الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مديح - الفيتو-

سعيدي المولودي

2012 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



جندت الآليات الدبلوماسية والإعلامية الغربية والذيليات العربية وغير العربية المشبوهة كل طاقاتها وإمكاناتها المرئية واللامرئية ،السرية والعلنية من أجل أن تخدش صورة حق النقض الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن ضد إرادة التدخل الغربي والحلف الأطلسي في سوريا ، وقلب موازين القوى فيها لصالح القوى الموالية لخياراتهما القائمة على المؤامرات والمكايد وترويج ثقافة القتل وسفك الدماء وتدمير وحدة الشعوب واستباحة أمنها، وركبت موجة التأليب والتحريض على التوجهات السياسية لروسيا والصين، وتصفية الحسابات الأمريكية القديمة والوليدة مع هذين القطبين.
وكان مؤلما أن يكون الطلل، عش الخراب المعروف بالجامعة العراء (بية) الأداة المسمومة الفعالة في هذا الدور، وأن تسخر شتاتها العقيم لزرع النشوة الأمريكية في التابوت العربي الممتد من الماء إلى الماء، وتنهض بمهمة حفار قبور الشعوب العربية واحدا بعد الآخر، من أجل أن ترتفع رايات عظمة أمريكا ويتحقق حلمها القديم في بسط هيمنتها على كل كومة الأرض العربية، وإحكام الطوق على منافذها وتضاريسها البعيدة. الجامعة العراء (بية) القيثارة المحطمة الأوتار، تتقدم الأسطورة والموت، وصوتها في الطين، ولم يكن تاريخها غير تاريخ موات ومواقف ذليلة، تستعيد وجودها بهذا التجلي الأمريكي المحض، وتغرز أظافرها الوحشية الموشاة بالنفط والعمالة والتبعية ومخاط الرجعيات الأبدية المتخلفة في جسد هذه الأمة لتوقد خطوها نحو الخراب.
بنفس الشراسة انبرت للدور ذاته كل الأبواق والأصوات الهوجاء التي تسبح بحمد أمريكا ودين الثورات البلهاء التي ترسم طريقها ويحركها المرتزقة الأنذال الذين يهجرون لبرية القتل والدمار التي تبشر بها أمريكا وتجرف بها السياسات العربية لتعلي رايات التخلف وقيم العصبيات والجاهليات والهمجيات التي ترعى حقول النفط وتمسح دموع الدولار ومأزق الرأسمالية المتوحشة التي تتقدم منا خطوة خطوة، وتصر على أن تذلنا تحت مظلات إسلام هجين لا أفق له، ولا وطن له ولا ملة له غير الولاء الأعمى للاستخبارات الأمريكية وشرب دماء الأبرياء والمتاجرة بنزيف الشعوب والأمم.
لقد أيقظ الفيتو الروسي الصيني الجاهليات العربية الذليلة من نومها العريق، واهتزت لصداه قلاع الرجعيات السقيمة والهزائم المطلقة والطغاة من السلاطين الدمى المنسحقة تحت الحجر الأمريكي، وخرجوا لدائرة الضوء، سكارى وما هم بسكارى، يتهجون أبجديات لغة السياسة التي لا يفقهونها ويرفعون نعيقهم عاليا ليقولوا كالموتى ( ماهي محمودة)، وهم الذين فقدوا الإدراك والإحساس بمعاناة شعوبهم وأطلقوا اليد للفساد والفجور والمجون والعهارة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ويقفون في ذيل هذا التاريخ الممدود ينتظرون الوحي والوحش الأمريكي الذي سيهديهم الصراط المستكين ، ويضمن لهم مواقعهم، ليركعوا تحت أحذية المارينز والمرتزقة الأمجاد، وتتحول بطونهم المأهولة بالخواء والنفط الغزير والغاز الطبيعي وغير الطبيعي، طبولا للحرب والجنون..
لنضع أيدينا على "المحمودة"، كما يراها أهل فتاوى "الفيتو" الحلال و"الفيتو" الحرام، ونقول أمريكا سيدة هذا الكون، لها الملكوت و فتنة الأسرار،كل من سار على هواها هو شهيد حتما، ومن مات على فراشها شهيد، كانت أمريكا ولا تزال ولا شيء ضدها ، وهي الآن كما كانت ولا أحد ضدها، أمريكا هي الجنة التي وعد بها المتقون، والقتل الأمريكي وأساليبه الفائقة هو الطريق إلى الجنة، والفيتو الأمريكي أبدا نعمة من نعم الله، فاشكروا( أمريكا) الله على نعمه، والجنة تحت أقدام المارينز، القتلة الأجلاف..
أمريكا تنشر موتاها، والعرب يتوجون على خرائبها. يا لهذه الرحلة العجيبة: سلطان مومياء يقود انقلابا ضد أبيه ويلقي به في النار، يسكن العاصفة ويدير جذوة الحروب، ويرفع عطر الديموقراطية، وغسيلها في الممرات، ولا يستحيي من تاريخه الدموي وأنينه الطويل.. أرأيتم في هذا الزمن الأمريكي الرديء، كيف يكون قاتل أبيه النموذج الديمقراطي السائد.
***
اقترب من صمتي أيها "الفيتو"، لأرى الشمس الأمريكية شاحبة، والقباب النفطية مهزومة، وأسندني لصلوات الرفض ، كيما تذهب صرختي بعيدا في الأرض.
سعيدي المولودي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
عمران طلال الملوحي ( 2012 / 2 / 12 - 01:35 )
يندر أني قرأت تعليقاً بمثل هذه الشفافية، واللغة السلسة، الصادقة، والعفوية... ستون فيتو استخدمتها أمريكا لصالح الكيان الصهيوني على مدى ستين عاماً، ولم تهتز شعرة واحدة من لحية الجامعة العربنجية، وحين استخدم الفيتو الروسي، اهتزت لحى السعوديين، ووجدوا أن الفيتو الروسي (لم يكن محموداً).. وسعيهم نحو فرض (ديمقراطية) في سورية، على غرار ما حدث في تونس ومصر وليبيا.. هو الحل.. ويا لها من ديمقراطية تبشر بها الغربان السوداء، وبلاد تحكمها أسر متصهينة حتى النخاع... ويعشعش فيها الجهل والوحل..
لك تحياتي..

اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا