الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخليفة العباسي المعتذر لخلق الله

الياس المدني

2005 / 1 / 9
القضية الفلسطينية


اضحت القصة مهزلة. اذ اصبحت تسمية العدو باسمه الحقيقي خطأ وزلة لسان يجب الاعتذار عنها وطلب السماح والعفو من العدو على اطلاق تسمية العدو عليه. ولكن يبدو ان ذاكرة البعض جيدة ولكنها قصيرة جدا جدا.
منذ عدة ايام وفي اطار المذبحة اليومية التي يقوم بها العدو الصهيوني (اسف على التعبير هذه زلة لسان وسأعمل على عدم تكرارها) قتلت قوات العدو الاسرائيلي (اسف مرة ثانية) سبعة فلسطينيين، مما اثار غضب مرشح الرئاسة الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شخصية واحدة هي الخليفة العباسي المعتذر لخلق الله.
وقد ثار به الغضب او الانفعال امام جماهير غزة البطلة (قرأتم عن علم النفس الجماهيري؟) بالاخ المعتذر لخلق الله الى درجة ان يطلق اسم العدو الاسرائيلي على قتلة الفلسطينيين السبعة. وقد اخذت الصحفيون والمحللون بتناقل هذا الخبر على اعتبار انه ثبات على المواقف المبدئية التي اكد عليها الخليفة العباسي افضل خلف لافضل سلف كما يقول احد اعلاناته الانتخابية.
ولكن فرحة الدراويش مثلي لم تطل اذا انه بعد يومين اخذ بالاعتذار عن زلة لسانه هذه. وتقول مصادر مقربة من ديوان الخليفة العباسي انه اتصل بعد هذا الحادث الغير مقصود ببعض اعضاء الحكومة الاسرائيلية للاعتذار منهم، واتصل ايضا بأحد الزعماء العرب الذين تربطهم منذ شهرين علاقة حميمة برئيس الوزراء الاسرائيلي سفاح صبرا وشاتيلا (اعتذر مرة اخرى عن الخطأ) للتوسط له عند شارون لقبول الاعتذار. لكن هذا لم يمرر القضية بلا كسب، بل طلب اعتذارا علنيا وهو ما وافتنا به مشكورة صحيفة يدعوت احرنوت.
ولكن من يظن ان الخليفة العباسي هو انسان ضعيف وسيخضع لكل مطالب الاعتذار فهو خاطئ. حيث اثبت في الاسبوع الماضي ايضا انه بقدر ليونته امام العدو الاسرائيلي (اسف على الخطأ من جديد) فهو صلب اذا اراد ولن يقدم الاعتذار.
بل ويجرؤ على التقدم باتهاماته التي لا يريد الاعتذار عنها خطوات الى الامام. ففي اطار حملته الانتخابية فقد الخليفة العباسي حسه السياسي وبرغماتيته في قضايا اساسية متهما المقاومة المسلحة بانها تجلب المصائب على الشعب الفلسطيني. معطيا بذلك ذريعة وحجته لحكومة العدو الاسرائيلي (اسف) لمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني بحجة مكافحة الارهاب، واعطى صورة الى الخارج تصور المقاومة الفلسطينية انها خارجة عن الارادة الوطنية ولا تخدم أي اهداف سوى ممارسة الارهاب ضد المساكين الاسرائيليين المقيمين سلميا وبغير ارادتهم بمستعمرات وجدت صدفة داخل الحدود الفلسطينية. وهذا بالتالي يعطي الحق للحكومة الاسرائيلية بابقاء قوات كبيرة من الجيش لحماية هؤلاء الدراويش الاسرائيليين. وهنا انا لا اكرر بيان حماس ولا الجهاد الاسلامي، بل اقتبس بعض ما كتبته الصحافة الغربية في اطار تناولها لتصريحات الخليفة العباسي المعتذر لخلق الله.
وعند مطالبة الخليفة المعتذر بالتراجع عن هذه التصريحات وتقديم الاعتذار اصر مرشح فتح لمنصب الرئاسة على موقفه هذا متهما كل معارضي هذه السياسة بعدم واقعيتهم وعدم فهمهم للامور بل انه عقد اجتماعا للجنة المركزية لحركة فتح التي اصدرت بيانا تهدد فيها المقاومة المسلحة وتوجه لها الاتهامات الغير مقبولة وطنيا ولا اخلاقيا.
ومن درس التاريخ النضالي المشرف للاخ ابو مازن يعرف تماما ان محمود عباس حصل على درجة دكتوراة من جامعة موسكو حيث دافع عن رسالة التخرج التي تناول فيها اللاسامية واثبت فيها "الدعاية المضللة للعدو الاسرائيلي (لن اعتذر هذه المرة فهذا اقتباس من رسالته) برفع اعداد ضحايا النظام النازي من اليهود لكسب التعاطف العالمي".
اما اليوم فقد نسي الدكتور الخليفة العباسي ابسط حقائق السياسة والمنطق وهي ما ذكر بعضها شمعون بيريز في كتابه "الشرق الاوسط الجديد" حيث قال "ان السلم لا يعقد مع الصديق بل مع العدو" فاذا كان الخليفة المعتذر يريد عقد السلم مع الاسرائيليين وليس مع الفلسطينيين فهو سيعقده مع اعدائه وليس مع حلفائه ولا مع ابناء شعبه.
ثانيا: نسي الاخ ابو مازن ان الصواريخ هذه وان كانت معدومة الاهمية من الناحية العسكرية فهي عامل نفسي في رفع معنويات الشعب القابع تحت رحمة قوات الاحتلال.
ثالثا: نسي الاخ ابو مازن ان وقف المقاومة هي ورقة يمكنه استغلالها في أي محادثات سلام ويمكن ان يتلاعب بها تماما كما تلاعب بها سلفه الكبير ابو عمار.
رابع: نسي الاخ ابو مازن انه قوات العدو الاسرائيلي (لن اعتذر فهنا استعمل الكلمة عمدا) هي التي تحتل الاراضي الفلسطينية وهي التي قتلت ما يفوق 3700 مواطن فلسطيني بينهم اكثر من 800 طفل خلال الانتفاضة الحالية وهي التي تعتقل اكثر من 7000 الاف فلسطيني، وهذه الافعال لا يمكن ان تسمى الا اعمال عدوانية يقوم بها عدو وليس صديق.
لهذا اذا كانت الاعتذارات عند الاخ ابو مازن بهذه البساطة وفي الوقت نفسه بهذه الصلابة فعليه ان يعيد النظر ليعتذر من ابناء الشعب الفلسطيني ويرفض الاعتذار عن تسمية اسرائيل بالعدو الصهيوني.
لكن على ما اعتقد ان اعتذارات الاخ ابو مازن لا تأتي بفعل الصدفة ولا تحت تأثير غضب او انفعال كما حدث بتسمية العدو الحقيقي باسمه، بل تأتي ضمن منهج مدروس هي التزاماته الاسروامريكية التي يتصدرها مطلب وقف الانتفاضة، كذلك وقف الاعمال العسكرية ضد العدو الاسرائيلي. واذا كنت شخصيا من معارضي عسكرة الانتفاضة والعمليات العسكرية التي لا تخدم هدفا سياسيا واضحا الا انني ارفض مطالب الاخ ابو مازن على اساس انها تنازل غير مبرر عن ورقة هي واحدة من اخر ما تبقى بيد أي مفاوض فلسطيني من اوراق.
لقد سوق الاخ ابو مازن حملته الانتخابية مستخدما قربه من الرئيس الراحل ياسر عرفات ونصب نفسه ونصبته اللجنة التنفيذية لحركة فتح كخير خلف لخير سلف، ولكن الفارق بين الخلف والسلف اكبر من ان تغطيه التصريحات المبهمة عن حول الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولو كنت يحق لي التصويت غدا لذهبت الى مركز الاقتراع لكنني لن اصوت للخليفة الذي اعتذر للجميع (بحق او بغير حق) لكنه لم ينحني اجلال واكراما امام شجاعة شعبه ومعاناته اليومية ولم يقدم لهم الاعتذار عما اساء لهم فيه. فهذا المرشح لن يكون رئيسا للشعب الفلسطيني بل رئيسا لحفنة منتفعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش