الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا تربح جولة مجلس الأمن

محمد يوسف الحافي
باحث

2012 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


روسيا تربح جولة مجلس الأمن
تخوض روسيا هذه الفترة حلقة جديدة من الصراع الدولي, وتبرز أهم ملامح هذه المرحلة في مواجهتها للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط, ذلك من خلال دعمها للموقف السوري الرسمي, في حين أن فالموقف العربي تجاه النظام السوري أصبح أكثر صرامة من ذي قبل, خصوصا بعد سقوط بعض الأنظمة الشمولية في تونس ومصر وليبيا, ويتزعم هذا التيار نظما أخرى تظهر أكثر ثباتا وتماسكا, مثل دول مجلس التعاون الخليجي تحديدا قطر والسعودية.
وهنا تبرز مفارقة غريبة على مستوى المواقف العربية من ناحية, وعلى مستوى الصراع الدولي بين القوى العظمى من ناحية أخرى. فالجامعة العربية حاليا تلعب دورا بارزا في الشأن السوري, في حين أنها عانت وتعاني من الضغوط الأمريكية الغربية عليها في مواضيع أخرى, ويتجلى هنا الموقف القطري السعودي الداعم لتدويل القضية السورية, بتقديم السعودية مشروع قرار يدين النظام السوري للجمعية العامة للأمم المتحدة, ومعلوم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة, في محاولة منها لإحراج الموقف الروسي الصيني وإضعافه دوليا, حين استخدمتا حق الفيتو المزدوج لاعتراض نفس القرار في مجلس الأمن. كما يتماشى هذا الدور مع أهداف السياسة الأمريكية فيما يخص قضايا المنطقة العربية .
أما على المستوى العالمي, وهو الأهم والأكثر تأثيرا في السياسة الدولية. فقد جاء الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن مؤخرا لدعم الموقف السوري الرسمي في مواجهة الضغط الداخلي جراء حركة الاحتجاج المسلح التي تعصف بسوريا اليوم, وإعطاء النظام السوري فرصة أخرى لضرب قوى المعارضة, ومن ثم البدء في إصلاحات نحو التحول الديمقراطي وتداول السلطة بشكل سلمي, هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى وعلى المستوى العالمي, فقد جاء الفيتو تعبيرا عن رفض الروس لتمرير مخططات أمريكية تتعارض مع مصالحهم وتستكمل دورة تغيير النظم العربية, من وجهة نظر روسية. كما أن روسيا تتخذ موقفا مشابها من قضية الملف النووي الإيراني .
فبعد تعثر الاتفاق الدولي في الأمم المتحدة على مشروع قرار بشأن الوضع السوري, تعالت أصوات الإدارة الأمريكية ومعها قوى غربية أخرى تصرح بأن الفيتو الروسي الصيني يلغي دور الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين, وتغاضت عن استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو مرارا لمنع إصدار قرارات تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي الفلسطينية, كما تتغاضى أمريكا والمجتمع الدولي عن عدم انصياع إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242 القاضي بانسحابها من الأراضي المحتلة عام 67, وغيرها من القرارات التي تدين الممارسات الإسرائيلية, مثل إدانة الاستيطان الإسرائيلي لأراضي فلسطينية جديدة وتهويدها.

فالعلاقات العربية الروسية متأرجحة ويشوبها اللغط, حيث أن كثيرا من الدول العربية فقدت الدعم السوفيتي بعد انهياره, واستعلاء القوى الأمريكية المنتصرة في الحرب الباردة, وسقطت فريسة سهلة للهيمنة الأمريكية التي طالما تسببت في شرخ واضح بين الأنظمة العربية وشعوبها, مما أتاح فرصة لظهور بعض الآراء الداعية لرفض السياسة الأمريكية جراء العلاقات الجيدة التي أقامتها تلك النظم مع الولايات المتحدة, في ظل تناقض المصالح العربية الحقيقة مع الموقف الأمريكي الداعم بقوة لإسرائيل, وهو العامل الأساسي المؤثر في الصراع العربي الإسرائيلي, ويتم تبرير تلك العلاقات بتراجع الدعم الروسي للمواقف العربية, ودخول العالم مرحلة أحادية القطبية. وحين يظهر موقفا مجابها للرغبة الأمريكية حتى ولو على مستوى الملف السوري, يقابل باستياء عربي واضح.
والملاحظ هنا, أن الموقف العربي يثبت فشله في الاتفاق على إستراتيجية عربية مشتركة تتجنب التدخل الغربي في القضايا الداخلية للدول الأعضاء في الجامعة العربية, والغريب أن هذا ما تؤكده مبادئ الأمم المتحدة : مبدأ عدم التدخل, عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية, وحل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية. كما أن الموقف العربي لا يحاول الاستفادة من تضارب مصالح القوى العظمى القائم اليوم, فروسيا تربح جولة مجلس الأمن, في حين تطالب الولايات المتحدة وحلفائها بتسليح المعارضة السورية ودعمها بكل الوسائل, الأمر الذي يدخل سوريا في مرحلة اخطر, ويتسبب في مزيدا من العنف, والعنف المضاد على الساحة السورية, وسقوط مزيدا من الضحايا. هكذا يتم الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين على الطريقة الأمريكية. من ناحية أخرى, سوف ترضخ المعارضة السورية المسلحة للمطالب الأمريكية, مقابل تلقيها الدعم منها, ألا وهي تأمين الحدود الإسرائيلية السورية, وإما أن إسرائيل ستجد فرصة مناسبة لتصحيح وحماية حدودها, والرد على أي اعتداء قد يأتي من سوريا, ذلك في ظل ضعف الدولة السورية وعدم مقدرتها على الرد, بعد أن تم إنهاك الجيش السوري, واستنزاف قدراته المتواضعة. وعلى الأقل سوف تنعم إسرائيل بتأمين حدودها مع سوريا في حالة نيتها القيام بأي عمل عسكري ضد أي طرف سواء إيران, غزة أو جنوب لبنان .
ونرى هنا ضرورة إعادة صياغة الموقف العربي من روسيا, وتقييم الوضع العربي على خارطة السياسة الدولية, وذلك من منظور نفعي, والعمل على التخلص من براثن الامبريالية الأمريكية الجديدة, والهيمنة التي شارفت على القضاء على أي عمل عربي مشترك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس