الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بنية مغلقه.. و تحيزات جاهزة... عن المشهد الثقافي السوري

ماجد المذحجي

2005 / 1 / 8
الادب والفن


عن المشهد الثقافي السوري

يبدوا ملفتاً للنظر المشهد الثقافي السوري لي أنا الداخل إليه من موقع خارجي منذ ثلاثة سنوات ( رغم انه موقع ليس أكثر جمالاً أو أقل تشوهاً بالضرورة )*
إنه مشهد مليء بالتحيزات المسبقة.. والتصنيفات الثقافية.. والأخلاقية.. والسياسية.. وحتى الطائفية والأثنية!!!........
ولا يمكن أن يُبرر لك أنت الطارئ عليه، عدم إدراكك لهذه التوازنات المتناقضة والقلقة التي تشكل في صراعاتها المعلنة والمضمرة متنه الأساسي، والناظم لكل نتائجه....
فيجب عليك أن تلعب على هذه الخيوط المتشابكة كي تستمر قريباً منه، و ويجب أن تختار المجموعة المناسبة والأكثر ملائمة لك و التي يمكن لها تدفع بك إلى واجهته، وتُعرفك على بقية العناصر التي قد تهمك. وعليك أن تستمع للتحذيرات التي ستخبرك عن مشاكل التكتلات والشلل الأخرى، وما يثار حولها ثقافياً أو أمنياً أو أخلاقياً!!....
ومابين نادي الصحفيون.. ومطعم الريس.. ونادي المحاربين ( وأن كان بشكل أقل من السابقين!! ) ومقاهي الروضة و الهافانا في دمشق.. أو في مطعم الشباب ( حنة قعده ) ومطعم العندليب والمقصف العمالي ومقاهي الشام والسياحي وميلانو في حلب.. تتوزع التكتلات والشلل الثقافية والسياسية ليلاً ونهاراً بكل المحسوبين عليها أو على هامشها. وعلى أقداح ( القهوة ) و ( الشاي ) و كؤوس ( العرق ) و ( النبيذ ) و ( البيرة " المكسيكية " أو " العادية " ) يتم تداول الشأن الثقافي السوري وتحرير صفحات الجرائد والحديث عن أخر المقالات والكتب التي صدرت أو التي ستصدر.. ويتم تصنيف جودة الكتاب وطبائعهم ومدى اقترابهم من هذا التكتل أو ذاك أو اقترابهم وابتعادهم من السلطة واتحاد الكتاب العرب .....
ومن الملفت أيضاً، أن هذه التحيزات أو التكتلات مُقره ضمناً، ولا يمكن التداول بشأنها.. لأن أي طرح لها يشكل خدشاً لاستقرارها وبالتالي فمن السهولة إنكارها بشكل عالي النبرة.....

أنها تكتلات وشلل تم تشكيلها نتيجة بُعد صداقي أكثر منه ثقافي.. ولها علاقة بالنشأة المشتركة أكثر منها بالهم المشترك.. وتتطور في مواقفها تبعاً للحدث القائم، وزاوية تقاطعها الآني معه. ومواقفها ليست جمعيه أو تم الاتفاق عليه، بل هي نتيجة للممكنات الذاتية لأفرادها، ولمواقفهم الشخصية ( والتي تخضع لاحقاً في ما بينهم للكثير من النقاش والصراخ والتقييمات المعلنة أو الضمنية على كاس عرق وصحن من المزه الرديئة!! )......
يبدوا أيضاً أن المثقفين والأدباء السورين لديهم عقدة ضمنيه من صراحة السياسي ( أو ربما خوف - وهو الغالب بنظري - من نتائج صراحة هذا السياسي والعلاقة به ).. فهم ليسوا أصحاب علاقة واضحة بالسياسيين السوريين ( المعارضين بالطبع ). رغم إنهم يتبادلون معهم التحايا الخجولة، ويتبادلون أخبار اعتصاماتهم واعتقالاتهم ومحاكماتهم، ويحللون نتائجها وأسبابها و يلتقون في الأخير بذات النقمة على السلطة وتعبيراتها، فتجدهم ( أي المثقفين ) يصبون نقمتهم على اتحاد الكتاب العرب وعلى مؤسسات النشر الحكومية وتعبيرات النظام الثقافية الأقل ضرراً لهم بالمعنى الأمني والمعيشي، بينما يركز السياسي السوري على جوهر الإشكاليات ( مهما اختلفنا في تقيمنا لهذا الجوهر أو بماهيته ) فيتحدث عن الحزب والأجهزة الأمنية والتعبيرات الطائفية والأثنية بشكل أكثر وضوحاً، وهذا له علاقة بأن أغلبية الفئة الأولى ما زالت - رغم نقدها الخجول لتعبيرات السلطة الثقافية والسياسية بدرجه أقل - تستنفع بهامش عمل في المؤسسة الثقافية والإعلامية الرسمية أو يعملون مع جهات برانية بموافقتها الضمنية... بينما الفئة الثانية قطعت الصلة بهذه التعبيرات رغماً عنها، فبعد سنوات الاعتقال أو المطاردة والتهميش المدني والسياسي والثقافي يصبح من الصعب عليها العودة ( سواء رغبت أم لم ترغب؟؟ ) إلى مؤسسات النظام والاسترزاق عبرها ( رغم أن هذه الدولة هي حق عام لكل المواطنين السوريين، وهي مختلفة بشكل ما عن التعبيرات الأمنية والحزبية للسلطة كما يفترضون نظرياًَ في توصيفاتهم )......

إنه مشهد مرتبك.. وبعد سنوات من الضغط الأمني على أي تعبير سياسي أو ثقافي في داخل سوريا تم منح مساحة حرية ( ضمن أقل الحدود الدنيا بالطبع ) لم يتعود عليها.. فبدأت تصفية الحسابات، والفرز، وصناعة الأمجاد. و بدأ التنافس فيه على فرص النشر والإصدار سواء في الداخل والخارج ( الخارج سقفه لبنان كما يبدوا!!).. وبدأ التسابق على المنافذ الثقافية الخارجية ( الألمان والفرنسيين..... الخ ) وتصيد الفرص التي تقدمها هذا الجهات بشكل يحكمه السرية والاحتكار وبطابع حاد في التنافس والمكايدة!!.......

وهو أيضاً مشهد مغلق ومكتفي نفسياً ( وثقافياً كما يبدوا!! ).. فلا يريد إضافة أسماء جدد إليه من ضمن الداخل السوري.. ويصعب عليه تقبل فرد جديد غير سوري.. فيتم النظر إليه بحذر وتحفظ، ويجب أن يخضع نفسياً ( و ثقافياً.. وسياسياً!! ) لعدد من الاختبارات الضمنية،كي يتم إقراره، أو التعاطي معه كفرد ينتمي لدائرة اهتماماتهم، واشتغالاتهم الثقافية والأدبية......

قد يبدوا الحديث جافاً.. مجانياً للصواب، أو مجافياً للمودة التي قابلني بها أفراد من هذا المشهد.. لكنه أيضاً تعبير جزئي عن ما يدور به.. وهو تعبير قد يكون أغفل شيئاً من حسناته أو سيئاته .. ولكنه أيضاً تعبير عن ضيقي الشخصي - بكل تحيزاتي النفسية أو الإنسانية أو الثقافية - من انغلاق هذا المشهد، واكتفائه، وعقده النفسية الجماعية والفردية.. وهو يبدوا أيضاً نتيجة لمتطلباتي الشخصية التي لم تجد صدى كافي لديه بحيث أشعر بالرضا وأكتفي بالصمت.........


• اقصد المشهد الثقافي اليمني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت