الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلف روسي يتعدى الصفاقة

هايل نصر

2012 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من رأى لافروف مبعوث السيد ميد يوف بطلب من الروسي الاول بوتين, ومن يرى مرافقه مدير الاستخبارات الخارجية, داخلين دمشق اقدم عاصمة عرفها تاريخ البشرية, في استقبالات وصفت بالمليونية , تليق بالأباطرة, ولم يكن ليحلم اي منهما, او كلاهما معا ان يريا في استقبالهما في شوارع موسكو ولو عشرة انفار يصفقون لهما ويهتفون نحبكما حبا روسيا.
ومن رأى الدهشة التي عكستها عدسات المصورين على وجهيهما المقدودين من صقيع القطب الشمالي, وكأنهما يقولان: كل هذا!!؟. حب أموي في عاصمة الأمويين لدببة روسية!!!؟. من رأى كل هذا والمجازر ترتكب في كل سوريا وعلى مقربة من مركز عاصمتها, في ريفها, لتساءل وحزن الكون في صدره أٌالى هذا الحد استباحوك يا ذات المجد يا سوريا؟.
من يرى هذا الروسي لافروف , والاخر مرافقه الذي لا يعلم الا بوتن نفسه سبب دسه في الزيارة الودية, يعتقد ان زمن الفتوحات والفاتحين قد عاد, ومن الشرق. المفتوحون, قيصريا, خرجوا في دمشق, سوقا, بالألاف , وهم المعتادون الجاهزون لمثل هذه المناسبات من عقود (يبيضون الوجه) , يقدمون لهما آيات الشكر والعرفان, ليس لاستعادتهما لهم الجولان, وانما لدفع البلية عن سيد الوطن المحاصر عالميا والمزنوق سياسيا واخلاقيا ومصيريا, هاتفين بعالي الصوت منحبك . ومنحبك هذه موصولة لمرافقه المذكور والحاضر لصقا معه, ومتعدية لهما لتصل بشكل خاص وحار لرجلال كي جي بي العائد للرئاسة قريبا بعد لعب على النصوص الدستورية متفق عليه بين اللاعبين في مراكز القوى. "منحبك" هذه, الهاتفة بها حناجرا لمحررين بفيتو سحري, تكاد تصل عمقا وصدقا, الى درجة "المنحبك" المخصصة لمحبوبهم الاول, وبترخيص منه. يا للوفاء!!!.
رئيس الدبلوماسية الروسية الزائر يرتب الامور مع النظام بدبلوماسية السر والعلن , ومرافقه يحيكها فقط سرا في الخفاء , وهو المتربع على قمة خبرة وفنون الجاسوسية والاستخبارات القرنية الروسية.
فيتو انقاذ, ورخصة قتل, واطلاق يد في الدمار, وحماية دولية من كل ملاحقة قانونية بما فيها ملاحقات محكمة الجنايات الدولية لجرائم النظام ضد الانسانية. فيتو ثمنه وصاية كاملة ليس على النظام فقط وانما على حاضر ومستقبل سوريا, هذا بعض من عناوين الزيارة وما خفى منها اسرار عميقة لا تُكشف حتى على الشرع الوارد اسمه في المبادرة, فما بالنا بالمراقبين عن بعد خارج الحاشية.
ليس غريبا ان يختار الروس النظام دون الشعب السوري, وهم الاعلم بطبيعته الدكتاتورية والشمولية و الفساد في كل اركانه وفروعه وتفصيلاته مهما صغرت ـ وهذا بعض ما عندهم واساسي في ثقافتهم ــ , وأن يوفروا له ولتركيبته كامل الحماية, حماية لا تدخل فيها الاخطار القادمة من اسرائيل , حماية ضد الغير على ان يكون هذا الغير داخليا ويطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية ودولة القانون وحقوق الانسان والحريات الاساسية, وهذا ما يكرهه الروس بقدر كراهية النظام السوري له, ان لم يكن "زيادة حبتين". اخذا بالقول : عدو عدوي صديقي.
ليس غريبا ان يستمر الروس بتزويد النظام القاتل بكل اسلحة القتل علنا و بفخر ,مع علمهم ان هذا السلاح لم يحقق يوما نصرا عسكريا فعليا على العدو الاسرائيلي, انتصاراته كانت اعلامية بعيدا عن الجبهة معه والارض المحتلة. فعاليته كانت فقط في لبنان في قمع اللبنانيين لسنين وسنين والفلسطينيين. صدأ السلاح الروسي على جبهة الجولان واعيد ترميمه وتبديله وتحديثه في عين المكان مرات ومرات, وبيع الكثير منه خردة من قبل تجاره للقدم والتآكل لعدم الاستعمال.
سلاح استعاد مجده واظهر فعاليته بعد ان تغيرت وجهته واصبح يطارد المدنيين السوريين في كل انحاء سوريا ويقصف بكل فعالية وغزارة نارية اهدافا بشرية وتجمعات سكنية, فتبين للروس كم هو فعال سلاحهم حينما يكون عدوه اعزلا مدنيا. وعليه اخذوا يعززوه وهم يعرفون اهداف استعماله وجنسية ضحاياه. لا عجب أصبح الروس في القتل شركاء و دون مواربة أو حياء.
قد يستغرب الجميع, الا الروس, كيف تبرر المصالح سفك الدماء, وكيف تختار دولة بحجم روسيا الوقوف الى جانب الطغاة وتوفر لهم كل وسائل الحماية دون اية اعتبارات لمطالب شعوبهم. كيف تلجأ في هذا السياق لمنطق وادعاءات الطاغية, وتجمد جمود قطبها الشمالي عند مقولة ان على المعارضة السورية ان تصالح النظام وتقبل بإصلاحاته, وان تكف عن كونها عصابات تريد اسقاطه, وتدمر مؤسسات الدولة الادارية والاقتصادية وتقتل الابرياء وتخلق الفوضى.
يالها من مقولات منافسة لقناة الدنيا السورية وبنكهة ولغة روسية. ومع ذلك لا يكل الروس عن الدعوة لاستضافة لقاءات حوار ببين الاطراف السورية المتقاتلة , بكل نزاهة روسية مشهود لها.
من يعرف طبيعة النظام الروسي و بعضا من استراتيجيته الدولية ومصالحه القومية, وحساباته الانتخابية الحالية, وحسابات احتمال انتقال بعض من الربيع العربي الى بعض من روسيا نفسها, ومحاولة استباق ذلك بوأد الربيع في مكانه, عندها سوف لا يستغرب ما يسمع ويرى, وسيلتقي مع الروس بعدم الاستغراب.
وقد يستغرب الجميع, الا الاعلام السوري "والمنحمجيكية على عماها" , ان يردد النظام السوري , ليل نهار, رفضه التدخل الاجنبي, وكل انتهاك للسيادة الوطنية, و يصمت عن التدخلات الروسية فهذه ليست تدخلات ولا مساسا بالسيادة ( فقد أصبح الروس منا أهل البيت ). و يستغرب كيف لمن يحتمي بفيتو روسي في وجه اجماع دولي للاستمرار في قتل شعبه ان يتحدث عن استقلال وسيادة وعدم تدخل في الشؤون الداخلية, خاصة بعد وصول التدخل الروسي الى درجة الوصاية على سوريا حاضرا ومستقبلا.( نعم اصبح الروس أيضا, كالإيرانيين, منا أهل البيت).
نظام معزول داخليا ودوليا يسانده, ويبقيه حيث هو ومثلما هو, دب روسي بكل قوة الدببة.
اليس في هذا الصلف الروسي تجاوز لحدود الصفاقة؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد هايل
عمران طلال الملوحي ( 2012 / 2 / 10 - 22:22 )
من يقرأ مقالك يدرك إلى أي حد وصل اليأس بالذين كانوا يراهنون على ما سمّي بالثورة السورية.. وفي تلافيف مقالك سنقرأ مدى تأثير لا وعيك على وعيك... وقد وصل الإفلاس إلى حدوده العليا، ولم يبق سوى الهجوم على السياسيين الروس والصينيين، كأنما الفيتو المزدوج هو الذي أفشل (الثورة) وليس بنية (الثوري) التي تنضح من رغبات صهيو أمريكية.. وركوب موجة التدين الوهابي، للوصول إلى السلطة، بأي ثمن، كما حدث في تونس ومصر وليبيا... وغاية يأسكم ليست إلا برهان على فشل الفكر الوهابي السعودي القطري في اختراق الجدار السوري...
وأصبح واضحاً أن المؤامرة تمضي إلى فشلها في سورية.. وهذا وحده يشرح سبب التفجيرات العبثية في سورية، تلك التي تطال المدنيين أولاً، ولا تأثير يذكر لها في المنشآت العسكرية، أو الأمنية سوى سوى تفتيت جدرانها الاسمنتية..
تابعوا ندبكم.. فلم يعد لديكم من وسائل مقنعة.. والبكاء على أطلال العرعور والقرضاوي، والعاء لرب العالمين كي يمد (أمنياتكم) بملائكة من عنده!..

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -