الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

علي قاسم مهدي

2012 / 2 / 13
الادب والفن


هي


شمس حارقة ، عرق ينز من جبيني ، ورائحة جسدي تتغلغل في ثناياي ، رائحة ثقيلة زادت من توتري بعد أزمة مرور خانقة بدأت من كراج باب المعظم حتى مكان دراستي في قسم التربية الفنية . دخلت مسرعا إلى الكافتيريا سحبت أول كرسي صادفني ، كانت أصوات الطلبة ترن بصلابة تملآ المكان ، شعرت بالوقت كأنه ثابت ولن يمر، شعرت وللمرة الأولى بان الإنسان - وأنا تحت تأثير ألف فكرة - يبالغ في تساؤله بان هذا العالم لا تتكامل حركته ولا يكتسب معناه إلا من خلال تجربة تؤثر فيه بقوة . وأنا على هذا الذهول وقعت عيناي على ملامح إمراة ابحث عنها منذ ثلاثة قرون ، إمراة اعرفها وأكاد اشك في نفسي إني قد عرفتها أو تحدثت معها أو حتى اقتربت منها ، إمراة توحدت معي توحد تام .... امرأة اختفت وتركت أثرا لن يمحى داخلي ، لم يكن ماحدث صدفة فانا كنت بحاجة ملحة أن يحدث لي شيء كبير كهذا .. تأملتها بنظرة ممزوجة بقلق متصارع النبضات ، أمعنت النظر بملامح وجهها المفعم بالحيوية ... إنها هي . لا ،هل يمكن أن تتطابق الصور ولإشكال إلى هذا الحد العجيب ؟ لقد مضى وقت طويل ، ثلاثة عقود ... غير معقول مستحيل .. هذه الملامح تلح على ذاكرتي تضغط عليّ باستمرار ، ما أكثر ما أتذكر في هذا الزمن الوغد ، كأني أسعى دوما إلى التخلص من شباك الحاضر الذي يوقعني بمرارة الماضي ، ويخالني بالموت الذي يختفي وراء كل زاوية فيبدو حضوره كلي الوجود ، كأنه المارد الكوني الذي يحيل السماء إلى رماد .. وشكت على الانهيار وأنا في لجة صمتي وحيرتي .. تماسكت وبدأت الذكريات تمخر لحظتي ، لم استطع منعها وتركتها تتنقل داخلي مستسلما لها استسلام عجيب ، مستمعا إليها وهي تفجر براكينها ، مصغيا بحذر لاتبين ما يحدث ، دارت بي توقفت عند باب مراهقتي . ما أقساها هذه المرة عندما تكون رحلتي لزمن مضت عليه ثلاثة عقود ، شديدة تجربتي بتفردها تحلق منعزلة في أجواء الرغبة الحادة في المضيء بي نحوها.. كنـــــت صغيرا أو هكذا أرى نفسي ألان في تلك اللحظة ، أعماقي بريئة أنفاسي لاهثة بالحب ، يبدأ أمري بالتراجع ويتباطأ صوت أنفاسي عندما أراها..أتذكر .. ذات مساء متأخر وأنا عائد إلى البيت كنت عنيدا أن اكتشف حقيقتها أفكر ماذا افعل غدا .. جالت في راسي أفكار عدة .. عليّ أن افعل شيء ..افعله مهما كلف الأمر.. وفي صباح اليوم التالي وقفت بالقرب من المكان الذي اعتدت أن أراها فيه ( مرطبات عبد السميع المصري ) . أنا انتظرها .. إحساسي لم يخمد أبدا سيطر عليّ، كأني أشم شذى عطرها يفوح كالنسيم ، يحوم حولي يجعل روحي تحلق كعصفور يغرد سعيدا بالحياة ، سأشبع رغبتي بملامح وجهها المبتسم ، وهي تزم على شفتيها وتنظر نحوي بمكر .. سابقي عيناي في عينيها .
- ها جاءت تشق الصمت بضحكة تحطم فكري المنسرح ، نظرت إليها وبخفة عجيبة رفعت ذراعها نحو رأسها ترتب شعرها حتى رأيت بياض إبطها الحليق ، جرى الدم بعروقي وانتصبت رجولتي بين فخذي كأنها شرارة أوقدت حريق بحجم العالم اطفئته بمياه لزجة قذفتها أحشائي . تداركت الموقف بعد أن هدأت ثورتي ورحت ارقب ما يجري ، مدت يدها بعد أن طلبت قدح ايس كريم رأيت يد الباع تلامس يدها وهو يعطيها طلبها وهي تحاول أن تبقي يدها بين يده مدة أطول متحججة بالبحث عن النقود باليد الأخرى . أعطته المبلغ ونظرت باتجاهي واستدارت مخلفة ورائها مئات الأسئلة المحيرة دون جواب ، دَلَفت الشارع المؤدية إلى السوق ، وقررت اللحاق بها ، وتبعتها من زقاق إلى آخر ، وقبل أن تستدير مع انعطافة شارعهم حانت منها التفاتة إلى الخلف ، رأتني خلفها ، توقفت ، وفي تلك اللحظة شعرت بخجل شديد وهي ترمقني بنظرة طويلة تحمل اللوم والعتاب . ندمت على فعلتي ولم أجد غير العودة من حيث أتيت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع