الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الأفضل حكومة التكنوقراط أم حكومة الحزبية لإقليم كردستان في الكابينة السابعة

عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

2012 / 2 / 7
السياسة والعلاقات الدولية



يمثل التكنوقراط الشخصية الحائزة على شهادة علمية عالية في احد العلوم من ذوي الخبرة العملية الكبيرة في مجال اختصاصه . أن السلطات التشريعية يجب أن تضع لكل درجة وظيفية في السلطة التنفيذية المؤهلات المطلوبة وتفتح الترشيح لجميع أهل كردستان المستقلين الراغبين في الترشيح من الذين تتوافر فيهم هذه المؤهلات ثم تجرى بينهم القرعة بشفافية تامة على أن يشمل ذلك جميع المناصب والوظائف ابتداء من أعلى قمة هرم السلطة التنفيذية حتى أدناها دون استثناء . ان هدفنا من هذه المقالة بيان الفرق بينها وبين الحكومة الحزبية وأي من هذه الحكومتين أفضل للشعب ؟. ولنعرف ذلك لابد لنا من التعريف بشكل بسيط بالحكومة الحزبية التي تعني قيام الحزب الحائز على أغلبية مقاعد مجلس البرلمان بتشكيل الحكومة. إن مثل هذه الحكومة عادة ما تكون محمية من قبل السلطة التشريعية لأنها حكومة الأغلبية وهو ما يجعل من اتخاذ أية إجراءات بحق احد أو جميع أعضائها ضربا من المستحيل إذ لايمكن محاسبتها أو مسائلتها فضلا على تعديلها أو عزلها وذلك بسبب التصويت ضد أي إجراء قد تقدم عليه الأقلية في مجلس البرلمان في حالة إهمال أو تقصير الحكومة أو احد أعضائها لأنها تمثل الحزب الذي يملك الأغلبية وعليه يمسك بالقرار السياسي في الإقليم طيلة مدة الدورة الانتخابية فتكون السلطتان التشريعية والتنفيذية بيد الحزب وذاك ما يتعارض مع مبدأ فصل السلطات. وفي هذه الحالة على الشعب في ظل نظام ديمقراطي شكلي أن يتحمل إخفاقاتها وسوء أدائها لحين انتهاء الدورة الانتخابية التي غالبا ما تكون أربع سنوات في أفضل الأحوال .
كما أن هناك إشكالية أخرى في الحكومات الحزبية وتتمثل بتأخير تشكيلها وضعفها عندما لا يحصل احد الأحزاب على الأغلبية في مجلس البرلمان مما يضطره لإ قامة تحالفات مع أحزاب أخرى لكي يضمن الأغلبية المطلوبة التي تؤهله لتشكيل الحكومة،وهذا ما حدث بين الحزبين(حزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني)منذ عام 2002 . ومثل هكذا حكومات عادة يكون أدائها ضعيفا بسبب تداخل الحزب في مفاصل الحكم. أما حكومة التكنوقراط فإنها لن تكون تابعة لأحد مما يسهل مسائلتها ومحاسبتها وسوف لن يكون هناك من يحميها سوى مستوى أدائها وهذا هو المطلوب من قبل الشعب لأنه يريد من الديمقراطية أن لا تبقي موظفا أو عاملا لحظة واحدة في مؤسسات الإقليم مالم يكن بالمستوى المطلوب منه في الأداء والكفاءة والنزاهة.
ومن خلال هذه الموازنة البسيطة يتضح لنا مدى الايجابيات والفضائل والمميزات التي تتسم بها حكومة التكنوقراط على الحكومة الحزبية ولهذا السبب نعتقد أن حكومة التكنوقراط تلبي تطلعات الشعب أفضل بكثير من نظيرتها الحزبية . خير الدليل على ذلك إن الأزمات الاقتصادية و السياسية أطاحت بكل من ببابندريوس في اليونان، وسيلفيو برلسكوني في ايطاليا.وزين العابدين في تونس،وحسني مبارك في مصر،ومعمر القذافي في ليبيا، وعلى عبد الله صالح في اليمن،وشعبية الرئيس السوري بشار أسد تتدهور ، في إيطاليا و اليونان كما في تونس و ليبيا، اتجهت الأنظار إلى حكومة التكنوقراط بدلاً من الحكومة الحزبية. بعد ضجر الإيطاليين من مغامرات برلسكوني النسائية وإخفاق وزرائه،وضجر اليونانيين من فساد المالي و الإداري من قبل ببابندريوس ووزرائه،وغضب التونسيين من فساد المالي و الإداري و السياسي من قبل زين العابدين و وزرائه و أقربائه،وغضب الليبيين من مغامرات و احتكار السلطة من قبل القذافي و أعوانه، كذلك الحال بالنسبة لفساد و احتكار السلطة من قبل حسني مبارك،ودكتاتورية كل من علي عبد الله صالح، وبشار الأسد.
إن أحزاب الخمسينيات و الستينيات و السبعينيات كانت أحزاب وطنية وكان من بين روادها زعماء من رجالات الوطن وكان إيمانهم عميقا بالحياة السياسية الوطنية المبنية على المصالح القومية و الوطنية العامة ،ولكن ما بعد التسعينيات رؤية الأحزاب تغيرت من المصالح القو مية و الوطنية إلى المصالح المادية و الإدارية .
بيد إن الزمان الذي تتعايش فيه الأحزاب على أموال الشعب ويتم فيه تقاسم جميع الدرجات والمناصب على أساس حزبي قد أنتهي، ويجب على الحزبين الكرديين الرئيسين إن تدير الإقليم عبر الحكومة التكنوقراطية لا ان تستولي عليه. تداخل الأحزاب ولاسيما الحزبين الحاكمين في مفاصل الحكم، يعد احتكارا للسلطة.إن المتضررالاكبر من التداخل في شؤون الحكم هو الشعب ، لان جميع سلبيات الحكم في النتيجة ستنعكس عليه.
بعد انتفاضة شعب كردستان في 5 من مارس - آذار في العام 1991 جرت أول انتخابات حرة في كردستان في 19 من مايو| مايس 1992 ،و تشكلت بعد ذلك أول حكومة كردية بين الحزبين الكردستانيين الرئيسين (حزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)،برئاسة الدكتور فؤاد المعصوم وبعد ذلك بدأت مرحلة جديدة على الصعيد الداخلي في بناء مؤسسات قانونية تجلت في جملة قوانين صدرت عن البرلمان خاصة بالوزارات وكيفية التعامل مع الوضع الجديد في إقليم كردستان بإطار قانوني وكل ذلك جرى في أجواء من حماية دولية بقرار من المجلس الأمن إذ عدت هذه المنطقة خطاً أحمر للقوات العراقية التي عرفت (الملاذ الآمن)،ويتكون إقليم كردستان من محافظات أربيل، السليمانية،دهوك. ومرت كردستان بظروف غير مستقرة حتى العام 2000, لتبدأ بعد ذاك حملة شاملة للأعمار.
شكلت في تاريخ الإقليم حكومات حزبية ثنائية و فردية منذ عام 1992 ، وبعد سقوط نظام صدام حسين في 9-4-2003 ، أصبح الاتحاد الوطني الكردستاني ، الشريك الاستراتيجي للحزب الديمقراطي الكردستاني في تشكيل الكابينات الحكومية.وتم تشكيل أول حكومة موحدة اذ قرر أعضاء البرلمان الكردستاني، بالإجماع ، منح الثقة للحكومة الكردية الموحدة. وضمت الحكومة الكردية الموحدة 27 وزارة، وزعت بين الحزبين الكرديين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني، الذي شغل 11 وزارة، فيما شغل الاتحاد الوطني الكردستاني، 11 وزارة، وتوزع بقية الوزارات على الأحزاب الكردية و التركمانية الصغيرة. وترأس الحكومة الكردية الموحدة نيجيرفان بارزاني (قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني) ، ونائبه عمر فتاح، (قيادي في الإتحاد الوطني الكردستاني). يذكر إن الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان منذ عام 2002 يتقاسمان منصب رئاسة الحكومة في الإقليم، ذلك حسب الاتفاق الموقع بين الحزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني ، الذي يقضي بتداولهما السلطة كل عامين.
على غير العادة يحظى التشكيل الحكومي (الكابينة السابعة) برئاسة السيد نيجيرفان بارزاني باهتمام كبير من قبل كافة مكونات الشعب الكردستاني السياسية الرسمية والمعارضة بجانب الاهتمام الشعبي على حد سواء لما له من أهمية في ظروف الإقليم السياسية والاقتصادية و الخدمية، وهناك كثير من الاحتقانات بين الحزبين الحاكمين(الحزب الديمقراطي الكردستاني و الإتحاد الوطني الكردستاني) والمعارضة من جهة وبين الشعب والأطراف من جهة اخرى مضافا لذلك الظروف المعيشية والخدمية المتردية بالداخل التي عجزت الحكومات السابقة حتى الآن عن تقديم الحل الناجع لها ومظاهرات 17 من فبراير| شباط عام 2011 خير دليل على هذا العجز. ودعوة المتظاهرين القضاء على الفساد المالي و الإداري و السياسي، فأصبح الكل ينظر إلى السماء ليأتي الحل.. في هذا الوقت نطرح سؤالا عن أيهما أكثر نجاعة في حل الأزمة حكومة التكنوقراط (المهني) أم حكومة الحزبية الذي ينتمي لحزب سياسي بعينه؟ وما هو البرنامج المنقذ للإقليم وتجنيبه التصعيد؟والنهوض بالاقتصاد وبمستوى الخدمات وتحسين ظروف معيشة المواطنين.الجواب هو حكومة التكنوقراط بدلاً من حكومة الحزبية الضيقة التي جربت لمدة عشرين سنة وباتت كلها بالفشل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا