الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شوارع أوروبا تشتعل ضد الرأسمالية

دينا عمر

2012 / 2 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



منذ أن اجتاحت الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكست آثارها السلبية بمختلف دول العالم ، والإضرابات تشتعل من وقت لآخر احتجاجا على خطط تقشفية تستهدف تضييق سبل المعيشة على العمال الذين أصبحوا يعانون بلا شك قبل الأزمة من الاستغلال وبعد الأزمة من التسريح والتشريد.

الأمر هنا لا يقتصر على دول العالم الثالث والتي شهدت تأخرا ملحوظا بمستوى الاقتصاد رغم ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية ومعدلات النمو المعلن عنها، لكن الأزمة طحنت بشكل مباشر العاملين بالقطاعات المختلفة سواء كانت خاصة أو حكومية بدول اوروبا وامريكا، هنا لا يمكن على الإطلاق تفسير الأزمة باتباع المنهج الخاطىء للرأسمالية في بلداننا وإلا فماذا عن جماهير اوروبا المنتفضة منذ أعوام ضد سياسات الرأسمالية نفسها ؟

الإضراب اشتعل بكافة أرجاء اوروبا الشهر الحالي, في اليونان مثلا التي تمثل قلب الأزمة للاتحاد الاوروبي ، فإن خطط التقشف التي اتخذتها الحكومة بزيادة سن التقاعد ساعدت على ارتفاع نسبة البطالة على الجانب الآخر لتصل إلى معدلات 22% من القادرين على العمل وهي معدلات غير مسبوقة ، أما من يعملون فقد انخفض متوسط دخلهم بنسبة 15% العام الماضي.

في ظل تراجع دور الدولة بتقليل الإنفاق على الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم ، وخاضت الجماهير اثنى عشر إضرابا عاما طيلة العامين الماضيين.

بل وسعت إلى تحدي حملات القمع والاعتقال التي شنتها الحكومة بمزيد من التوسع القاعدي بين مختلف القطاعات العمالية وربط ذلك كله بتحركات الشارع التي شهدت تظاهرات حاشدة واعتصامات طيلة الفترة السابقة وحتى الآن.

وفي البرتغال خاض عمال النقل العام إضرابا استمر لمدة 24 ساعة أصاب خلالها حركة التنقل بالشلل بعد أن تجمع أعضاء الاتحادات العمالية عند محطات المترو لفرض الإضراب عن العمل احتجاجا على إجراءات تقشفية طلبها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، اللذان منحا البرتغال حزمة إنقاذ مالي قيمتها 78 مليار يورو.

ليست هذه المرة التي ينتفض بها العمال فقد شهدت البرتغال في مثل هذا التوقيت من العام الماضي يوما كبيرا للحركة العمالية البرتغالية المعبئة ضد التقشف وخفض الميزانيات الحكومية حيث تم تنظيم الإضراب العام على نحو مشترك بين الاتحادين النقابيين الكونفدرالية العامة لعمال البرتغال و الاتحاد العام للعمل.

وأعطى قطاع النقل المثال بإغلاق الموانئ ووقف الملاحة الجوية و إضراب جماهيري في مقاولات النقل العمومية والخاصة ، وهكذا شلت كل وسائل النقل حيث شارك في الإضراب أكثر من 3 مليون عامل.

وكما قررت الحكومة الإيطالية زيادة الضرائب على الوقود في إطار تقليل عجز الميزانية وخفض معدل الدين العام, قرر في المقابل سائقو شاحنات الطرق الرئيسية في إيطاليا خوض إضرابا لمدة ثلاثة أيام متواصلة بإغلاقهم للطرق السريعة ، مما أجبر شركة صناعة السيارات الإيطالية "فيات" على إلغاء دورتي عمل في خمسة مصانع تابعة لها في إيطاليا.

أما فرنسا التي لم تهدأ منذ أن أقر البرلمان قانون مد سن التقاعد, كانت نقابات تمثل الطيارين وأطقم الضيافة الجوية والأرضية دعت هذا الأسبوع إلى إضراب لمدة أربعة أيام متتالية احتجاجا على مشروع قانون سيقيد حقهم فى تنظيم إضراب.

وفي بلجيكا دعت النقابات البلجيكية إلى إضراب تخوضه الجماهير احتجاجا على خطط التقشف الحكومية وسط توقعات بزيادة أزمة الديون والركود، الاضراب أدى إلى شلل شبه كامل في بلجيكا بإضراب عمال النقل البري بما في ذلك إغلاق شبكة القطارات بأكملها كما تم إلغاء كل الرحلات الجوية.

الإضراب يأتي تزامنا مع انعقاد قمة قادة الاتحاد الأوروبي وبعد أكثر من عشرين عاما لم تشهد البلاد تلك الموجة الاحتجاجية العنيفة.

إضرابات العاملين في اوروبا هي فنون ممارسة الاحتجاج ضد قرارات الحكومة بتحميل المواطن تبعات أزماتها الاقتصادية والسياسية ، الإضرابات هنا ستحول الدفة من محاصرة النظام الرأسمالي للمواطن إلى محاصرة المضربين للحكومة ولا سيما إن تمت الإضرابات بقطاعات أكثر حيوية.

منذ سنوات لم يشهد الطقس العالمي موجة صقيع كتلك التي تجتاح وسط وشرق أوروبا التي حصدت ما يقارب 450 ضحية حتى الآن عدا هؤلاء الذين سقطوا كضحايا حوادث السير والفيضانات الناجمة عن ذوبان الثلوج.

بولندا ورومانيا وأوكرانيا كانت الدول الأكثر تأثرا بموجة الصقيع التي تضرب بقوة اوروبا حيث وصلت حالات الوفاة في اوكرانيا إلى أكثر من مائة شخص ماتوا تجمدا وكان أغلبهم من الذين لا يملكون مأوى حيث أكدت الاحصاءات أن أكثر من 3 ملايين شخص بلا مأوى في أوروبا وتحديدا بالبلاد الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية ، ومع فقدان الوظائف وحالات الإفلاس أصبح عدد هؤلاء المشردين في ازدياد بسبب إنضمام فئة جديدة وهم العاطلين عن العمل والذين تعذرعليهم دفع فواتير مستلزمات المعيشة.

امتدت أضرار موجة الصقيع أيصا لتشمل كل الفقراء بعد أن ألهبت أسعار المواد الغذائية كالخضراوات التي كانت أكثر المحاصيل تضررا بسبب تدني الحرارة وتعرضها للتلف كما سجلت أوكرانيا تلف ثلث منتوج القمح هذا العام, يحدث هذا في ظل تزايد مستمر لنسبة الاشخاص الذين يعيشون على حافة خط الفقر في اوربا إلى 25% يتركز معظمهم في أشد الدول معاناة من الأزمة الاقتصادية كاليونان.

ربما لم تصنع الأزمة الاقتصادية موجة الصقيع، لكنها صنعت طبقات تزداد اتساعها وتزداد معاناتها بتحمل تبعات أزمات الحكومات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح