الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو مازن والركض وراء الجزرة

باسل سليم

2005 / 1 / 9
القضية الفلسطينية


سيفوز أبو مازن في الانتخابات الفلسطينية بلا جدال، فالرجل قام بالزيارات التقليدية الى دول الجوار كرئيس متوج ووزع ابتساماته على الصحفيين ، كما أن حملته الانتخابية لا تواجه بأي مرشح آخر قوي سوى الدكتور مصطفى البرغوثي الذي تقول الاستطلاعات عن أن فرصه بالفوز لا تتعدى العشرين بالمئة من المستطلعين ، كما أن منافس فتح الذي قد يكون ذا وزن وهي حماس امتنعت عن خوض انتخابات لن تعني لها إلا اضاعة الجهد في مواجهة رجل أميركا و " أسرائيل " بجدارة .
أبو مازن من المقتنعين بعدم جدوى الانتفاضة وهو يدعو بوضوح الى التمسك بالحل السلمي السياسي رافضا المقاومة المسلحة بصراحة بحجة أن موازين القوى ليست في صالحنا في هذه الفترة، متناسيا أن موازين القوى لم تكن يوما في صالح الفلسطينيين ، كما ان المقولة الاساسية التي يستند عليها: أن الانتفاضة واللجوء الى السلاح كانا السببين الرئيسيين للعدوان الصهيوني على شعبنا فيقول " لماذا استمرينا بالانتفاضة اربع سنوات ونصف مع كل ما حصل من تدمير واعادة للاحتلال"
كل هذه المقولات والمراهنات التي يقدمها أبو مازن تجد استجابة لدى قطاع كبير من الناس، من هنا نرى أن الخطورة في مشروع أبو مازن وما يمثله تكمن في النقاط التالية
أولا : جاء أبو مازن في مرحلة فلسطينية خطيرة فبعد اربع سنوات من المقاومة الفلسطينية من الواضح أن التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني مهولة ومؤثرة ، فالاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والبيوت المهدمة والاراضي المصادرة والجدار العازل كلها أمور ذات تأثير على صبر الناس واحتمالهم ، فحقيقة أن الشعب الفلسطيني قدم تضحيات بطولية حقيقية لا جدال فيها إلا ان العبء النفسي واستمرار الاحتلال خلق حالة من التعب واليأس لدى الشعب الفلسطيني ، فالقوى الفلسطينية تم انهاكها ، وتمت تصفية القيادات الحقيقية اما بالاغتيال وإما بالتغييب في المعتقلات ومثال حماس والجبهة الشعبية خير مثال، ومن تبقى على الساحة على الاغلب هم اصحاب المشروع البديل، اصحاب المشروع السياسي السلمي والبعيد عن المقاومة حتى ضمن حركة فتح، فالقيادات التي غالبا ما وصفت بالمتشددة أما تمت تصفيتها وأما غيبت في العتقلات كحالة البطل مروان البرغوثي ، إن تغييب أسماء من مثل البرغوثي في سجون الاحتلال وسجن الرفيق أحمد سعدات في سجون ما يسمى بالسلطة "بحجة حمايته من الاحتلال" لا يجب أن يتم قراءته الا بأنه جزء من تغييب قيادة المقاومة الحقيقية عن الساحة الفلسطينية لمصلحة المشروع البديل مشروع الحل السلمي والتفاوض على ما تبقى مما يمكن التفاوض عليه مما تبقى من فلسطين ومن حقوق الفلسطينيين ، وتتمثل نهاية آخر محاولات المقاومة لتدارك الامور في انسحاب مروان البرغوثي عن ترشيح نفسه عن حركة فتح وفي أن الجبهة الشعبية آثرت دعم الدكتور مصطفي البرغوثي لعدم الاتفاق مع قوى اليسار على مرشح واحد..

ثانياً : يكمن الخطر الثاني في مشروع أبو مازن بأنه مشروع المنتفعين من السلطة الفلسطينية والحل السلمي وهي فئة عملت منظمة التحرير على تربيتها طوال عمرها في الخارج وهي نفس الفئة التي عادت الى فلسطين بعد اتفاقية أوسلوا وإن بدوافع مختلفة ، وطوال عمر السلطة التي تلقت المساعدات من الدول الاوربية لدفع الرواتب تربى جيش من العاطلين في دوائر الدولة ، آلاف من الموظفين غير المنتجين الذين عنت الانتفاضة لهم حرمانهم من الرخاء الذي وعدوا به من قبل أوسلوا وذاقوا حلاوته باسم السلام ، إن تربية هذه الفئة لا يعني الا تربية بديل النضال والنفس الطويل ، لا يعني إلا نمو طبقة الحلول السريعة وامانى الاستقرار وإن كان واقع الاحتلال فرض نفسه على الجميع إلا أن الاحتلال مثل اي احتلال يفرز المنتفعين منه والمتاجرين بالحلول السهلة للخلاص منه ، إن واقع وجود هذه الفئة يمكن تلمسه بوضوح في الصراع الدائر في فتح بين الجيل القديم القادم من المنافي والذي أثرى كباره على حساب القضية وبين جيل الشباب الذي تربى على مقارعة الاحتلال ولم يجن صغاره سوى المزيد من الجراح والتضحيات.

ثالثا : يكمن الخطر الثالث في وجود أبو مازن في الطروحات السياسية والمعالجات التي يقدمها لتنفيذ هذه الطروحات وهو ما يمكن القول عنه "بالخلفية الفلسفية السياسية لمدرسة فن التنازلات " ، فرسالة أبو مازن واضحة للجميع فبدل الاستفادة من نضالات الشعب الفلسيطيني كتكتيك من تكتيكات مدرسة فن الممكن قدم أبو مازن جوهر الرسالة الصهيونية الى الشعب الفلسطيني وبكلمات واضحة من أن النضال ومقارعة الاحتلال وأي شكل من أشكال تطوير هذا المقاومة لن يعني إلا شيئا واحدا وهو مزيد من البطش الصهيوني ، والخطر في هذا الطرح أنه يلعب على العامل النفسي للفلسطينيين ، "فمنكم وابنكم" هو الذي قدم لكم الرسالة الشارونية ، إن هذا الطرح الغبي والصريح من قبل أبو مازن وان كان يستند الى ارضية واقعية في وجه من وجوهه لا يمكن الا ان يمثل رصاصة الرحمة للمقاومة ، رصاصة تطلق على مشروع المقاومة بأيد فلسطينية ومباركة أميركية ، والطفولة السياسية التفاوضية تعني على الاقل الاستفادة من النضالات لأخذ مكاسب ولو جزئية ضيعها أبو مازن منذ البداية ، إن السؤال حول الغرض من كل هذا التصريحات لا يمكن أن يوصلنا الا لاستنتاج واحد لا محيد عنه أن مدرسة فن الممكن الفلسطينية هي مدرسة القبول بالواقع والتراخي وتقديم التنازلات .
كما يتوهم ويروج اصحاب هذا المشروع ان عدم التكافيء من ناحية القوة العسكرية مع العدو يمكن تعويضة بالفهلوة التفاوضية، متناسين أن قوة العدو التفاوضية تكمن في قوته العسكرية اساسا وفي تفوقه السياسي وفي الدعم اللامحدود من الامبريالية الاميركية .

تبدو الصورة قاتمة وغائمة للجميع والمفارقات في هذا الزمن اصبحت أكثر من الحقائق ، فالهزائم العسكرية يعتقد البعض أنه يمكن تعويضها بالمكاسب الانتخابية ، كما ان البعض يتوهم أن الركض وراء الجزرة سيحميه من عصا من يمتطيه إن تقاعس أو تسائل لحظة واحدة عن جدوى هذا الركض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الذكرى الثانية لرحيلها.. شيرين أبو عاقة تترك إرثا ما يزال


.. بحضور رئيس البلاد.. الآلاف يهتفون لفلسطين على مسرح جامعة أيس




.. سفن قوات خفر السواحل الصينية تبحر بالقرب من جزيرة تايوانية


.. الشفق القطبي ينير سماء سويسرا بألوان زاهية




.. مصر تلوّح بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل إن استمرت في عملية