الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهكذا يخلق الحب ....قراءة في نص الشاعرة أبتهال بليبل ............يحيى الحميداوي

يحيى الحميداوي

2012 / 2 / 7
الادب والفن


ماهكذا يخلق الحب ................
قراءة في نص الشاعرة أبتهال بليبل ..........................

يحيى الحميداوي

-------------------------------------------------------

خلقت الشاعرة من عنوان قصيدتها النثرية مسافة جمالية وهي التي تعطي نتائج مخالفة لما يتوقعه القارئ في النص مما يوحي إلى نضوج مخيلة الشاعرة ومقدرتها على التعامل مع أدوات النص والغور في تشكيلات من الصور شكلتها على شكل رسائل مستبعدة لإشارات التخمين ومستوقفة لدهشة القارئ في الابتعاد عن ما أرادت الشاعرة من نصها إن يكون حتى إنها استخدمت الاستباق السردي في مضمون النص بحيث أعطت للقارئ إشارة على إن الحب الذي تريد ان تعيشه هو ماخلا من السلبيات التي تشير إليها في الأخر ...
ما هكذا يخلق الحب!
فهي تريد من العشق الذي تنتظر هطول سمائها برسائل الشوق إن يكون عشقاً صاخب تحترق الأوراق من سخونة الحروف الممتلئة بالشوق واللوعة كما النوافذ وهي تتعرى إمام الريح تاركة أماكنها مبعثرة في اتجاهات مختلفة وكأنها أرادت في النوافذ صورة رمزية للأمنية التي تعلقت بها واسهدت منامها من هذا الزائر المنكفئ بتردده وخوفه وبرودة مشاعره لتستفهم بتوالي الأسئلة وهي تعرف انه يعاني الهزيمة من البوح والنطق في صومعة الأضواء التي أوقدتها بالعشق وجعلت من أشرعتها مرخية عمياء تنتظر من يشاطرها أنين البحر وخوفه .
أريد من رسائلك..
نوافذ وقد خلعتها الريح،
أسير يا جسد الأمنيات ...
أما كنت تنكفئ خلف أضواء الهزائم،
ما زلت منكفئ...
هذه الأصابع ...
ترخي أشرعة عمياء
وهدير الموج يعٌبر الشوق المخنوق من تحت الأحجار...
تتكاثف الصور وتتطور المشاهد حتى أنها تحاول لملمة من تبقى من هزائمه وتعطي ايحائات للعذاب والآلام والأسى الذي يحياها إلى أنثى تتشبث بالحلم الذي يخترق النبض ويحتضن الهمسات والرعشات التي تتلبسها حينما تكون لملامحه صورة طاغية في حدقات تترقب لحظة الصلب على أعواد العشق المنصوبة في مخيلة الشاعرة وهي تخاف الطعنة وأصوات البكاء وانتهاء الأحلام في غفوة من الزمن
تحاول الشاعرة تدارك اللحظة وإيقاف دورة الزمن كي لاتشيخ الصورة المرتقبة وتنحني للموقف الذي يمتد ليقسو ويخلف فضاء من البعد والحيرة تريد إن تهرب أو تحاول الابتعاد عن اشتعالات الغياب المخيف حتى إن القارئ حين يتلمس النص يشعر بفوبيا الخوف من المجهول الذي يدخل في ذهنية الشاعرة متشكل على صورة موت أو فراق مكاني أو انزيحات نفسية لرواسب قديمة مازالت الشاعرة تعيش وقعها إلى ألان رغم انتهاء تأثيرها إلا إن مؤثراتها النفسية مازالت موجودة تخترق النص وتعبئ تصورات القارئ بتلك الصور ........
أريد من ملامحك..
لملمت وُرَيقات النبض ...
فأحتضن همساتها الصامتة ...
هذه طعْنة بَاكِيةْ تقترف جرما في أحلامي الغافيات،
حاصرتْها أسراب الجمود
حتى شاخت قبل ولادتها...
أريد من الغياب أن يهرب ..

وهنا تخنق لحظة السكون وتشعل كبريائها الذي مثلته بالخيمة لتنطق بما أرادت وتزيح لجام لسانها لتقول محاولة استفزاز الرجولة المخبوءة خلف انهزامه المخيف ....إما حرك فيك شيئا ذلك الصوت المسافر بينك وبين الانتظار الذي خافت انتهاء اجله ولم ينتهي خوف الغجرية المنتظرة لنداءات صوتك الأخرس المختنق وهي تجتر اللحظات المرة تتراقص أمل بالهطول المضني الذي اشبع روحها عطشا ...
ينصت لأنين غجرية،
تحرق خيمتها الثلجية وردائها الصوفي..
هل أغراك صوتها المدهون بمخاض الهجير؟.
هنا عند مراكب الانتظار ..
تساقط الغروب قرب ضريح أنثى،
تفعل ما يفعل هنود الحمر،
الرقص حول نار الأمل في جزيرة منكوبة،
وتواصل الشاعرة تجسيد التجربة التي صورتها وتسترسل في وصف الليل بظلامه وخوفه وترقباتها التي أنهكت صبرها وتحاول إن تلتقي بالغارق في حوت صمته المرير وخوفه المزعج لمشاعرها المتوقدة عسى إن يلفظه الحوت ويستفيق لنداءات روحها التي تعيش لحظات الوجع وتعاني من شيخوخة الانتظار وتترقب الاندماج والانصهار في بوتقة الحب التي صنعتها برسائل موحية ومباشرة والتي أرادت لها إن تكون صاخبة ومؤثرة
صرت فيها أزحف ليلا ...
لا قمر فيه
ونجومه تلعق السماء بغرغرة الرقود ...
إليك،
لو جردتني من ارتجاج أنفاسي ...
لتقوس قلبي على بصيرتك،
وحررك من مضغة الغياب في جوف حوت يونس،
تعيد الشاعرة لندائها الذي ابتدأت به وتحاول إن تضفي مزاجها وشحنات مللها بتكرار عنوان النص لتجعله تأكيد على ما أرادت من الحب إن يكون حبا غير تقليدي تشتعل بحضوره كل الموجودات المحيطة وتختفي لحظات الصمت التي تسيطر على الأخر هذا ما أرادت ولكن مازال الأخر منكفئ على ذاته غارق في تردده وصمته وهذا ما يقلق الشاعرة التي تختفي خلف النص لتقوده حيث ماشاءت وتعطيه زخم روحي من خلال الإرهاصات التي تنتابها وتحاول شد القارئ من خلال ومضات الجمال في أركان النص الذي شكلته على شكل وحدات متداخلة مع بعضها غارقة في الصور التي لونتها بمشاعرها ,وفي رمزية جميلة للمشاعر التي تحتويها وتحاول الإبقاء عليها تصور تلك المشاعر والأحاسيس كأنها طفلتها البكر التي شكلتها بحروف لونتها الرسائل التي ربما خافت عليها من احتراق النسيان وغفلة الأخر من إهمالها في زوايا منسية عما تحتويه من أوجاع وأماني برمزيتها هذه حولت النص إلى نص شمولي رغم خصوصيته في التعبير عن ذات الشاعرة وان لم يكن تعبير تقريري واضح وأعطته إبعاد أخرى لجعل المتلقي يضع صورته في النص المشحون ويكون عبارة عن تجارب إنسانية متعددة وغير محدودة تتخذ أزمنة واسعة من خلال التوظيف الجميل لتنقلات النص وصوره الرائعة

ما هكذا يخلق الحب.
إليك مرة أخرى ..
لو تركت التسكع في قلاع النساء، يوما ..
تَستَسقِي خوفي من ركامِ
أيقظ صَقيعِ الأحزان في نزهتك العمياء..
علها رقصات عيني بين ظلام الوعود سقطت سهوا على بؤرة السعير.
ماذا فعلت بطفلتي،
أرميتها في محاجر الحروب حتى اكتملت اليوم عجوز،
طمرت ماضيها تحت أنقاض الوريد،
ماذا فعلت بها وكيف جمعت أنفاسها في مداخنك الرطبة؟.
يختارني النسيان،
من بين أزقّة الحَواشِي...
أنا لست خاتمة
ترددها كخارطة وطن
تَفَشَّى حبر النحيب فَوق خطوطها...
على الرغم من إن هناك شيئا من المباشرة في بعض تفاصيل النص إلا إن تلك المباشرة لم تؤدي إلى إضعاف النص وإنما أعطت جمالية واقعية وشحنة لروعة القصيدة حتى إن خطابية النص كانت لذيذة وخلقت جوا من الألفة بين المتلقي ومفردات القصيدة وفي لحظة الذروة استطاعت الشاعر إن تختصر الزمان من خلال الإيحاء باستخدام مفردة (الروزنامة )إلى أنها ممتدة في تاريخ الأخر بلا حدود للزمن المعني وتختم نصها المشحون بالأمنيات رغم السوداوية الحزينة من الأخر بصورة أكثر ضبابية وكأنها تريد إن تقول إن تكاثف الألم والحزن لابد إن يكون ورائه من لحظات صحو وأمل مرتقب أنا تاريخ في (رُزنَامَة) عمركَ..
صمت الأرقام يصرخ بي.. فينطق النبض.
أمضي أمامك
ويساورني نِثَار الفَصل الأخير من حكاية
بعثرتها تَحت سُورِ كبريائك المبهور
وهو يُماحك رُّكن الإِيَاب المَبتُور.
الشاعرة المبدعة ابتهال بليبل حرف هادئ له القدرة على التاثير بجمالية من خلال قدرتها على استخدام المفردة الأنيقة والتركيب الأكثر إيحاء وخلق صور مركبة في نصوصها السردية أو استخدامها للمومضة الشعرية حتى إن القارئ لايمل من تشعباتها ومنحنيات حرفها الجميل .........

يحيى الحميداوي

يغداد
5-2-2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب