الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناقوس الخطر يقرع من بورسعيد

محمد يوسف الحافي
باحث

2012 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تصدرت مدينة بورسعيد قبل أيام نشرات الأخبار, وعناوين الصحف المصرية والعالمية, ذلك بعد الحادث المروع الذي وقع مع نهاية المباراة التي جرت هناك, وكان حصيلتها أربع وسبعون قتيل, هذا غير مئات الإصابات, حيث سارعت وسائل الإعلام لتغطية هذه الأخبار الهامة من ناحية, والغريبة من ناحية أخرى, فمقتل أربع وسبعون شخص حدث اعتدنا سماعه بشكل يومي اثر حادثة تحطم طائرة, أو خلال العنف الدائر في سوريا, العراق أو أي بلد آخر يعيش صراعات دامية, وحروب أهلية. أما أن يموت هذا العدد نتيجة مباراة كرة قدم, والحالة هذه, فهذا الغريب.
فحين يطرح الموضوع للنقاش تتفتح كل الأفئدة وتسمع كثيرا من التحليلات والتفسيرات, خصوصا في البرامج التلفزيونية, وتشير كل أصابع الاتهام لجهات مشبوهة, ومؤامرة دنيئة تتعرض لها مصر, وفعلا تم تشكيل لجان تحقيق وتقصي حقائق, لكنها لن تحل خيوط هذه المؤامرة, لأنها لن تقف على الأسباب الرئيسية لتلك الأحداث, فحادثة بورسعيد تثبت انعدام هيبة الأمن في وجه سطوة الفوضى العارمة التي تضرب في نفوس كثير من المصريين, قبل أن تضرب بلادهم, وبالطبع فان حالة الفوضى هذه وانعدام الأمن تصبح فرصة لأي متربص بمصر, وسرعان ما سمعنا خطب الشجب والاستنكار وعبارات الاستهجان. فالمثال واضح في هذه الحالة, هيبة الدولة إما تظهر فتقهر المواطنين, وإما أن تختفي فيموت المواطنين. فلا يعقل هنا أن شخصا أو اثنين قاموا بكل هذا الشر, فهناك أربع وسبعون قتيل ومئات المصابين, أي أن هناك أربع وسبعون قاتل أيضا, ومئات المهاجمين. والغريب أن مثل تلك الحوادث يتعارض مع كل ما نسمعه عن منجزات الثورة واستكمالها, والرغبة في بناء مصر ديمقراطية من جديد, يحكمها القانون.
فالمتمعن في المشهد, وبعيدا عن كيل الاتهامات وإلقاء المسؤولية على أطراف بعينها, يتساءل عن دور الشعب المصري في حفظ امن وسلامة بلاده, فهناك أطراف سياسية بعينها تحمل المسؤولية لجهات رسمية وحكومية, والأدهى من ذلك لفلول النظام السابق, وهذا غير مستبعد. فالمواطن المصري البسيط الذي لم يشارك ولم يهتم أصلاً بأمور البلاد السياسية ولفترة طويلة خلال النظام السابق أفاق فجأة يطالب بمدنية الدولة وإطلاق الحريات ومحاربة الفساد, ولغى من حساباته واجباته كمواطن يتحمل عبء مرحلة ما بعد إسقاط النظام, وهنا يبرز مفهوم التغيير, والذي لا يصلح في هذه الحالة, واقصد بعد ثلاثين أو أربعين سنة من ألامبالاة والسلبية وغياب الحريات والمشاركة السياسية الحقيقية, فما هي الديمقراطية التي تتناسب مع شعوبنا العربية في ظل غياب الوعي بقضايا الحرية والديمقراطية والإصلاح السياسي والشفافية.
فالشعب المصري كله متهم في جريمة بورسعيد التي تنم عن غياب الوعي والمسؤولية والانجرار وراء مخططات تتربص بالبلاد وتسعى لإدخالها في دهاليز الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار. والعبرة هنا تقول بصعوبة استلهام نماذج نظرية لثورات التغيير وإمكانية تطبيقها بنجاح دون أن تكون هناك جاهزية من المواطنين لتحمل أعباء المرحلة الانتقالية, والعمل على تجنب أخطاء جسيمة من شأنها إضعاف هيبة الدولة, والاكتفاء بإطلاق الشعارات التي تنادي بوحدة الشعب والجيش والشرطة, حيث يجب وضع هذه الشعارات موضع تنفيذ حقيقي, وبنية صادقة, ونبذ الخلافات الحزبية وتحييد المصالح الفئوية, خاصة فيما يتعلق بالمسائل القومية للدولة المصرية.
فمصر بعد ثورة يناير دخلت دون أن تدري مرحلة خطيرة من تاريخها المعاصر, ويجب أن يلعب قادة الرأي ووسائل الإعلام النظيفة دورا في هذه المهمة التي تؤرق كل مصري وعربي غيور على الدماء المصرية التي تراق بلا مقابل, وليعي الشعب المصري خطورة هذه المرحلة, ويلتفت للقضايا المحورية الأهم, لاسيما وان القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تعلن عصرا جديدا من العولمة ينذر بزوال الحدود القديمة وإحلالها بحدود جديدة تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة, متذرعة بالدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات في مصر وغيرها من الأقطار العربية. وعليه فان مرحلة البناء تحتاج لوحدة الصف الشعبي, ووقوفه جنبا لجنب مع القيادة المصرية وهي تمضي في طريق الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي .

محمد يوسف الحافي
ماجستير دراسات الشرق الاوسط
[email protected]
0599468516









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية