الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجع الأغنيات

مهى ياسين

2005 / 1 / 8
الادب والفن


تنظر إلى وجهه كأنك تنظر إلى وجع بملامح إنسان ..
يحمل في صوته أغصان زيتون وبيادر قمح وخبز أمهات ، لاغياً حدود الزمن والمكان ..
يطوف فوق جراح اللحن والنغم والكلام ..
صوت يتغلغل في الأحشاء ، يفترش المسامات ، ويعلن الثورة على الخيل والليل ويشهر السيف والرمح في وجه من استولى على البيداء ..
مارسيل خليفة ..
هذا الاسم المثير للخيال الثوري ، المثير للنبض والتمرد والبطولة والنهوض ، عند هذا الاسم لا تبحث عن بذخ الفن الموسيقي الشرقي ، ولا عن ترف الجملة اللحنية ، جلّ ما تجده تحت هذا الاسم وجع صوت يبكي تحت أقدام الأغنيات ، بكاء لحن يستعطف العود والكمان والنايات ..
وجع له وجه الرجل ووجه الحبيب ووجه الوطن ووجه الطفل ووجه العزة والمجد المفقود . لن تجده إلا واحة تلهب ظمأ الثورة دائماً والزهد في الحياة أبداً .. لن تجده إلا ذلك القلق الإنساني الذي لا شفاء منه ، ذلك الانبعاث من جديد بعد الموت والفناء ..
وجع ضروري للإنسان باعث ٌ على التواصل الإنساني المستمر ، ومشعل ٌ لتلك الغريزة التي تدفع كل جيل _على الرغم من هزائمه _ أن يؤدي الشعار الى الجيل الذي يعقبه ، ليدخل به ساحة الأمل .
على وقع ألحانه نطالع الخيبة والاندحار ، وعلى خطى الكلمات نلتهب بالنبض والتمرد ، ولا بد أن نرى خيط الفجر في هذا الليل الحالك الطويل الذي طالما حلمنا بانقشاعه ، ولا بد أن تهزنا النشوة عند سماع نغم وتره الحزين ، وتمتلك علينا المشاعر كلها في وقت واحد ، نبكي ونفرح ، نحب ونكره ، نتحدى ونلين ، نثور ونهدأ .
أغانيه وألحانه تعتمل في الصدور من غير ما نشعر ، فتهتف صارخاً منتشياً : إعزفن أيتها الكمنجات !!! وابكين على بلاد المجد المفقود !! علّ اللحن يوصل صوتاً لم توصله الرجال !!
ولا يفاجئك إلا الانصياع التام للكمنجات ، فتنهض وتثور وتهب كالأعصار في (انهض للثورة والثار) .
وتنتصب قامتها وترفع هامتها في ( منتصب القامة أمشي ) .
وتعبر دون جواز سفر على حدود القضية .
وتعشق ريتا التي حالت دون رؤيتها البندقية .
وتحن إلى خبز أمها وقهوة أمها .
وتزقزق كعصافير الجليل مناجيةً احمد العربي .
وتزف عريس الجنوب إلى مثواه الأخير مكفنة إياه بالأحمر والأخضر والأبيض .
وبرغم أنك غارقٌ في دنيا الألحان والكمنجات، تائه ٌ في ضباب نغم العود والنايات ، تلمح مارسيل خليفة جالساً على شرفة منزله الجبلي قبالة خضرة زمردية ، وسماء فيروزية في بلد لا وجود لها إلا في خيالنا ، لا تحده حدود ولا تحكمه حكومات عربية ولا تستعمره حكومات أجنبية ، يرتشف قهوة صباحية ، صنعتها له حبيبته في ركوة عرب ، فلا نملك إلا ان نرتشفها معه بلذة المحروق على جرعة إحساس ، جرعة أمل ، جرعة وجود واستمرار وقدرة على البقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي