب المرح في حال غياب المعارضة أو إنخراطها في الحكم لتكون ضمن منظومة السلطة ، بل لا معنى للديمقراطية ولا معنى للحياة البرلمانية حينما يساهم الجميع في تشكيلة الحكومة وتكون الكراسي و نسب التمثيل في الحكومة هي الهم الأول والأخير لمتقاسمي الكراسي ، وفي تلك الحال لا بد من أن تكتمل المعادلة الواضحة المعالم ،التي لا تحتاج الى جهد ذهني كبير لفهمها ، فطرفها الأول (الحكومة) ، وطرفها الثاني (الشعب)، وفي عرفنا الشرقي فالمعادلة تعني (إستبداد المتنفذين) مقابل (قهر المواطنين )،
وبذلك لن تقوم دعائم مجتمع مدني عصري حضاري ، وتبقى البهرجة الزائفة والعمارات الخالية من الروح والشوارع الرئيسية الفارهة وأعمدة الإنارة ليلاً في اربيل دون معنى ، وسيكون من المضحك عندما نسعى دائماً الى الإيحاء للآخرين بأننا (أصحاب تجربة فذة ورائدة) ، ونتحدث دائماً عن إنتصاراتنا بعقلية أبطال الشرق ، وبذلك نحن لا نجلب – في المحصلة – من الآخرين غير السخرية .

إقليم كردستان ، كحالة متأصلة من الشرق ، وكجزء من العراق ، ليس قاعدة إستثناء في ظاهرة الإستبداد الشرقي ، وتبدو الديقراطية المتقدمة فيها مقارنة بديمقراطية العراق العرجاء ، هي أيضاً ديمقراطية تشوبها الشوائب وتواجهها منعطفات خطيرة ، ديمقراطية يحاول الحكام دائماً أن يذكروا مواطنيهم بها وانها –الديمقراطية- منحة وهبة منهم وانه لولا هم لما كانت هناك ديمقراطية! ودائما يحاولون تذكير المواطن بأيام صدام حسين ويقارنوا أيامنا هذه بأيام ذلك الدكتاتور المستبد ، في حين هم يدركون تماماً بأن هذا الشعب هو الذي بادر الى التمرد على نظام صدام حسين القمعي وحرر أرضه من رجس مؤسسات صدام القمعية المجرمة من (جيش وأجهزة أمن واستخبارات ومخابرات وشرطة وتنظيمات حزب البعث وميليشياته) في وقت لم تكن هناك أية قيادة سياسية قد دخلت الأقليم بعد ،وأقدم الحلفاء غداة انتهاء حرب تحرير الكويت الى إعلان المنطقة الآمنة وعملية توفير الراحة كغطاء لعودة ملايين الكرد الذين تبعثروا في مجاهل الجبال تاركين وراءهم كل ما يملكون ، وعادوا من جديد الى بيوتهم بحماية دولية ، تاركين أيضاً وراءهم الاف القبور في تلك الجبال الوعرة لذويهم وأطفالهم وشيوخهم بسبب قساوة الجبال والمناخ وتفشي الأمراض ... هذه العوامل تجمعت لقيام هذه الديمقراطية الكردية ، وليست فقط جهود الحزبين الحاكمين الذين إنهمكا في حرب داخلية كردية –كردية خلفت وراءها الاف الضحايا من خيرة أفراد (البيشمركة) ، وأستمر تناحرهما من ايار 1994 الى أواخر 1998 عندما رعت الخارجية الأميريكية اتفاقية الصلح بينهما في واشنطن باشراف وزيرة الخارجية الأميريكية مادلين اولبرايت آنذاك...تلك الحرب التي استنزفت مئات الملايين من الدولارات ناهيك عن تراجع التعاطف الدولي ، وتصاعد وتوسع التدخل الأقليمي السافر (إيران وتركيا وسوريا) الواضح والفاضح في تغذية الحرب الداخلية الكردية الكردية الى حد زج حزب العمال الكردستاني في ثلاث جولات حرب داخلية في اقليم كردستان ... كان الخاسر الوحيد من تلك الحروب هو الشعب الكردي فقط .

اليوم يبدو المشهد السياسي الكردي أكثر تعقيداً من ذي قبل ، فقد أصبح إقليم كردستان يلعب دوراً فاعلاً في مسرح الأحداث على مستوى العراق وعلى مستوى الدول الأقليمية ، ولا بد له ان يكون لاعباً ماهراً ومتمرساً خصوصاً ان القضية الكردية تواجه مداً عدائياً داخل العراق من قبل حلفاء الأمس حكام اليوم ، كما ان الواقع السياسي والإداري في اقليم كردستان ما زال هدفاً منشودا من قبل أنقرة وطهران ودمشق ، فالمدفعية الايرانية ، والقصف الجوي التركي مازال دليلاً على العداء المستفحل لدى تركيا وايران تجاه الشعب الكردي وقضيته ...في وقت تنتظر بغداد قدوم طائرات F16 من أميريكا بفارغ الصبر إذ يحلم البعض بتحليقها من جديد في سماء كردستان كالكواسر المفترسة المتعطشة للدمار والدماء...!

بعد هذا العرض الممل ، تبدو محاولات كاك نيجيرفان بارزاني ، لضم المعارضة الى صفوف الحكومة ، غير علمية ولا تخدم الوضع في كردستان ولا تصب أبداً في خدمة الحراك الديمقراطي في كردستان ، انتهت فترة ولاية برهم صالح في وضع لم يكن يحسد عليه ولم تنقذه ابتسامته العريضة وصوته الهاديء وأدائه الدرامي في لقاءاته الإعلامية ، فقد انتعشت المعارضة الكردية بتوجهاتها العلمانية ، الاسلامية ، الشبابية ، ونشط الحراك الشعبي الى حد إضطر معه رئيس الأقليم السيد مسعود بارزاني لإطلاق مشروعه الإصلاحي الذي يمضي برتابة وبخطى سلحفاتية وتواجهه الكثير من العقبات الحقيقية.

نيجيرفان بارزاني كونه صاحب تجربة إدارية في كردستان العراق ونائباً لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود بارزاني) وشخصية متنفذة في المجتمع الكردستاني يدرك تماماً ان العمليات التجميلية والترقيعية لإخفاء التجاعيد عن وجه التجربة الكردية لن تجدي نفعاً في وقت يعيش فيه الشعب الكردي حالة من الإستياء ، وتعيش شريحة الشباب حالة واضحة من الحرمان وهي تتطلع نحو مستقبل أفضل وتتأثر بسرعة كبيرة بوسائل التواصل الإجتماعي وكذلك بالتغييرات السريعة والمذهلة الحاصلة في دول المنطقة ، سيما ان كاك نيجيرفان كثير السفر ويعايش الديمقراطيات المتمدنة في أميريكا والغرب ويمكث خارج الإقليم أكثر من مكوثه في داخله، لذا انا شخصياً أستغرب من محاولاته لإقناع أطراف المعارضة الكردية للمشاركة في حكومته ، فهذا الأسلوب التوافقي ما زال إرثاً غير مرغوب فيه للحزبين الكبيرين الحاكمين ( الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني) الذين استأثرا بكل مقدرات الإقليم ومؤسساته الإدارية كحالة من المحاصصة الحزبية ، فهل تتحمل الظروف الحالية استمرار النهج القديم المعروف في إدارة الأقليم ؟!

لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بنعم ، ولنفترض ان المعارضة كلها انخرطت في الحكومة ، فهل سيبقى الأقليم نائماً ، وهل ستدخل التجربة الكردية سن اليأس ولن تولِد معارضين آخرين ؟! وهل بإنضمام نوشيروان مصطفى وصلاح الدين بهاءالدين وغيرهما من قيادات المعارضة الى صفوف السلطة سيتم التغلب على المشاكل الكبيرة ؟! ويكون الوضع مثالياً ووردياً؟! وماذا عن القواعد الشعبية لهذه القيادات ؟! ألا تنقلب على قياداتها ؟! في وقت يعج حتى الحزبين الحاكمين بشباب يتطلع نحو حياة أفضل بل ويطالب بالتغيير في قرارة نفسه ؟! لا أعتقد أن تكون كردستان عاقراً لتقف في حدود معارضة يقودها نوشيروان مصطفى أحد أركان الإتحاد الوطني سابقاً ومن أبطال الحرب الداخلية الكردية الكردية...!

سترتكب المعارضة الكردية خطأً فادحاً لو إرتضت لنفسها المشاركة في الحكومة ، إذ ستكون هذه الخطوة صفعة للديمقراطية ، وصفعة للإصلاحات ، وستكون بمثابة عملية إجهاض لمشروع المعارضة ، السيد نيجيرفان بارزاني يدرك تماماً أن الحكام العرب صادروا الديمقراطية ، وصادروا الحريات بأسم قضية فلسطين ولأكثر من ستة عقود ، وها هي الشعوب العربية تعي تماماً كذبة الإدعاءات ، خصوصاً إدعاءات الأنظمة الثورية على شاكلة نظام مبارك والقذافي وعلي عبدالله صالح ونظام بشار الأسد الذي هو إمتداد لنظام أبيه الطاغية حافظ الأسد... ونحن الكرد كنا نعيب على الأنظمة العربية وما زلنا نعيب عليها رفضها للمعارضة ، ونعيب على برلماناتها على انها برلمانات ( موافج) بالإجماع ... فهل سنعيد الكرة ونتحول إلى نظام حكم شبيه بالأنظمة العربية تطالبنا أنقرة غداً بإطلاق الحريات وتبني الديمقراطية ؟ وهل سيتحول برلماننا الى برلمان (موافق بالإجماع) ويرقص ويصفق أعضاؤه بالإجماع في حال دخول السيد الرئيس قاعة البرلمان...؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عراق واحد
حمزة الجواهري ( 2012 / 2 / 5 - 10:32 )
تقول في مقالتك
تنتظر بغداد قدوم طائرات من أميريكا بفارغ الصبر إذ يحلم البعض بتحليقها من جديد في سماء كردستان كالكواسر المفترسة المتعطشة للدمار والدماء
بالتأكيد هذا صحيح ولا أشك فيه اطلاقا، فأنا أسمعه من البعض كثيرا، وليس أحيانا
كما وتتحدث عن القصف الإيراني والطائارت التركية أيضا، ألا ترى معي أن بعض الكورد أيضا، واشدد على كلمة البعض لكي لا تفهمني خطأ، يقول بما هو أكثر من ذلك ويفعل أكثر من ذلك
قرأت اليوم على الفيسبوك أدهم البرزاني يقول انه يستنكف من تعريف نفسه بالعراقي، فأنا وأنت عراقيون، وهذه إهانة لنا، فإذا قبلتها على أساس أنها قول لقومي شوفيني، لا اعتقد أن القومي العربي أو التركماني سيقبلها، أما القول بأن حكومة المركز القوية تعني كذا وكذا، فهذا يؤكد أن جميع الكورد يعملون من أجل عراق ضعيف، وهذا ليس من صالحهم ولا من صالح النظام الديمقراطي الذي ندافع عنه
اعتقد أن على الكوردي أن يكون أولا غير شوفيني لكي يستطيع الدفاع عن الديمقراطية سواء في كوردستان أم في العراق في أي مكان
أعتقد أن هناك واجبا على الإعلاميين الكورد كما على العرب أيضا الوقوف بوجه الأفكار الشوفينية أولا


2 - تعليق على تعليق حمزة الجواهري
هفال زاخويي ( 2012 / 2 / 5 - 16:45 )
اعتقد انه يفترض بكم كاكه حمزة ان تنصح الآخرين ، لماذا تطلب من الكردي ان لايكون شوفينياً؟ ولا تطلب من الآخرين...الشوفينية داء ومرض عضال اعلم ذلك لاننا اصلا ضحايا الشوفينية ...لكن هل مواقف الشهرستاني النفطية تجاه الكرد وطنية ام شوفينية؟؟؟انت كخبير نفطي تحدث الى هذا الشهرستاني مباشرة وانصحه بأن لا تكون منطلقاته شوفينية ...انت لم تجذب انتباهك في كل المقال الا هذه الجملة التي تتحدث عن طائرات اف 16 ؟ ، ثم كن واثقاً وانت واثق في قرارة نفسك ان اي مركزية واي حكومة مركزية فان القصد منها سحق الشعب لا غير ...انت كخبير ومختص في مجال النفط تحدث عن مليارات الدولارات من وارد العراق اين تذهب ...لنتحدث عن الفساد...عن الدمار...عن اللصوصية ...لا عن جملة واحدة ...اثارتكم جملتي ؟ انا اشعر تماماً بالعقل الباطن واللاشعور وكيف يعتمل عندك عندما تقرأ جملتي عن اف 16 ... الأزمة أزمة ثقة قاتلة كاكة حمزة وكلامك غير مقنع تماما


3 - قوة الوطن بايمان ابنائه
umro ( 2012 / 2 / 11 - 12:43 )
للاسف كل دول الجوار استضعفتنا والجميع ينهش بنا المحاصصة كما قلت ضعف وشيء مقيت والتوافق ضعف نتمنى ان تشكل حكومة اعلبية لا تحكم بالتوافق بل تحكم باسم الشعب ليستعيد العراق قوته وان تكون هناك معارضة حقيقية لا تشارك بالحكومة لتكون رقيبا


4 - الشوفينية ليست حكرا على قومية
حمزة الجواهري ( 2012 / 2 / 11 - 18:04 )
العزيز هافال
أنا قلت في التعليق الآتي
بالتأكيد هذا صحيح ولا أشك فيه اطلاقا، فأنا أسمعه من البعض كثيرا، وليس أحيانا
وهذا أكثر مما طلبت، فأنا أدين أي تفكير شوفيني، سواء كان من عربي أم كوردي، وأنت تعرف ذلك عني شخصيا، لكن طلبي كان هو أن نقف أنا وأنت وكل الديمقراطيين بوجه كل الأفكار الشوفينية
ربما تعرف أني من اكثر الناس دفاعا عن الحقوق القومية الثابتة للشعب الكوردي، وهذا موقف مبدأي مني وليس مجاملة لأحد، فأنا لا أجامل أبدا على حساب القضايا المبدأية
أما موضوع الشهرستاني وموقفه من عقود كوردستان، فلو ذهبت إلى موقعي الخاص على الحوار المتمدن لوجدت دراسة من ستة حلقات حول قانون النفط والغاز قد نشرتها قبل أيام، ،ستجد فيها موقفي من الطرفين، الإقليم والمركز واضح جدا
قلتها بلا مجاملة لأحد، وبينت أخطاء الطرفين كما أعتقد، فقد أكون على خطأ، لكنه رأي قد يستفاد منه
سأبقى أطالبك وأطالب جميع الديمقراطيين العراقيين بالوقوف بوجه الأفكار الشوفينية بقوة

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت