الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة بين البنك والسجن

ساطع راجي

2012 / 2 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لائحة المطالب التي تضمنها بيان عودة نواب ائتلاف العراقية الى البرلمان هي اطول من اللائحة التي تضمنها بيان تعليق حضور نواب العراقية في البرلمان مما يعني ان المشاكل والخلافات بين العراقية وخصومها ازدادت خلال فترة المقاطعة ودون ان تتمكن المقاطعة من تسهيل تجاوز اي ازمة واذا كانت المقاطعة امرا سبق التهديد به ويقع في نطاق المتوقع فان التراجع يحتاج الى تفسير وتحليل.
بين حديث العراقية وبقية القوى السياسية عن المصلحة الوطنية العليا والحديث عن تدخلات دولية واقليمية ضاغطة لاعادة نواب العراقية الى جلسات البرلمان هناك حكايات وقصص اخرى، تمتد بين خشية العراقية من اتخاذ قرارات مهمة بعيدا عنها الى شعورها بلاجدوى المقاطعة مرورا بتوفير تعهدات من الخصوم لتفكيك المشاكل وكذلك توسع الخلافات داخل العراقية فأن ملفات الموازنة والعفو العام تبدو هي أهم العوامل التي دفعت العراقية باتجاه العودة الى البرلمان وربما الى الحكومة ايضا.
تشكل الموازنة عامل دفع اساسي للقوى السياسية العراقية للعمل بنشاط لانجاز تقاسم المال العام سواء بتوزيعه على الوزارات الموزعة بدورها على الكتل او المحافظات التي تتبع اداراتها للكتل السياسية ايضا او بتحديد مخصصات المناصب وايضا المشاريع وكل ذلك المال سيدار بشكل او بآخر ليكون استثمارا سياسيا خالصا وسيكون الغياب عن جلسة التقاسم اهدار او تفريط بجوائز سخية لان حصة الغائب ستؤكل او تنتقص بسبب هيمنة الصفقات على القرار السياسي حتى في شقه الاقتصادي ولذلك ينظر ممثلو المحافظات وقادة الاحزاب الى موعد مناقشة واقرار الموازنة على انه اهم لحظة في عمر البرلمان ومن تفوته فقد خسر بفداحة ليس فقط في حصته من المال وانما ايضا قدرته السياسية لانه سيكون بلا مال يسير حزبه وبلا مكاسب يمنحها لانصاره وسيتلقى اللوم من قواعده الشعبية لانه ضيع حصتهم من المال العام.
بينما يشكل العفو العام وعدا وتعهدا مهما قدمته العراقية لقواعدها وبالمثل فعل الصدريون رغم ان المستفيدين منه قد يكونون ايضا من بين المقربين للكتل الاخرى، واقرار العفو لحظة مهمة تسبق الاستعدادات لانتخابات مجالس المحافظات المتوقعة في العام المقبل وتشريع قانون العفو العام سيكون انجازا مهما بالنسبة لكتل لم تحقق لانصارها وقواعدها ايا مما وعدت به خلال عامين من عمر الحكومة.
هيمنة الموازنة بحقيقتها التقاسمية والتحاصصية بين الكتل وهيمنة مشروع العفو العام بمغزاه السياسي يعني ان المهام الاصلية للدولة العراقية الراهنة تكاد تنحصر بين كونها بنكا يوفر الاموال لعدد من الفاعلين السياسيين بصفتهم ممثلين للمكونات في غياب خطط التنمية وتغييب حس العدالة الاجتماعية واطر المواطنة التي تعني استخدام المال العام لبناء وطن يصلح لعيش جميع مواطنيه بغض النظر عن توجهاتهم السياسية وغياب او حضور ممثليهم بل حتى لو لم يكن هناك من يمثلهم.
وهيمنة موضوع العفو العام على الجدل السياسي والعلاقة بين الكتل يعني إن السجون هي احدى نقاط التوتر المؤثرة في الدولة العراقية الجديدة وبدلا من ان تكون مؤسسات العدالة هي الفيصل هاهي الصفقات السياسية تتقدم على كل شيء وتجعل من موازين القوة حكما للفصل في مصائر المواطنين.
مصالح مثل الموازنة والعفو العام لا تحكم السلوك السياسي للعراقية فقط بل ان مثل هذه المصالح هي المحرك لجميع القوى السياسية وهي ترى في الدولة مجرد اداة نفع للقوى وليست اداة لادارة الحياة وتحقيق النفع العام، وبين المال والعنف، تتحول الدولة الى مؤسستين هما بنك ينقل اموال النفط الى مصالح الساسة وسجن يعبر في الاعتقال والعفو عن قوة ومصالح الساسة ايضا، ولذلك فعقب اقرار هاتين المصلحتين (الموازنة والعفو) ستعود الخلافات الى قوتها الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ