الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانات (عن تراجيديا الحادث اليوم بأم الدنيا) ...

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2012 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الدانة الأولي : عصابة سجن طرة (فى مصر) تعمل وكأنها حكومة نافذة القرار لا حد لإمكاناتها وقدراتها (وجرائمها) ... عصابة سجن طرة يخدمها عدد كبير من قيادات وزارة الداخلية الذين كان ولاؤهم وكانت مصالحهم ولا تزال مرتبطة برموز عهد مبارك القابعين فى طرة ، ومن سجنها يحركون عشرات الآلاف من المتشردين والبلطجية والمجرمين المأجورين وينفقون عليهم مئات الملايين ... عصابة سجن طرة كلها ثقة أن عهدها لم ينته وان القضاء لن يصدر أحكاما بحق أعضائها ... عصابة سجن طرة التى كان أفرادها يستحقون محاكمة ثورية تقودهم (خلال أسابيع) لحبال المشانق على وشك أن يتمكنوا من القضاء التام على ثورة 25 يناير 2011 الأمجد بين ثورات الشعوب ... عصابة سجن طرة وحدها (وليس جيش مصر الباسل أو المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو التيارات الإسلامية أو التيارات الليبرالية) هى المستفيدة من كل الجرائم التى أزهقت مئات الأرواح وخربت ودمرت وأضرت مصر أفدح ضرر ... ويبقي السؤال الملح : لماذا الصبر على عصابة طرة ؟ لماذا تعطي هذه العصابة المجرمة الفرصة تلو الفرصة لتلقي مزيدا من الوقود سريع الإشتعال على النار المتقدة اليوم فى مصر ... سؤال يحير كاتب هذه السطور ويحير ملايين المصريين ... سؤال وجهته (فى حديث تلفزيوني أجراه معي التلفزيون المصري مؤخرا) لرئيس وأعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذين إنحازوا منذ سنة بالتمام والكمال للشعب وليس للطاغية صاحب أسود سجل فى تاريخ الإضرار مصر




الدانة الثانية : متى ينظر كل مصري ومصرية لنفسه فى المرآة ويلومها أشد اللوم على مساهمة كل منا فى عملية إفساد الحكام ؟ متى نخجل من التقديس الذى يسبغه جلنا على الحكام ؟ متى ندرك أننا جعلنا رجلا فى غاية التهافت العلمي والمعرفي والثقافي (أصبح فى مصادفة تاريخية رئيسا لمصر) يحسب نفسه حكيما متميزا فى حكمته ، وهو الذى كانت ضحالته المعرفية ومحدودية أفاقه تثير سخرية جل غير المصريين الذين إلتقوا به منذ أتت به قوانين المصادفة العمياء لسدة الحكم فى مصر فى أكتوبر 1981 ؟ ... منذ أكثر قليلا من ألف سنة تمكن خصي من أغوات دولة الإخشيد أن يثب لكرسي حاكم مصر ... ورغم أنه كان شديد الدمامة ، فقد صار المصريون يمدحون كل جانب من جوانبه ، حتى هيئته مدحوها ! يقول أبو الطيب المتنبي عن هذا الخصي الذى تولي (أيضا فى مصادفة تاريخية بلهاء) حكم مصر أنه رغم أن نصف وزنه كان فى شفتيه ، إلا أن ذلك لم يمنع المصريون - يومئذ - من أن يقولوا له أنه كالبدر ! يقول المتنبي : وأسود مشفره نصفه ، يقال له أنت بدر الدجي !!!! ولعل نار الثورة المقدسة (ثورة 25 يناير العظمي) تطهر معظمنا من دنس هذا الرياء للحكام الذى يجعل أقزاما يتفرعنون علينا ، وهم الذين مكانتهم المستحقة هى زنازين السجون . وما أكثر ما أكرر القصة التالية : فى سنة 1940 إستدعي البريطانيون إبن وطنهم العظيم ونستون تشرشل ليقود وطنه فى مواجهة وحش النازية الذى إلتهم معظم القارة الأوروبية ... وخلال خمس سنوات (1940-1945) قاد تشرشل حملة مواجهة الوحش النازي ... وفى سنة 1945 تكللت جهوده بإنتصار الحلفاء (جانب بريطانيا) وهزيمة الوحش النازي ... وبدلا من أن يقدسه البريطانيون ... وبدلا من أن يؤلهه البريطانيون ، إذا بهم فى سنة نصره الأكبر (1945) يسقطونه فى الإنتخابات ويأتون بغريمه كليمينت أتلي ليحل محل تشرشل على رأس الحكومة البريطانية ! ... وهو إختيار من الشعب البريطاني له أكثر من معني . ومن بين تلك المعاني ، أن تشرشل فى النهاية ليس إلا خادم بريطانيا وليس سيدها (تذكروا تعبيرات مثل بطل الحرب والسلام ، وبطل العبور ، وصاحب الضربة الجوية) ... ومن بين تلك المعاني أيضا ، أنه ليس بين الناس من يغرق الوطن بدونه ... ومن بين تلك المعاني كذلك ، أن الذى كان مناسبا لمرحلة الحرب ، ليس هو بالضرورة الأنسب لمرحلة ما بعد الحرب .... وعلينا أن نخجل لأننا بعيدون جدا عن هذه الدرجة من النضج العقلي والنضج الوطني



الدانة الثالثة : أعتقد جازما أن حسني مبارك هو أسوأ حكام مصر منذ عهد الملك مينا . وأعتقد أن أسرته وحاشيته هم من أعدي أعداء مصر وعلى رأس قائمة من نهبوها وجعلوها عامرة بمشكلات من أعوص المشكلات السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية . وخطايا وجرائم مبارك وزبانيته ورموز عهده لا تحصي . ومن أفدح جرائم عهده قيامه (هو وابنه الأصغر وزوجته) بتكوين عصابة (أوليجاركية) حلف السلطة والمال. ذلك الحلف المدنس الذى كان من أهم الأسباب التى إستدعت روح الثورة. وقبل الثورة ، كان أعظم الأوطان تسيره حثالة بشرية سميت بمجموعة كبار رجال الأعمال والذين صار معظمهم أعضاء بلجنة السياسات. ومن غرائب وعجائب الأمور أن يكون كثير من خفافيش هذه اللجنة المشئومة حتى الآن "طلقاء" يعربدون فى الحياة العامة ويحاولون إعادة الدور المخرب لرجال الأعمال فى قيادة مصر . لقد أتاحت لي الظروف أن أعرف معظم هؤلاء المسوخ عن قرب وأن أري وألمس بنفسي حقيقة هدفهم الأوحد وهو مص دم مصر من خلال صيغتهم السياسية/الإقتصادية الإحتكارية حتى النقطة الأخيرة. وما كان أعمق جرحي وأوجع ألمي وأنا أري صانع البلاط وصانع السيراميك والأدوات الصحية وصانع القمصان الذي كان يبيع السراويل الجينز على عربة فى كاليفورنيا وصانع الأبسطة (السجاد) وصانع الحلوي وغيرهم من التجار عديمي التكوين الثقافي والمفتقرين لأي شعور بالوطن ناهيك عن إفتقارهم الكلي لأي حس إجتماعي ولأي حس تاريخي وقد صاروا رموز مصر التى كان رموزها ذات يوم هم أحمد لطفي السيد وطه حسين ومصطفي مشرفة والسنهوري وعلى إبراهيم .... ويحذر كاتب هذه السطور من المحاولات المستميتة الجارية الآن لعودة بعض هؤلاء "القراد" لمص دم الشعب المصري ... وآمل أن يملي الحس الوطني على أعضاء السلطة التشريعية الجدد سن قانون يفرض الحيلولة بين جراثيم العهد المباركي بوجه عام وحثالات لجنة السياسات وبين التأثير بأي شكل على عملية إتخاذ القرار فى مصر ما بعد سقوط المخلوع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في


.. مشاهد للتجنيد القسري في أوكرانيا تثير الجدل | #منصات




.. نتنياهو: الإسرائيليون سيقاتلون لوحدهم وبأظافرهم إذا اضطروا ل


.. موسكو تلوّح مجددا بالسلاح النووي وتحذر الغرب من -صراع عالمي-




.. تهديدات إسرائيلية وتحذيرات أميركية.. إلى أين تتجه الأمور في