الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع قانون -الكنيست الإسرائيلي- ... وعلاقته بالثورات العربية ..!!

ثامر إبراهيم الجهماني

2012 / 2 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



طالعتنا وسائل الإعلام نقلاً عن صحيفتي (( ميدل ايست مونتير )) البريطانية ، (( وروز اليوسف)) المصرية ، أن " إسرائيل " تقوم حالياً عن طريق المدير العام لإدارة الأملاك " بوزارة الخارجية الإسرائيلية " ، بإعداد مشروع قانون سيُطرح على الكنيست في مارس المقبل ، يلزم " الحكومة الإسرائيلية " بمطالبة حكومات الدول العربية . ومنها المملكة العربية السعودية ، برد أملاك اليهود في هذه البلاد قبل أن يتركوها في العام 1948 م .
ماهيّة مشروع القانون ؟ :
==============
ذَكَرَت الصحيفتان أن مشروع القانون ينقسم لقسمين :
القسم الأول : يطالب مصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن والبحرين بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي ، قيمتها 300 مليار دولار أمريكي ، مقسّمة فيما بينهم طبقاً للتعداد السكاني الأخير لليهود عام 1948 .
القسم الثاني : يطالب "وزارة الخارجية الإسرائيلية "مطالبة المملكة العربية السعودية بدفع تعويضات قيمتها تتجاوز مائة مليار دولار مقابل أملاك تزعم أنها لليهود من عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم .
وأفرد قسم خاص في إطار المشروع ذاته ، مطالبة " وزارة الخارجية الإسرائيلية " إيران بدفع مائة مليار دولار وحدها تعويضاً عن مئات القتلى والمفقودين من اليهود الإيرانيين داخل إيران دون علم مصيرهم حتى اليوم .
وكذلك نطالب البحرين هي الأخرى بالتعويض عن أملاك أسر يهودية كانت تعيش في المنامة ، ولها مدافن يهودية في البحرين حتى اليوم.
ابعاد مشروع القانون :
============
يبدو مما تقدم أن مشروع القانون المذكور أعلاه يحمل بين جنباته ثلاثة أبعاد
البعد الأول : سياسي .
البعد الثاني : تاريخي عقائدي .
البعد الثالث : قانوني .
سنحاول تناول هذه الأبعاد بتجرد بعد لمحة تاريخية :
لمحة تاريخية لمحاولة الاستيطان والتطهير العرقي :
============================
لم تألوا " إسرائيل " جهداً منذ نشأتها في السعي لتهويد أرض فلسطين وطبعها بالطابع اليهودي منذ 1948 ، وقد أصدرت سلطات الاحتلال قديما قانون المناطق المتروكة عام 1948 ، والذي عدّل بقانون " أملاك الغائب " عام 1950 ، وقد صودرت بموجب هذا القانون أراضٍ فلسطينية لمن هاجر ولآخرين لم يهاجروا ، وفي عام 2009 ، أصدرت "الحكومة الإسرائيلية " قانوناً يجيز بيع أملاك " اللاجئين الفلسطينيين " التابعة رسمياً لما يسمى " دائرة أراضي إسرائيل "في إطار مشروع قانون لخصخصة الأملاك العامة لممارسة سياسة التضييق على الفلسطينيين القاطنيين في ما يسمى داخل الخط الأخضر بهدف تهجيرهم . وتتُّهم "إسرائيل " لهذا السبب بممارسة التطهير العرقي .
ولما لم تجدِ كل تلك القوانين والسياسات في دفع الفلسطينيين للهجرة من بلادهم عمدت سلطات الاحتلال بالتفنن في سن المزيد من القوانين ، لتحقيق هدف التطهير العرقي ضد الفلسطينيين ، ويأتي مشروع القانون - موضوع هذا المقال –في السياق ذاته كمحاولة للتفاوض والتبادل بين الأملاك وعودة اللاجئين الفلسطينيين في الدول المقصودة بهذا القانون للالتفاف على حق العودة .وقرار الأمم المتحدة الشهير 242 .
البعد الأول : السياسي:
===========
- ماذا تهدف " إسرائيل " من طرح مشروع المطالبة سيء السمعة الآن ؟
- لماذا تأخر هذه الفترة منذ عام 1948 تاريخ إعلان الدولة المزعومة ؟
يبدو جلياً للعيان أن الأهداف السياسية المرجوّة من هذا المشروع هي أكبر بكثير من الأهداف والغايات المادية ، ونستطيع أن نذكر هنا بعضاً من هذه الأهداف السياسية :
1- زيادة أدوات التفاوض والتبادل بين الأملاك وعودة اللاجئين الفلسطينيين في الدول المقصودة بهذا القانون للالتفاف على حق العودة .وقرار الأمم المتحدة الشهير 242 .كأهم الأهداف كورقة ضغط على الفلسطينيين سيما وأن محاولات إحياء مسار التفاوض بين الطرفين " الإسرائيلي " والفلسطيني باتت تلوح بالأفق القريب .
2- يعتبر هذا المشروع بمثابة مصدر تمويل ومقايضة للقضاء على حق تقرير المصير وحق العودة للفلسطينيين المهجريين ، وبالتزامن مع الذكرى 63 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وما يؤثر هذا الجانب على اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم المنصوص عنها في المواثيق والمعاهدات ، والشرعة الدولية وخصوصاً القرار 194 تاريخ 11-12-1949 .
3- أثر القضية الفلسطينية في الثورات العربية : لاشك أن تأثير القضية الفلسطينية وعجز الأنظمة العربية عن مساعدة فلسطين - إن لم يكن تواطؤهم مع العدو التاريخي - . لكن لا ينكر عاقل أنه راكم عبر السنيين حالة من النقمة الشعبية على الأنظمة وممارساتها .
بل واستغلال شعار المقاومة والممانعة وجعلها أحد أهم أسباب القمع وسلب الحريات ، حتى باتت قميص عثمان بوجه شعوبها . بالإضافة إلى انشغال تلك الشعوب للنضال للحصول على حرياتها وانشغالهم بعد التحرر بمسالة التنمية والبناء والديمقراطية . سيؤثر سلباً لكن لن يلغي توجه الشعوب العربية لتأجيج الصراع التاريخي كأداة لتحرير فلسطين .
4- الخوف من إرادة الشعوب العربية وامتداد لهيب الثورات ، مما يدفع "إسرائيل " إرهاقها بإشكالات لا طائل لها بها .
5- إعادة إحياء مشروع الوطن البديل .
6- خلق الفجوة السياسية بين الشعوب العربية الثائرة ضد الظلم وتطالب بحريتها ، وبين الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من هذه الدول كمقرات لها .
البعد الثاني : التاريخي :
============
1- يحاول هذا المشروع لخلق بعد تاريخي لهذا الكيان الدخيل على المنطقة ، من خلال البحث عن جذور ممتدة عبر الزمن والجغرافيا ، لتأكيد مشروعية وجوده . وإثبات أواصر ارتباطه بالأرض كمحاولة لإعادة إنتاج التاريخ .
2- على فرض جدلي بتسليم وجود هذا الكيان فما علاقته أي " إسرائيل " باليهود الذين كانوا يقيمون في الدول المستهدفة بهذا المشروع والذين هاجروا إليها وإلى غيرها ؟ . وخصوصا ً أن المشروع يتحدث عن إحصائيات عام 1948 . كل ذلك لا يعدوا أن يكون محاولة حثيثة من مقدمي المشروع لتحقيق يهودية الدولة .، وكلنا يدرك البون الشاسع بين أن تكون " إسرائيلي " وأن تكون يهودي ، فالأول انتماء سياسي ، والثاني انتماء ديني . والخلط أو الدمج بينهما يصب في بوتقة تهجير الفلسطينيين ،ورفضهم في أراضي تلك الدولة المزعومة .
3- ما هو إلا محاولة يائسة لمحاولة امتداد الجذور إلى الأراضي المقدسة للمسلمين . سيما لو علمنا أن من بين المشاركين في وضع مشروع القانون الواهن . أساتذة في علم التاريخ وعلم الأديان في الجامعات العبرية .
4- سؤال استهزائي لماذا لم تطالب " إسرائيل " بحقوق يهود خيبر ، لن أقول من 1433 سنة بل من 200 عام فقط ؟ الجواب بديهي لم تكن هي موجودة ولا ترابط كياني بينهما حتى لو توفر الرابط التاريخي ، هذه العلاقة الجدلية . هي عبارة عن جدل بيزنطي مرفوض بالمنطق الدولي وإلا سيفتح العالم على صراعات تؤدي للفناء . على سبيل المثال للعرب حق في اسبانيا " الأندلس " وفي أمريكا أيضا ......الخ .
البعد الثالث : القانوني :
=============
يطفو على السطح سؤال :
هل لهذا القانون أي قوة قانونية ، إلزامية اتجاه الدول المقصودة فيه ؟
طبعا نحن لم نطّلع على نصوص القانون ، لنرجئ مناقشة بنوده ونتكلم بعموميات القانون .
1- تفتقد الفكرة الأساسية للمشروع إلى مشروعية وجودها القانوني . سيما وأن الصراع العربي الصهيوني مستمر إلى الآن لدى الأغلبية على الأقل .
ولم تعترف كل الدول العربية " بدولة إسرائيل "علناً على الأقل إلا الدول التي أقامت معها علاقات دبلوماسية ، أو وقعت معها اتفاقيات سلام . مصر (كامب ديفيد ) ، الأردن ( وادي عربة ) ، السلطة الفلسطينية ( أوسلو ) .
2- لا يملك أي قانون داخلي أي سلطة تنفيذ خارج حدود السيادة ، ومن خلال التمعن بما رشح عن هذا المشروع ، هو إلزام " الحكومة الإسرائيلية " بالمطالبة بتلك الحقوق المزعومة ، إذا الإلزام لحكومتهم للمطالبة مما يعني إجبارها على تدويل المطالبة ، مما يتمخض عنه إدخال تلك الدول في متاهات المحاكم الدولية وتأجيل الملف ، وإغراق القضية المركزية بالتفاصيل ( والشيطان يكمن بالتفاصيل ) .
3- لو أخذنا مبدأ القياس ،-وهنا ندرك أهمية ذكر القوانين التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين التي ذكرناها في بداية المقال – فإن " إسرائيل " أصدرت القوانين التي ذكرنا أعوام 1948، 1949،1950 ، 2009، وغيرها الكثير الكثير بحجة تنظيم الأملاك المتروكة ، أو أملاك الغائب ....الخ ، ومن هذا المبدأ فمن حق كل دولة إصدار قوانين كتلك القوانين رغم الفارق القانوني الشاسع بين المشبه والمشبه به ، فقد أقدمت تلك الدول العربية على إصدار قوانين خاصة للوقف الذري الخاص بأملاك اليهود المهاجرين من أراضيها ، كما حدث في سوريا مثلاً ، هناك قوانين تشرف على أملاك اليهود ومازالت تلك الأملاك موجودة ولم يتم الاعتداء عليها . فلو فرضنا صدر قانون استملاك تلك الأملاك للنفع العام من سيحاسب من . لا احد مادام القانون يصدر في إطار الدساتير المشرعة .
4- لم نعلم إلى الآن أن "إسرائيل " تحمل بيدها صك توكيل عام عن يهود العالم ، أو يهود خيبر، بني قينقاع ، النضير . هل هي مسألة قانون أم مسالة جديدة لإحياء الوعد الإلهي للنبي موسى عليه السلام .
5- لكل ما تقدم نجد بالمفهوم العام غلق وإبهام ، وبالمفهوم الخاص خلط وقصور كحاطب الليل تستوي لديه الأشياء جميعاً .فنتوه بين الكتب التاريخية والأساطير والكتب الدينية المحرّفة للعقيدة اليهودية .
فلا يعدوا المشروع عن كونه مشروع ذو أبعاد تاريخية وسياسية أكثر من كونه مشروع قانون ومطالب مادية .
خاتمة :
====
تكثر هذه الأيام التعليقات والتساؤلات البريئة والخبيثة في نفس السياق التي تقول :
-لماذا لا تبادر الدول العربية بإصدار قوانين ، أو تلجأ إلى المحافل الدولية لإلزام " إسرائيل " بدفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت بها من قبل " إسرائيل " وذلك منذ نشأتها وحتى هذه اللحظة ، مروراً بالحروب التي خاضتها ، وحتى الخسائر التي لحقت بالفلسطينيين ؟
للإجابة عن هذا السؤال : نقول أن مصطلح الصراع العربي الصهيوني تدرج في الخطاب العالمي والعربي من صراع عربي صهيوني ، إلى صراع عربي إسرائيلي ، ثم نزاع الشرق الأوسط ، حتى وصل إلى " النزاع الفلسطيني الإسرائيلي " . إن مجرد القبول بهذا التدرج يقودنا إلى ضرورة وجود مصطلح جديد – من المنظور " الإسرائيلي " – يتوافق مع تزايد وانتشار ، واتساع رقعة الربيع العربي وثوراته أفقيا و عموديا ، كحالة استباقية ،لان الاعتقاد الذي بات مؤكداً أن التغيير لا بد حاصل ويجب التجهز له .بمصطلح أكثر ديناميكية وقد يكون علاقة الأديان اليهودية والمسيحية والإسلامية ببعضها . كون " إسرائيل " تسعى لتكون دولة قومية دينية صرفة .
خصوصا ً مع تزايد المد الإسلامي في الدول العربية . ولا تغيب عن الذهن أن الدول التي نجحت بتحقيق حلمها بالتغيير والتحرر من نير الظلم ، تونس ومصر وليبيا ، كانت الغلبة فيها للإخوان المسلمين والتيار الديني بالمجمل .
من نافل القول أن الانسياق وراء تلك المطالب بإصدار قوانين مطالبة بالتعويض ، تندرج بنفس السياق . ومحاولة للالتفاف على حق العودة وحق تقرير المصير للفلسطينيين . بالإضافة للأسباب التي ذكرناها في البعد السياسي المرجوة من وراء المشروع .
نهاية ً أو التأكيد على أن الحقيقة التاريخية والقرآنية تؤكد على أن فلسطين عربية وستبقى عربية لشعبها الفلسطيني المناضل البطل ، وأن عصر الثورات العربية المضيئة ، التي ترسم ملاحم عز ، ستغير مفاهيم السياسة وتاريخ وجغرافية المنطقة ، كل ذلك إذا سلمنا أن العبيد لا يمكن أن يحرروا أوطانهم ، الأحرار هم من يحررون . والنصر لقضايا الأمة ، والذل والخذلان للمحتل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك على الموضوع الهام جدا جدا
وليد مهدي ( 2012 / 2 / 8 - 07:30 )
تحية لك

اخبار هامة ... اسرائيل تطالب بالتعويضات

والصراع تحول إلى صراع قطب الممانعة ضد اسرائيل وحلفائها البتروليين العرب

انتهى الصراع العربي الاسرائيلي منذ تعليق عضوية دمشق في الجامعة

اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا