الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الوطنية بين رفاق الأمس واليوم

بشير ناظر حميد

2012 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كثيراً ما يتساءل عامة الشعب، مع من تتم المصالحة؟ وهل نحن بحق بحاجة إلى المصالحة؟ والكثير يتوقع إن المصالحة يجب إن تتم بين بعض الجماعات المسلحة وبعض رجال الحكومة السابقين، وهذا ممكن في وضع سياسي طبيعي ومستقر وشفاف. ومع كل ما تم صرفه من مبالغ مالية على مؤتمرات رعتها الحكومة ومن ميزانية تم تخصيصها لمشروع المصالحة الوطنية، إلا إن المصالحة الوطنية في المجتمع العراقي قد تأخرت أكثر مما ينبغي وطال الخصام بين الفرقاء، ولو عاد الفرقاء قراءة ثقافتنا العربية وتراثنا القديم وبعض تعاليم الدين الإسلامي الحنيف لوجدوا إن أهم مكون لثقافتنا المعاصرة هو لا يجوز للأخ مخاصمة أخيه أكثر من ثلاث أيام، ونحن نخاصم بعضنا البعض من سنين لا بل من عقود. فبعد احتلال العراق أو تحرير العراق سميه كما يحلو لك، أو كما تؤمن أنت به من مبادئ، فلا تضر التسمية، فما وقع قد وقع والضرر أو النفع قد أصاب الجميع ولو بدرجات مختلفة. لقد استطاعت الأحزاب والحركات السياسية تجميع نفسها وتشكيلها على أسس طائفية مذهبية، مع إن الهدف واحد والعدو مشترك والوطن محتل، ولم يكن هناك فرق بين جميع هذه الأحزاب والحركات إلا فيما يتعلق بخلفياتها المرجعية، هذه دينية وتلك ليبرالية وأخرى ماركسية شيوعية، وهذا بحد ذاته أمر صحي وطبيعي ولا يضر طالما تتوحد هذه القوى جميعها في حال الخطر الخارجي والداخلي الذي يمس امن وسيادة الشعب والدولة، واعتقد انه هو هذا حال الشعوب والأوطان فالخطر الخارجي يوحد الداخل والصراع الداخلي يوحد الأعداء في الخارج. ومع كل الذي جرى من عام 2003 إلى هذه اللحظة وما تم من استبعاد واجتثاث وإقصاء وتهميش على أسس غير منطقية في أحيان كثيرة، وفي ظل وجود بناء فوقي غير كفوء ولا مؤهل لإدارة الدولة تم تنصيبه لا لكفاءته ولا حتى لنزاهته ولا لخبرته وإنما بحكم انتماءه المذهبي وتقربه من هذا الكيان أو تلك الكتلة. يحتاج اليوم القادة العراقيون إلى وقفه مع النفس، كما يقومون بوقفة مع الأخر، وترتيب البيت العراقي من الداخل قبل الاستناد إلى الخارج، فالخارج وان كان ومهما كان فمصالحة فوق مصالح الجميع ولا يهمه هذا العراقي أو ذاك، ابيض كان أو اسود، المهم إن يكونوا أداة لتنفيذ برامجهم بما يخدم مصالحهم في هذا البلد. نحن بحاجة إلى تجميع كل القوى في الداخل وحشد الطاقات وتوحيد الإمكانيات، وكذلك إلى مصالحة ومصارحة مع النفس ومع الشريك الأخر قبل مصالحة ومغازلة مشاعر هذه الدولة أو تلك، فلا يمكن للعراق إن ينهض إلا بسواعد العراقيين أنفسهم. اليوم وفي ظل الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد تحتاج القوى السياسية العراقية إلى مصالحة وطنية تاريخية عامة بين كل الائتلافات والمكونات والأحزاب القديمة والجديدة وكذلك مصالحة بين فرقاء النضال. فهذه الأزمات السياسية المتتالية التي تعصف بالبلاد أشبه بالمعارك التي تؤدي بالجميع إلى طريق لا يحمد عقباه، فالكل خاسر في هذا الأزمات، أو كما يسميها البعض بالمعارك السياسية. هذا مهامتا غاندي يرفض الجلوس على المقعد المخصص لطائفته في إحدى المؤتمرات في بريطانيا لا لشيء إلا لكونه هندياً فقط وانه يمثل الشعب الهندي اجمع، وكذلك عبارة نيلسون مانديلا الشهيرة التي قال فيها "نتصالح لكن لا ننسى"، اخذين بنظر الاعتبار المثل العربي الذي يقول "عفا الله عما سلف" بالرغم مما نال شعبنا من عمليات قتل واستبعاد واجتثاث وإقصاء وتهميش، حتى للكفاءات وأصحاب العقول كان لهم النصيب الأكبر من هذه العمليات، فلماذا لا يكون هذا شعار القادة العراقيين في المرحلة القادمة؟ وان يكابروا على نقاط الخلاف والاختلاف لمصلحة الشعب وان يأخذ العراق دورة الطبيعي لما يحتله من رأس مال بشري واقتصادي واجتماعي وثقافي. صحيح إن ما سمعناه عن نائب رئيس الجمهورية وقبله كذلك العشرات من الاتهامات لقادة ومسئولين وجرائم واختطاف جماعي والاتهام بسرقة مصرف من قبل حماية نائب رئيس جمهورية سابق، يعتبر جريمة لا تغتفر أخلاقيا وسياسيا وقانونيا ووطنيا، وكذلك صحيح إن مدبري هذه العمليات التي سمعنا عنها لا بد إن يكونوا تحت طائلة القانون ويجب إن يحاسبوا وينزل بهم اشد العقاب، عقاب المجرمين، ولكن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وبعيداً عن التسييس وعن فتح كم هائل من الملفات، وقضايا انتهت من غير تحقيق ولا وجود لجاني، ولمجاميع بعضها مشترك علانية والأخر من تحت الستار في قتل أبناء الشعب العراقي وطوي صفحة السنوات العجاف التي حلت بالبلاد، وفي ظل هذه الأزمات والتناقضات والاختلافات وانتشار الفساد، وفي ظل احتواء العراق اكبر سفارة أمريكية في العالم، ودول جوار طامعة بثرواته وبكرم أبناءه، فأن الخطر أعظم والمسامحة من شيم العرب وقيمهم الأصيلة، والدخول في أزمات ومعارك فرعية بين الفرقاء هي تشتيت للجهود في وقت يحتاج فيه العراقيين إلى تجميعها، وبعثرة للانتباه عن الفساد وإهدار المال العام ونقص الخدمات وتضخم ثروات الكثيرين وفي جميع القطاعات، وإضعاف للجبهة الداخلية وتقوية للجبهة الخارجية. مع الأخذ في الحسبان إن التغاضي وتناسي الماضي بما حمل من اجل الحفاظ على حاضر هذا الشعب يعتبر قرار الشجعان. أخيراً إن ترتيب البيت العراقي من الداخل يبدأ بالمصالحة الوطنية الحقيقية، مع التأكيد إن هذا الوقت ليس هو لبيان العيوب والاتهامات المتبادلة ولا هو نقد للممارسة أو الصراع على السلطة، ليس المهم من سيحكم، فما عاناه إفراد هذا المجتمع من حرمان وفقر واضطهاد وفي ظل وجود كل هذه الإمكانيات المادية والبشرية، لا بد إن يكون له حداً قاطع. إن المصالحة الوطنية بين فرقاء النضال، أو بين من حكم بالأمس واليوم ضرورة قصوى ومطلب أراه وطني لإعادة ترتيب البيت العراقي من الداخل. فهل من مجيب؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة