الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما قيمة الجمال

طلال سعيد دنو

2012 / 2 / 7
الادب والفن


ما قيمة الجمال
الكل يحبون الجمال , ولكن ما هو الجمال وما مقاييس الجمال ؟... وهل هناك نسب معينة متفق عليها تعني لنا ما نطلق عليه ...... الجمال ؟؟
روى لي فنان تشكيلي حادثة وقعت له وهو لم يزل طالبا .. دخل المحاضر الى قاعة الدرس حاملا علبتين والمحاضرة كانت حول التذوق الفني , وضع الاستاذ العلبتين على المنضدة وصار يتكلم ويقول بانه لا يوجد شيء محدد ممكن ان نطلق عليه صفة الجمال ولكن المهم كيف نبرز هذه الصفة وان نرى اي شيء من عدة زوايا قبل ان نعطي راينا ..وما نراه في الطبيعة كله جميل ولكن الكيفية هي التي تبرزه او تغبط حقه , واعطانا مثالا بان فتح العلبة الاولى واذا بها مجموعة انابيب موضوعة بطريقة فوضوية غير متناسقة ولا يحس الناظر لها باي احساس جمالي مريح للعين وسال اين الجمال في هذه الانابيب فلم يرتح احد من الطلبة للسؤال ولا للشكل العبثي الذي لا يعطي اي انطباع بالجمال .. ابتسم المحاضر وفتح العلبة الثانية واذا بها نفس الانابيب وقد وضعت بطريقة مقصودة ومرتبة بشكل مريح للعين تعطي للناظر احساسا بالجمال والراحة .
نفس المادة وبنفس الكمية والالوان ولكن وضعت بطريقة مختلفة فتحولت من مادة غير جميلة الى مادة تسر الناظر .. اذن كيف نتذوق الجمال وكيف نعطيه حقه المعنوي والمادي وفق هذا المفهوم الذي لا يعتمد على اي شيء الا كيف نرى الاشياء او من اي زاوية لكي يبرز جمالها .
ان كان للجمال البشري مقاييس للجمال فهل هناك مقاييس للحيوانات وللنباتات وحتى للحشرات والطبيعة الصماء وكيف نقول عن هذا جميل وهذا قبيح او غير جميل وهل الشكل يكفي في الحياة حتى نعجب به .....؟؟؟؟؟؟؟
تساؤلات تدفعنا لمراجعة افكارنا في هذا الموضوع
في جلسة جمعتني مع شخصين الاول وسيم بهي الطلعة والثاني كان فقير الوجه لا يتمتع باي جاذبية في الشكل وبدأ بيننا حديث ونقاش وتداخل في الاراء صرت ارى الرجل الوسيم يتكلم وفق ما يمتلكه من مواصفات شكلية وبغرور كريه حين يتعامل مع غيره والاخر يتكلم باخلاق دمثة ووجه بشوش ومن خلال التعامل صرت ارى الرجل صاحب المواصفات البسيطة اجمل من الوسيم لانه دخل من باب العقل لا الشكل فجلس في الصدارة والاخر دخل من باب الشكل لا العقل فتخلف في جلوسه عن الثاني الذي كان في البداية هو المتخلف مع اننا لم نكن في سباق ،
فهل للجمال قيمة عندما نخالط البشر ام للاخلاق والتصرفات القيمة الاعلى صحيح الانسان يحاول ان يبدو بشكل اجمل لكن الغلبة ستكون عند المعايشة للتصرف والمنطق .
رجل ينظر الى امرأة متواضعة الجمال ويقول لها ما اروعك وما اجملك فنتسائل هل هو ينافقها بالكلام ام يرى فيها ما لا نراه ..اكيد انه بعدما تعامل معها صار يرى فيها ما لم نره ووصل الى قناعة بانها جميلة جدا ..
روى لي احد الاصدقاء عن هذه القضية بان لديه صديقا طويل الجسم له وجه غير جميل وفيه اثار وندوب مرض الجدري ولا تحس عند رؤيته باي ارتياح ولكن كل من تكلم معه يحس به قريبا من نفسه لوده ودماثته ورقته في التعامل والتي تعكس ما في داخله من اخلاق جميلة فهل نستطيع ان نحكم على البشر من خلال شكلهم الخارجي ام من خلال روحهم واخلاقهم .
في الفن التشكيلي بكل اقسامه كثيرا ما يختلف الناس في تذوق جمال القطعة الفنية كلوحة او تمثال ..مادة فخارية وغيرها والذي يراه احدهم جميلا ربما يراه الاخر قبيحا وكل ذلك ينتج عن تراكمات الافكار والتعامل مع الاعمال على اساس فني عملي او اساس الذوق العام للبشر مع ان تنوع الثقافات او تفاوتها يجعلنا نتفاوت في تذوقنا للاعمال الفنية بشكل عام ونرجع للسؤال الاساسي ، كيف يتم تقييم الجمال في هذه الحالة .. وكيف يكون العمل اجمل من غيره وما هي المواصفات والمعايير التي ثبتت هذا الشيء وهل للذوق العام علاقة بهذه المواصفات .
الطبيعة بشكل عام بجبالها وسهولها بصحاريها وغاباتها اذا لم تتعود عينك على ان تكون بديل عدسة الفنان لن تستطيع ان تلتقط اي لقطة جميلة وستكون البيئات كلها اعتيادية اذا لم ينبهك احد الى جمال الذي حولك ..في الطبيعة يعيش الغزال والجدي في بيئة متشابهة والشكل العام للحيوانين متشابه نسبيا والكل يرى ان الغزال اجمل من الجدي فعلى اي اساس اتفقوا على ذلك !! ولو راقبت رشاقة الجدي وهو يتسلق جبلا او ينزل منه لدهشنا لرشاقته وانسيابيته في التسلق ولكن عندما يتعلق الامر بالجمال نصوت للغزال الرشيق من دون ان نحترم رشاقة الجدي الحقيقية .. النمر المفترس والافعى المخيفة عندما نراقب حركتهما لا نملك الا ان نعجب لجمالهما ولكن لا نفكر بالرعب الذي نحسه لو كانوا قربنا فعل اي اساس كونا هذا الاعجاب ..
في الموسيقى كل واحد منا لديه حب لآلة موسيقية بشكل خاص وبنوع من الموسيقى ايضا ويعتبرهما مثالا للجمال في العطاء ومفضلة عنده عن كل ما يسمع فعلى اي اساس قرر الانسان كل هذا ولم الاختلاف في الاذواق واي من المقطوعات اجمل ..لا احد يستطيع ان يقرر افضلية معزوفة او صوت مطرب او لحن عن اخر لأن غيره يرى غير ما يراه فما هي النصيحة التي نستطيع ان نوصلها لاخواننا حول ماهية التذوق الجمالي وما هي المقاييس التي يجب ان نسير عليها في كل مرة نتناول فيها اي امر مع مراعاة الحالة النفسية لاي شخص في ذلك الوقت
دعوة لكل من يقرأهذا المقال ان يناقشه مع نفسه ويسأل على اي المقاييس اقيس الجمال ؟؟؟





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


التعليقات

1 - عزيزي الفنان الأستاذ طلال دنو المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 2 / 7 - 07:45 )
ما رأيك يا سيدي لو وضعتَ قرداً مكان الجدي وقارنت ، فمن سيصوّت للقرد المسكين إلا حضرتي ؟؟
نعم أشرتُ ( بشجاعة ) لهذه المقارنة في مقالي الأول إن تذكر ولصالح القرد
نحتاج يا أستاذ إلى قلم الناقد الذي يلفت نظرنا إلى مواطن الجمال في الرسوم ، في الموسيقى ، في الأدب ، ولا يخفى الجمال بطبيعة الحال ، لكن الأمر يحتاج إلى تدريب ، كما تتدخل فيه العوامل المعنوية أيضاً
فلو لم يقاسمنا القرد ( وافي ) جزءاً من حياتنا وأدهشنا بجمال تصرفاته لما أحببناه كل ذلك الحب ، وبكيناه عندما مات ورثيته في مقال كما أرثي شخصاً عزيزاً
نظرتك راقية إلى الجمال حبذا لو أتحفتنا بين فترة وأخرى بمثل هذه المقالات ، ولنا الحق بكل الأحوال أن نسألك : وعلامَ هذا الغياب يا أستاذ؟ الدوسييه بتاعك مليء بالعلامات الحمراء فسارع إلى الحضور قبل أن يأتي يوم الحساب

2 - تدريب العين لترى الجمال
فاتن واصل ( 2012 / 2 / 7 - 08:41 )
مرحبا بك استاذ طلال بعد طول غياب تهانينا بعودتك للكتابة ، استاذنا العزيز تربية العين لترى وتتذوق الجمال هى مسألة تحتاج لجهد كبير وخاصة عند تربية الصغار ،لأن كما تفضلت الاحساس بالجمال بدرجاته المختلفة يتوقف على خلفية الانسان الثقافية وما رأته عينه طوال حياته ، المشكلة تأتى من التعود فالعادة تقتل أى دافع لتغيير المحيط حول الانسان، فكما يعتاد الانسان على الجمال يمكن ايضا ان يعتاد القبح ولا يشعر معه باى إنزعاج مع طول العشرة ... كنت أقطن فى مسكن منذ مدة طويلة فى الطابق العاشر وبالمصادفة كان اعلى مبنى فى الشارع، فكنت اطل على أسطح العمارات المجاورة ، وفى كثير من العمارات إعتاد الناس أن يلقوا بالأشياء البالية فوق أسطح المنازل ، فى بداية السكن كان المشهد يزعجنى جدا ويطيح حتى بفوبيا الأماكن المرتفعة التى أنا مصابة بها ، ولكن يؤسفنى أنى بعد أقل من شهرين كنت تقريبا لا أرى ولا ألمح التغيرات بعد أن كنت ارصد حتى ما أضيف من مهملات على كل سطح .. عجبا .. اكتشفت انى قد تعودت على القبح ، موضوع المقال جميل وغنى بالأفكار ولو تطرقنا للمزيد فلن نترك فرصة لباقى القراء .. تحياتى ومودتى

اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي

.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع



.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي