الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزهر ووثائقه بعد ثورة 25 يناير

مجدى خليل

2012 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



فى ظل حالة السيولة السياسية التى تمر بها مصر بعد سقوط مبارك، وسعى القوى السياسية لإنتزاع جزء من الكعكة السياسية فى ترتيبات ما بعد مبارك، وخاصة بعد ظهور التيار السلفى على الساحة السياسية، وتصدر جماعة الأخوان المسلمين للمشهد السياسى، قامت مؤسسة الأزهر بنشاط محموم لتأكيد دور الأزهر فى النظام الجديد من خلال التأكيد على ثلاثة محاور رئيسية:
الأول سعى الأزهر ليكون هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية ليكون المرجعية الدينية الرئيسية للسلطات الثلاثة وللمجتمع في كل ما يتعلق بالإسلام وشئونه وتفسيره، والثانى تحديد الأزهر لمفهوم وآليات العلاقة بين الدين والدولة فى الإسلام وكذلك لمفهوم المرجعية الإسلامية فى الدستور والقوانين،والثالث سعى الأزهر ليكون المتحدث بأسم كافة الأديان فى مصر أمام النظام والخارج.
ولتحقيق هذه الأهداف عقد الأزهر مؤتمرين،الأول فى 20 يونيه 2011 وصدر عن المؤتمر " وثيقة الأزهر حول مستقبل مصر" والتى سنشير إليها فى هذا المقال ب"الوثيقة"،أما المؤتمر الثانى فعقد فى 10 يناير 2012 وصدر عنه " بيان الأزهر والمثقفين عن منظومة الحريات الاساسية"، والتى سنشير إليها فى هذا المقال ب"البيان".
أهم ما جاء بالوثيقة أن المجتمعين أكدوا أن الأزهر " يحتكم إليه فى تحديد العلاقة بين الدين والدولة وبيان أسس السياسة الشرعية الصحيحة"، وكذلك فى " تحديد المبادئ الحاكمة لفهم علاقة الإسلام بالدولة... وذلك حماية للمبادئ الإسلامية التى استقرت فى وعى الآمة وضمير العلماء والمفكرين... وتحديد طبيعة المرجعية الإسلامية النيرة"، وكذلك " اعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التى يرجع إليها فى شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة"، وأيضا أكدت الوثيقة على " تأييد مشروع استقلال مؤسسة الأزهر وعودة هيئة كبار العلماء واختصاصها بترشيح واختيار شيخ الأزهر". ولم تكتفى الوثيقة بذلك بل تمادت فى تحديد فلسفة النظام الأقتصادى والسياسى والإجتماعى وفقا للفقه الإسلامى، كما جاء فى بند ثامنا "إعمال فقه الأولويات فى تحقيق التنمية والعدالة الإجتماعية ومواجهة الإستبداد ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة".
أما فيما يتعلق بالأديان الأخرى فقد جاء فى الوثيقة " تأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاثة، وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون أى معوقات،واحترام مظاهر العبادة بمختلف أشكالها". واضح هنا أن الوثيقة تتكلم عن اليهودية والمسيحية والإسلام فقط دون غيرهم، وكذلك تجاهل الوثيقة للمشكلة الرئيسية وهى بناء دور العبادة ومعوقاتها، حيث أن الأزهر يرفض القانون الموحد لدور العبادة.
أما البيان فقد ركز على الحريات مستهلا مقدمته بأن علماء الدين والمفكرين هم المنوط بهم تحديد العلاقة بين الشريعة والحقوق والحريات "يتطلع المصريون،والأمة العربية والإسلامية إلى علماء الأمة ومفكريها المثقفين، كى يحددوا العلاقة بين المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية السمحاء ومنظومة الحريات الأساسية التى أجمعت عليها المواثيق الدولية".وتناول البيان اربعة حريات وهى، حرية العقيدة، وحرية الرأى والتعبير، وحرية البحث العلمى، وحرية الإبداع الأدبى والفنى.
فيما يتعلق بحرية العقيدة تبنى البيان حرية الأفكار وليس حرية المعتقد بما يعنى بقاء تجريم التحول عن الدين الإسلامى، وكذلك أعتبر البيان أن هذه الحرية مقصورة على الأديان الثلاثة المعترف بها، بل أنه فى مجال الأفكار ذاتها ممنوع المساس بهذه الأديان الثلاثة، وحدد البيان أن هذه الحرية للأفكار محكومة فى النهاية بقيد الشريعة والنظام العام الإسلامى، فوفقا ما جاء " تجريم أى مظهر للإكراه فى الدين،أو الإضطهاد أو التمييز بسببه، فكل فرد فى المجتمع أن يعتنق من الأفكار ما يشاء دون أن يمس حق المجتمع فى الحفاظ على العقائد السماوية،فللأديان الإلهية الثلاثة قداستها، وللأفراد حرية إقامة شعائرها دون عدوان على مشاعر بعضهم أو مساس بحرمتها قولا أو فعلا ودون إخلال بالنظام العام ... وبناء على ما استقر بين علماء المسلمين من أحكام صريحة قاطعة قررتها الشريعة السمحاء".
أما فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير فقد وضع البيان قيدا على ذلك وهو منع إزدراء الأديان السماوية الثلاثة والتى عادة ما تختزل إلى منع أى إنتقاد للإسلام " لكن من الضرورى أن ننبه إلى وجوب احترام عقائد الأديان الإلهية الثلاثة وشعائرها لما فى ذلك من خطورة على النسيج الوطنى والأمن القومى، فليس من حق أحد أن يثير الفتن الطائفية أو النعرات المذهبية بأسم حرية التعبير".
أما فيما يتعلق بالبحث العلمى فقد أفاض البيان بأن مصدره هو القرآن وما يترتب على ذلك منطقيا من وضع قيدا عليه هو إلا تتعارض النتائج العلمية وأدوات البحث العلمى مع ما يحرمه القرآن ويقيد الإنسان به.
أما حرية الإبداع فقد وضع البيان قيدا عليها وهو " مراعاة القيم الدينية العليا والفضائل الأخلاقية".
وبناء على ما تقدم يمكن تحليل الوثيقة والبيان فى عدد من النقاط:
اولأ: أنها تسعى لتأكيد دور الأزهر ما بعد ثورة 25 يناير فى كونه المرجعية الدينية العليا سياسيا وإجتماعيا وفكريا.
ثانيا:أنها تنطلق من أرضية دينية تدمج بين الدين والدولة، وبين السياسة والدين، وكذلك خرجت من مؤسسة دينية من الأساس، فالحقوق التى تمنح بنص دينى يمكن الحرمان منها بنص دينى أيضا مما يخل بكونها حقوقا أساسية لصيقة بالإنسان، وبكونها تترتب على المواطنة وليس على الدين.
ثالثا: أنها وثائق غير ملزمة إلا إذا انعكست مبادئها فى صياغة الدستور القادم والقوانين المكملة له.
رابعا:أنها تقيد جميع أنواع الحريات بقيد الشريعة والنظام العام الإسلامى.
خامسا:أنها لا تعترف إلا بالإديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام.
سادسا: إنها تتبنى توجهات الدول الإسلامية بتقييد حرية الفكر والرأى والإبداع بعدم نقد الإسلام أو ما يسمونه إزدراء الإسلام.
سابعا:أنها غير مطبقة حتى فى الأزهر ذاته، حيث يدرس الأزهر لطلابه حاليا فقه العصور الوسطى المعادى للمسيحية واليهودية وباقى الأديان، والمعادى للحريات الأساسية للإنسان.
ثامنا: أن العديد من شيوخ الأزهر ما زالوا مستمرين فى الهجوم على اليهودية والمسيحية فى كتبهم ومحاضراتهم وخطبهم فى المساجد، مما يطرح سؤال لمن كتبت الوثيقة إذن؟.
تاسعا:أن الوثيقة والبيان تجاهلوا حرية العقيدة كما جاءت فى المواثيق الدولية، كما تجاهلوا حرية بناء دور العبادة لغير المسلمين.
عاشرا:أن مؤسسات الدولة لم تبدى أى أهتمام بتبنى للنقاط الإيجابية التى جاءت فى الوثيقة والبيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - g
نون ( 2012 / 2 / 6 - 00:31 )
اما الدولة الدينية او الدول العلمانية ، وللاسف الاقباط لا يسعون للدولة العلمانية فهم السبيل الوحيد لها

البابا شنودة للاسف يستغل هوس الاسلاميين بالدولة الدينية ليقيم دولته الدينية المسيحية ، و الاسلاميون قابلون واحدة بواحد

شنودة هو من قبل بالدولة الدينية لانها تمنحه حق السيطرة على المسيحيين المصريين

يجب تحرير المسيحيين في مصر من الكنسية لكي ننهي حلم الدولة الدينية الاسلامية

مصر الان تسير بخطى ثابة نحو الهاوية ، ومن يراهنون على الازهر واهمون ، شيخ الازهر قال لاحد الصف -ان وثيقة حقوق الانسان العالمية كاثرة- وانها منافية للقيم الاسلامية

الازهر اخف فقط من ناحية جرعة التشدد لكنه متشدد

و الدين في اي مكان كاثرة مطلقة خاصة الاديان الابرهابية التي لم تطلها العقول البنقد

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة