الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرة العين

وفاء الربيعي

2012 / 2 / 8
الادب والفن


قال عنها ناظم حكمت
اه ياقرة العين انت اغلى من الف ناصر الدين شاه

وفاء الربيعي

كنت دائما أستخدم كلمة قرة العين من منطلق المعنى المتعارف عليه ألا وهو إن قرة العين معناها إبراد العين بدموع الفرح لأن دموع الحزن ساخنة ؛ ودموع الفرح باردة. فهي بهذا المعنى قريرة من الفرح
وهكذا وعلى هذا الأساس أحببت هذه الكلمة ولم أكن أعلم إلا قبل فترة قليلة بأن هناك إمرأة ليست كسائر النساء إمتلكت جمالا رائعا وذكاءاً مفرطا وشخصية قوية ولسانا طليقا , هذه الصفات قلما إجتمعت في شخص واحد وإن اجتمعت فهذا يعني بأنه قادر على التأثير في الناس وتجعله ممن يغيرون مجرى التاريخ , وهذا ما ينطبق فعلا على قرة العين الطاهرة الماثلة في أذهان الفرق الاسلامية ، رمز من رموز الحداثة الدينية ومثالا رائعاً للمهووسين بفكرة الخلاص الدنيوي .إ مرأة ملأت خيالات رجال الشرق من الذين لم يألفوا أن يرتفع صوت الانثى وخاصة في المحافل الدينية .
امرأة مبشرة تنقلت مابين كربلاء والكاظمية وكرمنشاه وطهران , شاعرة، داعية للخلاص من ارث الديانات السابقة .
هي التي صرخت بأعلى صوتها في مؤتمر (بدشت ) وقد كشفت عن وجهها وتزينت
أنا الكلمة التي ينطق بها القائم والتي يفر منها نقباء الارضِ ونجباؤها

أنثى جريئة امتلكت لساناَ فصيحاً ونمطاً مغايرا من التعاطي مع الحداثة الدينية
كانت قرة العين من الأركان الاساسية في حركة الباب والسبب الاساسي والمباشر في قضية
حرية المرأة في الشرق الاسلامي خصوصاً بعد تعرفها على فكر الشيخ أحمد الاحسائي في قزوين .
سلكت طريقا معقدا وجريئا وخطرا بالنسبة لامرأة عاشت حياة اجتماعية ودينية صارمة في القرن التاسع عشر , تبنت افكار الاحساني والرشتي وقدمت نفسها قربانا لفكرتيهما
اعلنت للجموع في كربلاء بان الباب مخلص الامة من التقاليد القديمة واعلنت مرارا بانها ليس لها هدف سوى وجه الحقيقة التي تستحق ان نكون شهداء لها بل عشاقا ومخلصين مهما كلف الامر

حرض ضدها رجالات الدين في كربلاء في حملة لا هوادة فيها
أنثى تسلحت بالعلم الديني التقليدي وهضمته لتقدم مقولتها المستجدة فراحت تتحدث عن ضرورة التمرد عليه
اهتم بنصوصها المستشرق ادوار جي بروان وكليمانت وعلي الوردي وعبد الرزاق الحسني وغيرهم وليس هناك سبب لعدم تداول نصوصها الا القمع والاسكات التي تعرضت لها تلك النصوص
هي رمز للانثى المتألهة المتعلمة بالفكرة الدينية المقدسة , ظهرت في اقلية مضطهدة لمواجهة دولة الخصوم من اجل خلاص المجموع المنغمس في الضلال طبقا لوجهة نظر الاقلية ذاتها
ان غاية قرة العين في الانتصار لظهور الامام الغائب الذي ارتبط بظهوره تحقق العدالة فوق ارض الاسلام الملونة بالدم عبرت عنها عبرنصوص دينية وادبية , هذه الروح المدافعة عن عدل سيبدو لوقت طويل من الصعب تحقيقه .
لقد اخترقت قرة العين العالميين الاسلامي والغربي ، ربطت بينهما وفرقتهما في الوقت نفسه ،
أعطت للشرق دفعة من المروق الجديد اشارت في خلاصته الى ان
العدل لن يتحقق ابدا لو لم نبتكر ظهورنا الجديد ، ونبهت في الوقت ذاته ضمير العالم الاخر الى الفرص التاريخية النادرة التي تختزل العذاب الانساني.
لقد قدم انصار قرة العين اجسادهم في قلعة الطبرسي ومذابح تبرز وزنجان ,و لو لم تقدم هي جسدها بكل استسلام لبئر في حديقة طهرانية لما اكتمل معنى التضحية الذي يتطلبه كل دين لا من اجل فكرة التضحية الجسدية المعتادة من اجل الخلود .بل من اجل الفكر
أعلنت قرة العين عن جمالها الانثوي المرتبط بالشعر والدين وبقت احوالها اليومية سرا في غرف قزوين .
خرجت عن المألوف وصوّر هذا الخروج بالوقاحة فهي فرت من منزلها معلنة رغبتها في الانضمام كجندية في جيش الباب الشيرازي .
قرة العين او الطاهرة هي فاطمة
ام سلمى زرين تاج التي ولدت في عام 1819 او 1820 فكل الوثائق المتعلقة بها قد احرقت عندما بدأت فكرة المحو لكافرة تواصلت الى حد احراق كتبها وملابسها في اليوم اللاحق لاعدامها خنقا ودفنت في حديقة من حدائق طهران عام 1852 م.
ويعتبرها التاريخ المعاصر من ابرز النساء الداعيات للتحرير لانها دعت إلى تحرير المرأة و فك الحجاب مضحية بحياتها من اجل عقيدتها. وبسبب هذا يتهمها معارضوا البابية والبهائية بالفسق والفساد

هي من قال عنها ناظم حكمت
اه ياقرة العين انت اغلى من الف ناصر الدين شاه


من قصائدها
إن ألقيت عليك نظرة، وجها لوجه، صورة بصورة،
لشرحت ُ لك كل أحزانك، نقطة بنقطة، شعرة بشعرة.
ففي سبيل رؤيتك، هببت ُ مثل نسيم الصبا،
من منزل لمنزل ، من زقاق لزقاق ، هائمة في الدروب.
تسيل الدماء من عيوني إثر فراقك ،
نهرا في نهر، يما في يم، عينا وراء عين، غديرا في غدير.
تحوم البراعم والزهور ، والزنابق بعطورها الفواحة، حول ثغرك العنبر الرقيق،
برعما فبرعما، وزهرة في حضن زهرة، وزنبقة بجنب زنبقة،
راقصة رقصة النور.
اصطادت حواجبك ، وشامتك طيور القلوب ،
قلبا بعد قلب، شفيقة، رحيمة، رءوم.
بعد ان قرأت بكاء الطاهرة الصادر عن دار المدى لمجموعة من المؤلفين صار للاسم معنى اخر في قاموسي المعرفي وتساءلت ، لماذا لم يتم تناول دراسة تاريخ هذه المرأة المناضلة والمضحية من قبل المهتمين بشأن المرأة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق