الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكرا لك محمد بن عبد الكريم الخطابي على عودتك.

محمد الرازقي

2012 / 2 / 8
سيرة ذاتية


في ليالي الشتاء تعرفت عليك، بل بالكاد سمعت باسمك ايها الأمير، سمعته وانا أنصت الى جدتي وهي تحكي لي عن غابر الأيام، عن زمن الأمجاد، لم افهم حينذاك على حداثة سني ما كانت تحكيه لي بصوتها الخافت في إحدى قرى تمسمان ،لقد كان اسمك يختلط في ما تحكيه بملحمة دهار ابران، وانتصارات انوال، وزغاريد النساء، لقد كنت سعيدا جدا وانا انام ايقاع اسمك في ليالي الشتاء الباردة.
تخيلتك كثيرا، لقد كان الانتصار لدي هو انت، وانت الفخر، كيف لا وكلما تحدث احد أجدادي عن النصر الا وذكر اسمك، لقد كنت أنضر الى ملامحهم وهم يحكون لي كيف ردعت الإسبان، وكيف كنت حكيما وأنت في الميدان، وكيف وحدت الريفيين على الأعداء، لم افهم حينها.
من حين لآخر كان يحكي لي جدي عن حادثة وقعت له إبان معركة انوال، فيجعلني احس انك قريب جدا الي، لقد كان عالما سرياليا اختلط فيه الخيال بالواقع، وبراءة الطفولة، عالم لم اكن اعرف فيه معنى السياسة ولا شئ من هذا القبيل، كنت استمتع فقط بقصصك وبطولاتك.
كان هذا يحدث غالبا والنوم يداعب عيناي، لقد كنت اسمع اسمك وانا بين عالمين، عالم النهار(الواقع)، وعالم الليل(الاحلام)، ولم استطع حينها ان افرق بين العالمين، دخلت للتعليم الابتدائي لعلني اقرا شيئا عنك، انتظرت كثيرا ولم اجد الا لغة غريبة عن اللتي كانت تحكي لي بها جدتي عنك، قلت : لما الارتجال، لعله في الدروس اللاحقة، لكن مضى عام، وعام وعام...ولم اسمع اسمك من معلمي، كما الفت ذلك من جدتي.
عدت الى أحلامي افتش عنك، بعد ان كادت المقررات الدراسية تنسيني اياك، لكن هيهات، فما سمعته في الصغر منقوش في خيالي كالنقش على الحجر، رحلت جدتي وجدي من بعده، ومضى بي الزمان، فاذا بي اعثر على اولى صورك، يا فرحتي وانا ارى صورة احلامي، لقد تذكرت حينها جدتي وطفولتي، تذكرت تلك الليالي الهادئة الحالمة.
وبعدها ستمسك يداي اول كتاب يقص سيرتك، لاسافر معك في صفحاته، واعيش أحلى لحظات حياتي، في جبهات القتال معك، وانت تحصد انتصارا وراء انتصار، وانت تحرر قبيلة وراء قبيلة، وانت تؤسس دولة عصرية فريدة من نوعها في عصرك، واعيش معك ايضا بعض هزائمك، واتجرع مرارة الغازات السامة، واحرق بلهيب القنابل، وغدر الاسبان وعملائهم في الريف، ويا حسرتاه،كم كانت حسرتي وانا اصل معك الى النقطة التي ظلت حرقة فينا بعدك: هل اواصل القتال وشعبي يكاد يسحق؟ ام ساوفر له فرصة اخرى ليجرب حضه؟
لقد وفرت لنا فرصت لاعادة بناء انفسنا، وها نحن جيلا بعد جيل، نبذل قصارى جهدنا لنكون عند حسن ضنك بنا، لنكون قد ادينا واجبنا كما قلت احدى مقولاتك الخالدة، ان ليس هناك جناح او فشل، بل هناك واجب ونحن اديناه، لقد تركت الريف في اعناقنا امانة، ونماءه رسالة لنبلغها للاجيال القادمة، وكم وصيتنا ايها الامير بالحرية، تلك التي رفضنا ان نقبل بأنصاف الحلول فيها، فلا حل وسط كما قلت، بل انها حق مشاع لبني الانسان، وغاصبها مجرم.
لقد علمتنا ان نعيش مرفوعي الراس في هذا العالم، لا نخاف لومة لائم، ولا نخر لأحد ساجدين،مهما علا سلطانه، بل علمتنا ان نعيش بعزتنا، كيف لا وانت خير قدوة لنا، وقد رفضت الخضوع لأعتى القوى الاستعمارية في عصرك، وحاربتهم بشراسة، وقاومت، لتكون بذلك قد اديت واجبك.
لقدد ظنناك انك راحل عنا بالمطلق، لكن اليوم وبعد نصف قرن من رحيلك،وجدنا انك اقرب الينا من الامس، وانك حريص على تتبع مدى خدمتنا للريف، ولقضاياه، فلا يسعنا اليوم الا ان نشكرك على عودتك، لقلوبنا، لعقولنا، لجوارحنا، للريف.
الريف وما ادراكما الريف، وصورتك تحمل فيه على الاكتاف، واسمك يهتف فيه في كل حدب وصوب، من يستطيع ان يوقف زحف الربيع، وانت شمسه، من يستطيع ان يوقف زحف الريفيين وانت قائدهم، من يستطيع ان يوقف من علمتهم ان يفكرو بهدوء.
آه على زمن الامجاد، زمن كنت فيه القائد الهمام، يحسب لك فيه الف حساب، بعزيمتك وشجاعة الريفيين، لقد مضى الزمن الجميل، وها انت تعود لتهمس في آذاننا ان المستقبل اجمل، فهنيئا لنا بعودتك، فشكرا وشكرا وشكرا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح