الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحذر من إنقلاب عسكري تخطط له جهة أعلى من المجلس العسكري

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 2 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كلمة حق أريد بها باطل ؛ جملة تراثية هي مثال لقدم الخداع السياسي في تاريخنا .
شبيه بذلك الخداع القديم ، خداع حديث ، قامت به الأنظمة الإستبدادية الحديثة و المعاصرة ، و هو ربط المصطلحات الخيرة بأخرى مكروهة .
مثال على ذلك هو ما عرفته - و عبر الترجمة - من أن نظام تشاوشيسكو القمعي نجح في جعل كلمة ديمقراطية بديلاً ، أو مرادفاً ، لكلمة فوضى ؛ و قد نجح بدرجة كبيرة لدرجة أن الذين عاصروا نظام تشاوشيسكو القمعي أحياناً ما يستخدمون في أحاديثهم كلمة ديمقراطية بديلاً لكلمة فوضى .
السلطة في مصر ، و منذ بدأت ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، تحاول القيام بشيء مشابه لما قام به نظام تشاوشيسكو ؛ و لكن بإتباع نهج التطبيق العملي ، و ذلك بنشر الإضطراب ، و الذعر ، من خلال نشر الجريمة و القتل ، في المجتمع المصري ؛ حتى ترتبط كل من الثورة و الديمقراطية بالفوضى ، و بما في الفوضى من سلبيات .
فما الهدف ، و من المستفيد ، من محاولة السلطة نشر الفوضى ، وربط الديمقراطية بالفوضى ؛ في مصر ؟؟؟
الإجابة العريضة هي : تبرير الإستبداد عندما يأتي ، و ذلك بدفع الشعب لكره الثورة التي شبت ، و كره الديمقراطية التي طالبت بها الثورة ، و المطالبة بالإستبداد بديلاً لهذه الديمقراطية التي تأتي بالفوضى ، و هذا في مصلحة السلطة لأن الإستبداد سيحافظ عليها في مواقعها ، لأنها هي التي ستستبد .
لكن هنا تطفو ملاحظة ، و هي أن في سعي السلطة لربط الديمقراطية بالفوضى ، و ذلك من خلال نشر الجريمة ، و الإكثار من عمليات القتل الجماعي بشكل أصبح شبه شهري ، فأن السلطة تدمر نفسها ، لأنها تظهر ضعيفة ، غير قادرة على الإمساك بزمام الأمور ؛ و بالتالي تدمر فرصها في الظهور بمظهر المنقذ ؛ و بالتالي فرصها في البقاء .
هذه الملاحظة - المشار إليها في الفقرة السابقة مباشرة - تسقط عندما نفهم تركيبة السلطة الحالية ، و كيفية عملها .
السلطة الحالية إتخذت شكل جديد ، و إن إستمرت إستبدادية قمعية ؛ و هو الشكل الذي يختلف عن الشكل القديم الذي عهدناه منذ تولي عبد الناصر الحكم و إلى سقوط مبارك .
الشكل الجديد للسلطة تشكل فعلياً بعد فشل معارك الثاني من فبراير 2011 ، و أصبح واقع بعد إعلان سقوط مبارك الأثيم .
الشكل القديم كان هو سلطة الفرد الأوحد ، الذي يمسك بزمام السلطة بقبضة من حديد ، كما كان عبد الناصر و السادات و مبارك ، و يتحكم بالتالي في كل سياسات الدولة ، من السياسات الخارجية إلى الداخلية ، و يقرر الشكل الإقتصادي للدولة ، و كذلك السياسات الإعلامية و الرياضية ؛ أي الذي يتدخل بسلطة مطلقة في كل كبيرة و صغيرة ، تقريباً ، في الدولة ، فيشكل الدولة على هواه .
الشكل الحالي يختلف ، لقد سقطت سلطة الفرد المطلق ، لتصبح سلطة أجهزة .
الشكل الحالي أعطى مرونة للإستبداد و القمع ، لأن الأفراد الذين يشكلون السلطة أصبحوا في حد ذاتهم أقل قيمة من الناحية السياسية ، وبالتالي يمكن إستخدامهم من قبل الأجهزة التي تشكل السلطة كما يستخدم لاعب الشطرنج قطعه الستة عشر ؛ فهو يبدأ اللعب بقطع و يؤخر إستخدام قطع أخرى ، و يضحي أحياناً بقطع من أجل فتح الطريق لقطع أخرى يملكها رسم لها في ذهنه دور أكبر يعتقد إنه سيأتي بالنصر ، و ما إلى ذلك من أساليب لعب الشطرنج .
إنه نظام جديد شبيه بالنظام الإستبدادي الصيني الحالي ؛ فالأشخاص يتبدلون في قمة النظام الصيني ، و لكن الحزب القمعي الحاكم يظل قابض على السلطة ، و القمع مستمر .
السلطة الحالية تلعب معنا لعبة شطرنج ، فهي في سعيها لربط الثورة و الديمقراطية التي طالبت بها الثورة بالفوضى ، من خلال نشر الجريمة و تبني سياسة القتل الجماعي بشكل شبه منتظم من خلال التغرير ببعض الشباب من خلال منظمات عميلة لها مثل مجموعة السادس من إبريل ، أو من خلال بعض البلطجية و الأوباش كما حدث في إستاد بورسعيد في الأول من فبراير 2012 ، أو محاولة تقويض مؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطياً كما في التظاهرة الفوضوية التي حدثت أيضاً في الأول من فبراير 2012 بشارع القصر العيني و التي قامت بها جموع عميلة للسلطة و ترفع شعارات يسارية و ليبرالية ؛ فإنها - أي السلطة - تضحي بالمجلس العسكري الحالي ، أو على الأقل بطنطاوي ، لتبقى .
هناك جهة ما ، في السلطة الحالية ، أعلى من المجلس العسكري تخطط لتقويض الديمقراطية ، فور أن تشعر أن الشعب بدأ في التململ من الفوضى التي صنعتها ، و ذلك التخطيط بعلم المجلس العسكري الحاكم كما هو واضح من سلوكياته .
من السهل ملاحظة أن خطة السلطة الخبيثة على أرض الواقع توازيها خطة إعلامية ذكية تقوم بها من خلال إستخدام قنوات فضائية غير تابعة لها ، مثل قناتي الجزيرة و البي بي سي العربية ، من خلال بعض مراسلي تلك الفضائيات من المصريين العاملين في مصر، و الذين من المعروف صلاتهم بالمخابرات السليمانية و جهاز مباحث أمن الدولة المنحل إسماً و العامل فعلاً ؛ فهؤلاء المراسلين كثيراً ما ينهون تقاريرهم الإخبارية عن الأحداث العنيفة الجارية في مصر بلقاءات مع أشخاص من الشارع ، يفترض إنه تم إنتقائهم عشوائياً ، يتحدثون دائما عن تمني الإستقرار ، و عن الملل من الأحداث الجارية ، بطريقة هي رسالة للشعب ليشاركهم الرأي .
عندما تنضج عملية ربط الديمقراطية بالفوضى تأتي الخطوة الأخيرة في خطة السلطة ، و هي القيام بإنقلاب عسكري ، يطيح بالبرلمان المنتخب ، و بالمجلس العسكري الحالي إن كان لازل في السلطة ، أو بطنطاوي فقط ، أو بالرئيس القادم ؛ و يصحب ذلك خروج مسيرات منظمة في أنحاء مصر ترحب بالإنقلاب العسكري و بالإنضباط العسكري الذي سيقضي على الفوضى و يجلب الإستقرار و الهدوء ؛ ليعود الإستبداد .
إذا خطر الإنقلاب العسكري يمكن أن يأتي ليس فقط من أفراد من القوات المسلحة غاضبين على الأوضاع الحالية ، أو هم مجرد مغامرين طامعين في السلطة ، بل و أيضاً من أفراد من القوات المسلحة هم من السلطة أو تابعين لها ، بل ربما من داخل المجلس العسكري الحاكم حالياً ؛ و التفرقة بين هذين النوعين من الإنقلابات العسكرية يمكن أن نعرفها من خلال مقال سابق لشخصي البسيط عنوانه : هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي ، و كتبته و نشرته في الحادي عشر من فبراير 2011 ، قبل علمي بسقوط مبارك ، و يوجد المقال كتسجيل صوتي بنفس العنوان في قناة حزب كل مصر - حكم ، في يوتيوب :
allegyptparty .
على أن التفرقة لا تهمنا ، لإننا يجب أن نظل أنصار للديمقراطية ؛ فعلينا أن نرفض ، و أن نقاوم ، أي تعدي على الديمقراطية ، أياً كان هذا الذي يتعدى عليها .
إحباط خطة السلطة ممكن بإتباع بعض السلوكيات منها :
أولاً : الإلتزام دائماً بالنهج السلمي في التعبير عن الرأي ، و رفض العنف بكل أشكاله ، و الإصرار على السير في خطة الإنتقال الديمقراطي بدون تعجل .
ثانياً : الإلتزام بالعملية الديمقراطية ، و الدفاع عنها ، بتقبل كل النتائج التي تأتي بها الديمقراطية ، كما تقبلنا فوز الإخوان بالمركز الأول في إنتخابات مجلس الشعب و فوز حزب النور بالمركز الثاني ، بالرغم أن السلطة أقصت حزب كل مصر - حكم عمداً عن الإنتخابات ، و برغم إختلافنا مع الإخوان و حزب النور ؛ و كما ندافع عن مجلس الشعب الحالي ؛ فهذه هي الديمقراطية الحقة ؛ القبول بنتائج الإنتخابات الحرة ، و دعم المؤسسات الناشئة عنها .
ثالثاً : التوعية الشعبية ، و أهم ما في التوعية كشف الخطة الخبيثة للسلطة أمام الشعب .
رابعاً : الخروج بالملايين في كافة محافظات مصر ، للتظاهر و الإعتصام بشكل سلمي تماماً ، في حالة حدوث أي إنقلاب عسكري ، لإعلان رفضنا له ، و العمل على إسقاطه .
خامساً : في حالة حدوث إنقلاب عسكري ، علينا كشعب التمسك بالمؤسسات المنتخبة ، و بخاصة البرلمان ، و الإعلان عن إنها الممثل الرسمي للشعب المصري .
يجب أن نظل دائماً أنصار للديمقراطية ، و حقوق الإنسان ، فخطأ الثالث و العشرين من يوليو 1952 يجب ألا يتكرر ، فستة عقود تقريباً من القمع و الإستبداد و الفساد تكفي .
تصويب : في المقال السابق على هذا ، و الذي عنوانه : الحكم بالنسبة لنا وسيلة من أجل غايات نبيلة ، و الذي كتبته و نشرته في الثاني من فبراير 2012 ، وردت العبارة التالية :
أولاً : متطوعين في كافة محافظات مصر الثلاثين من خارج أعضاء حزب كل مصر - حكم ؛ و صواب العبارة :
أولاً : متطوعون في كافة محافظات مصر السبعة و العشرين من خارج أعضاء حزب كل مصر - حكم . إنتهى التصويب ، و لكن ليلتمس لي القارئ العذر لأنني عندما كتبت : الثلاثين ، كان في ذهني تقسيم إداري سيتبناه حزب كل مصر - حكم في المستقبل ، بإذن الله .
ملحوظة لأسباب أمنية : إنتهيت من هذا المقال في الساعة الثانية عشرة و ستة و عشرين دقيقة من ظهيرة يوم الإثنين الموافق السادس من فبراير 2012 ، بالتوقيت الشتوي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، المماثل للتوقيت الشتوي لمدينة القاهرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون ينفي وجود خطط لانتشار الجنود الأميركيين في قطاع غز


.. هل يحمي الواقي الشمسي فعلا من أضرار أشعة الشمس؟| #الصباح




.. غانتس: قادرون على إدخال لبنان في حالة من الظلام وتدمير القدر


.. حرب غزة.. نازحون يعيدون استخدام أكياس الطحين لصنع خيام تؤويه




.. بعد اختفاء سيدة في جزر البهاما.. السلطات الأميريكية تحذر من