الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الاضراب

عبدالله الدمياطى

2012 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


من الـمؤكد أن الإضراب حق مشروع لجميع فئات الـمواطنين يمارسونه بحكمة وانضباط في مواجهة أي مس خطير بحقوقهم، حين لا يستطيعون وقف هذا الـمس أو رفعه عنهم بالحوار مع الـمسؤولين عنه، أو الـمتسببين به ان ثقافة الإضراب في هذا الـمعنى ضرورية غير أنها تتهالك فجأة، وتخرج من إطار الضرورة إلى الضرر لتصبح على الفور، شكلاً من أشكال ثقافة الفوضى انا لا اجادل في حق المواطنين والعمال في الدفاع عن حقوقهم، وممارسة كافة الحقوق المكفولة لهم من قبل القانون في المطالبة بهذه الحقوق، لكن ما العمل حين تصطدم المطالبة بهذه الحقوق مع حقوق طبقات وشرائح أخرى من المجتمع؟ ما العمل حين تصبح المطالبة بهذه الحقوق مجرد تعطيل لمصالح المواطنين وإضرار متعمد بهم من ما العمل حين تعطي هذه الإضرابات ذريعة لمن يريد أن يعبث بأمن هذا البلد واستقرار ه؟ ما العمل حين يحدث تصادما بين فئات الشعب وهذا واقع لا محالة الاصطدام بين حق وحق، حق فى الإضراب، وحق المواطن في الاستفادة من المرافق العامة المكفولة له أيضًا بكل القوانين.
أن هذه الثقافة (ثقافة الاضراب) بكل أهميتها في تفعيل الوعي الوطني كانت ترتبط بالـماضي الاستعمارى الـمباشر والـمسيطر على كل شيء، فكانت ثقافة "عدم الدفع" التي كانت تعني عدم دفع الضرائب للعدو على اعتبار أنه الـمغتصب للوطن بكل خيراته وثرواته والسارق لحقوق الـمواطنين بكل أنواعها ومع أن "عدم الدفع" هذا كان غير وافر الدقة في الوعي الشعبي، إلا أنه اعتبر في مجمله شكل من أشكال التخفيف عن كاهل الـمواطنين الـمثقلين بالفقر والبطالة ،وارتبط الإضراب في ذهنيتنا العامة بمحاربة الاستعمار او المحتل وكان هذا من مظاهر الفعل الوطني وهي رؤية كانت صحيحة في وقتها وظروفها فهل يعقل أن تكون صحيحة الآن ؟
هذا الكلام ينطبق على ما تشهده مصر هذه الأيام من دعاوى إضراب ومهما كانت المسوغات والأسباب التي دفعت هؤلاء الى الاضراب، ومهما كانت شرعية الإضراب فلا شك أن الآثار السلبية والخسائر المترتبة على هذا الأمر تفوق بمراحل ما قد يترتب عليه من المصالح والمنافع المحدودة فمصر حاليًا في أشد الحاجة للبناء والتعمير لا للاضراب والانقطاع عن العمل وهناك قاعدة إسلامية تنص علي أن المصلحة العامة مقدمة علي المصلحة الخاصة، وبالتالي فإن كل ما يؤدي لتعطيل للإنتاج وتأخير مصالح الناس يدخل من باب تفضيل المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة وهذا منهي عنه ومحرم شرعًا، والرسول محمد صلي الله عليه وسلم قال" لا ضرر ولا ضرار " كما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " دعوا الناس يرزقوا بعضهم من بعض " وفي هذا الحديث نستكشف أن الإسلام يحث علي استمرار الإنتاج حتي يستفيد الناس ويتحقق الربح للجميع .
وكما قلت أن المطالبة بالحقوق مشروعه لكن لا يجوز أن يؤثر ذلك علي مصالح الناس فإيقاف السكك الحديدية، والمواصلات، وإيقاف العمل في المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس، والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة (ضرائب - فواتير الكهرباء والمياه والغاز) حرام لا يقبله اى دين فهذا كله من شأنه أن يفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة بما يؤدي إلى المزيد من الفوضى ولن يتضرر منه إلا الفقراء والمعدومون فضلا عن أنه سيؤدى إلى المزيد من الانهيار الاقتصادى وتعطيل مصالح الناس وتعرض حياتهم للخطر وهناك الكثير من المحتاجين الذين لا يجدون قوت يومهم و يحتاجون لكسب يومهم وفيهم المرضي الذين يحتاجون للعلاج في المستشفيات
لا شك أننا أمام مرحلة صعبة تمر بها مصر فنحن أمام دوامة يستحيل علي أي وطني مخلص أو غيور أن يتحمل استمرارها فما نكاد نخرج من بئر دماء إلا وتنزلق أقدامنا طوعا أو كرها إلي بئر آخر ومن المؤكد ان هناك من لا يريدون لمصر أن تستمر في مرحلة إعادة البناء لا يريدون استقرارا أمنيا ولا سياسيا ولا مجلس شعب ولا شوري انهم يريدون مصر الفوضي ،وعلى كل الأطراف تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على أمن واستقرار هذا البلد سواء من الأفراد والمواطنين الذين يجب عليهم أن يغلبوا المصلحة العامة لمصر،أن ما نراه من نيران مشتعلة في بعض الدول كانت بدايتها من مستصغر الشرر، ولا شك أن الشرر كَثُر وتطاير في أماكن متفرقة وينذر بخطر كبير، فعلى الشرفاء والمخلصين إدراك الأمور قبل فوات الأوان لأن سوء استخدام الحقوق المشروعة والحرية المكفولة يؤدي في النهاية إلى الفوضى ووقتها لا ينفع الندم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس