الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشقاؤنا شقاؤنا

محيي هادي

2005 / 1 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


"أشقاؤنـا" شقاؤنـا
صِغارُ الناسِ أكثرهُم قبيحاً ***
و ليس لهُم لصالحةٍ نُهوضُ
ألم ترَ في سِباع الطَّيْرِ نسراً ***
يُسالِمنا، و يأكلُنا البعوض
كلمات قالها الشاعر الاندلسي غالب بن تمّام الملقب بالحجّام. و كلماته أكتبها اليوم لأُعَبِّـر عن الأذى الذي يتعرض له العراق على أيدي البعثيين السوريين، الصغار، الذين لم يستريحوا يوما من بعث الدمار إلى أرضنا و هم يسيرون على خطى الحجاج. و يدا بيد هؤلاء البعثيين الصغار نرى الاقزام الملكيين في الاردن و في السعودية و هم يرقصون متعانقين مع من باعوا أرضهم من المتاجرين بثورتهم، و مع أولئك الذين ترفرف على أهرامهم أعلام الصهاينة.
أظهرت لنا المآسي التي يتعرض لها وطننا الحبيب مدى الخُداع الذي كنّا معرضين له، و كم كانت سميكة على أعيننا غشاوة كذب الاشقاء في اللسان و إجرام الأخوة في الدين. لقد أكد لنا الزمن الحاضر أن "الأخوة" كانت تُكمن في صدورهم أحقاد أبناء يعقوب على أخيهم يوسف، فأثبتت لنا مواقفهم أنهم بجانب جرذ العوجة الطاغية الدموي، و إلى جانب مَثْرَمَةِ بعثه، و أنهم لم يكونوا أبدا واقفين إلى جانب الشعب العراقي بل يفكرون دائما في كيفية حلب ثرواتنا و سرقة كنوزنا و امتصاص دمائنا و دفننا في قبور جماعية. لم يكن أشقاء اللسان يريدون الخير و الإزدهار لنا و لن يكونوا إلى جانب حريتنا، بل و لم يفكروا أبدا في حريتهم و الخلاص من عبوديتهم. فأكدت لنا مواقفهم ضد الشعب العراقي في تمويلهم ودعم الإرهاب و ضد الإنتخابات، المزمع إجراءَها في الثلاثين من كانون الثاني الحالي، أنهم بجانب مغتصبي السلطة و بجانب المؤامرات، و أنهم همج من مؤيدي حكامهم الأعراب، حكاما عَرَّفهم التاريخ لنا بأنهم: لا يخرجون من القصرِ إلا مباشرة إلى القبرِ، موتا أو قتلا أو سحلا.

يا لبؤسهم و يا لحقارةِ نفوسهم، إنهم يؤكدون العقدة الدونية التي تطغي عليهم، و بأعمالهم الإجرامية يحاولون إفقار العراقيين و إرجاعهم إلى الوراء، و إلى الجهل و الأمية و المرض. ولن أكون مخطئأ إذا ذكرت قول أبي القاسم السميسر:

فأنتمُ تحتَ كلِّ تحتِ****
و أنتمُ دون كلِّ دونْ

إنهم عبيد لحكامهم يستلذون بضرب العصي و سماع إيقاعها على جلودهم و يتطيبون بالإهانة المستمرة على أرواحهم و يتفاخرون بتخصية ذكورتهم.
إنهم كما قال الشاعر ابن حزم الأندلسي:
و من أعاجيبِ الزّمانِ التي ***
طَمَّت على السامعِ و القائلِ
رَغبةُ مَركوبٍ إلى راكِبِ ***
و ذِلَّـةُ المسـؤولِ للسائلِ
و طَوْلُ مأسورٍ إلى آسرِ ***
و صولـةُ المقتولِ للقـاتلِ
ما إن سمعنا في الورى قبلها ***
خُضوعَ مأمـولٍ إلى آمـلِ
هل ها هُنا وجهٌ تراه سِوى ***
تواضُـع المفعولٍ للفاعـلِ؟

إن أعاجيب الزمان التي ذكرها ابن حزم لم تكن أبدا أعاجيبا، إذ أن هذا ما رأيناه و نراه دائما عند أتباع إطاعة ولي الأمر الجائر، و عند الذين يركعون أمام حكام البعث المجرمين و غيرهم.

قد يقول البعض أن الكثير من أبناء الدول المحيطة بنا مجبورون على وقوفهم راكعين و ساجدين أمام حكامهم، إذ أن السجون و التعذيب لهم بالمرصاد إن لم يطيعوا حكامهم أولياء أمرهم. و قد أؤيد هذا البعض في كلامه هذا، و لكن لا بد لي من أن أذّكره بأنه يجب التمييز بينهم، بين واحد و آخر، بين هذا وذاك، بين النبيل و الحقير:
· فمنهم ذلك السلفي المجرم ممن يطيع ولي أمره حاكمه حتى و لو كان ولي أمره جائرا،
· و منهم الحقير البعثي ممن يقف من شعبنا العراقي موقف الحجاج الثقفي،
· و منهم المنشار الأردني الذي يدعم الأمريكان في احتلال العراق و في الوقت نفسه يقف ضد هذا الإحتلال، و المنشار يقطع فينا ذهابا و إيابا،
· و منهم الكريم الذي يعرف أن كرامته لا تكمل إلا باحترام شعبنا و احترام نفسه عند المطالبة بحريته،
· و منهم من تنطبق عليه القصتين التاليتين:
الأولى: كتبها عبود الشالجي في كتابه (موسوعة الكنايات البغداديه) عن إمرأة رافقت زوجها قي سفر فلقيهما في الطريق فتيان أشرار إنفردوا بالمرأة فنالوها، ثم تركوها، فلما رجعا أراد الزوج أن يطلّقها، فقالت له المرأة: ما ذنبي ، وقد رأيت بعينك أنهم أخذوني قسرا. فقال لها: يا فاجرة ، رأيتك وقد علاك أحدهم، وكنت تغربلين، هبي أنهم أكرهوك على الإستلقاء، فهل أكرهوك على الرهز والغربلة.

و الثانية: ذكرها الجاحظ في كتابه (المحاسن والأضداد )، عن رجل من بني زهرة ، من أهل المدينة ، دخل على قينة ، فسمع غناءها عند مولاها، وخرج مولاها في حاجة، ثم رجع ، فإذا جاريته على بطن الزهري ، فقامت مذعورة، وأخذت تبكي ، فقال لها : ما يبكيك ؟ قالت: لأنك لا تقبل لأجل ما رأيت عذرا. فقال لها: يا زانية ، لو رأيتك على قفاك ، قلت صريع مغلوب ، ولو رأيتك على وجهك، لقلت وعاء مكبوب ، وإنما رأيتك كالفارس المصلوب.
و هكذا أعراب النفاق يترهزون و يتغربلون و يرقصون دبكة خزيهم و هم يفجرون مدننا و يقتلون أطفالنا و نساءنا.

لم يذكر الله عن قرآنه الكريم أنه أنزله أعرابيا، بل قال عنه أنه أُنزِل قرآنا عربيا، و عندما يتطرق القرآن و يتحدث عن الأعراب لا يذكرهم إلا بأنهم أشد كفرا و نفاقا. إن موقفهم المنافق من الإحتلال الأمريكي لا يكون إلاّ كفرا بنا و كذبا و نفاقا، فهم يريدون الأمريكان لحمايتهم، بل و يتوسلون بهم لكي يبعثوا بجنودهم لكي يحموهم، من قهر الصهاينة، أو من غضب شعوبهم. و هناك أعراب آخرون من فلسطينيين و أردنيين و مصريين يقبِّلون أيادي الأمريكان فرحا بعد استلام ما يُسمى بالمساعدات.
إنهم لا يريدون للعراقيين أن نرفع رؤوسنا عاليا و أن نعيش بحرية و أمان.
و أخيراً يا مواطني العراقي، إذهب و انتخب، و ردد مغنياً:

اشدد يديك بكلبٍ إنْ ظفرتَ بهِ ***
فإنما الأعراب ما زالت خنازيرا.


محيي هادي-أسبانيا
كانون الثاني/2005
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت