الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية الاسلامية للدولة

محمود الفرعوني

2012 / 2 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أنا متأكد أن ميدان التحرير طوله أكثر من 100 متراً؛ قال زميل أخر إن الميدان لا يزيد عن 20 متراً ....سارع زميل ثالث وحصل على شريط القياس؛ قام زميل رابع بعملية القياس فوجد طول الميدان 50 متراً تماماً. عند هذا الحد توقف الكلام وتأكد الجميع أن شريط القياس قال الكلمة النهائية ولم يعد هناك مجالاً للتخمين. يحدث هذا لمعرفة الوزن ولقياس درجة الحرارة..الخ. الميزان والمكيال والمقياس هم المرجع النهائي والتي اتفقت حولها البشرية بعد طول عناء لمعرفة الأشياء بدقة. في الحياة اليومية المسألة أكثر تعقيداً ولا يوجد الجهاز الذي يحدد بحياد ماهي المصلحة الوطنية في هذا الأمر أو ذاك؛ وهل نقف مع العسكر أم مع إخوان الفاشيست في حالة الخلاف بينهما أم كلاهما في النار. طيب ماذا لو حاولنا الاستفادة من فلسفة الميزان والمكيال في تقويم المسائل الوطنية والاجتماعية المعقدة؛ في البداية لابد أن نسأل أنفسنا ما هو الشيء المهم؟ هل هو وجود المترو والمكيال أم أن المهم هو الاتفاق على مرجعية هذه الأدوات. من المؤكد وجود عصا من الخشب طولها متراً بالتمام والكمال آلاف المرات في تاريخ البشرية وكذلك قطعة من الحجر وزنها أيضاً كيلو بالتمام والكمال وبالتالي فوجود هذه الأشياء ليس هو أساس المسألة بل أساسها الحقيقي هو اتفاق البشرية على مرجعيتها في حياتنا.
النتيجة التي نسعى إليها من هذا العرض البسيط أن المسائل الوطنية والاجتماعية المعقدة لو استطعنا أن نفككها إلى عناصر بسيطة تم الاتفاق عليها ولم تعد محل خلاف وصارت من البديهيات نكون قد عرفنا كيف نختلف وصار من اليسير الوصول إلى حل أو حلول لأي خلاف. فمن ضمن البديهيات المتفق عليها والتي رفعت شعاراتها ثورة اللوتس الحريات والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية وحسم الخلافات من خلال التصويت وحرية العقيدة وحقوق التعبير وغيرها كثير لا يمكن التراجع عنها. المثال الذي صدرنا به الكلام مثال توضيحي لإدارة الخلاف حول طول الميدان وفيه استخدمنا مقياساً كنا قد اتفقنا عليه سلفاً وبالتالي يجب علينا عند الخلاف حول اعقد المسائل أن نعود إلى المبادئ البسيطة التي صارت محل اتفاق جماعي؛ وقتها نستطيع أن نقول أننا نختلف بشكل موضوعي ومنهجي وأيضاً وضعنا قدمنا في طريق الحل الصحيح بعيداً عن الأوهام والرؤى الشخصية والتقديرات العشوائية.
والسؤال الآن هل نستطيع أن نطبق هذا الكلام على قضية غاية في التعقيد وهي وضع المرجعية الإسلامية للدولة في الدستور الجديد؟ فالمعلوم أن الذي سيتحكم في وضع الدستور تيار الإسلام السياسي صاحب الأغلبية في البرلمان وسيتم استفتاء الشعب عليه قبولاً أو رفضاً؛ ورغم أن فكرة الاستفتاء من الأمور المتفق عليها وتشكل مقياساً مقبولاً إلا أن هناك مشكلة أن المرجعية الإسلامية للدولة أمر مجهول المعالم ويحتاج لمعرفته إلى كتب ومراجع وبالتالي سيتحول الاستفتاء إلى امتحان للشعب وهو أمر لا يجوز؛ وأن بطاقة الاستفتاء لابد أن تحتوي كتابة على الأمور المستفتى حولها وهو أمر في هذه الحالة مستحيل ومصدر الاستحالة أنه لا يمكن تلخيص هذه المرجعية في كلمات قليلة لكونها ليست من المعلوم من الدين بالضرورة وعلينا أن نرفع مع بطاقة الاستفتاء كتاباً من مئات الصفحات يشرح المسألة العويصة وهذا من المستحيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر