الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة مصرية للادارة الأميركية من بوابة التمويل الأجنبي

عليان عليان

2012 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


محاكمة مصرية للإدارة الأميركية من بوابة التمويل الأجنبي
بقلم : عليان عليان
رغم أن النهج الاقتصادي لحكومات المرحلة الانتقالية في مصر لا يصب في خانة الاستقلال الاقتصادي والتحرر من التبعية ويتجاهل وفق أيدولوجية محددة، حقيقة أن الاستقلال الاقتصادي هو الأساس لتحقيق السيادة، والتخلص من التبعية للغرب الرأسمالي عبر إنجاز التنمية الحقيقية، المستندة إلى الإنتاج" قواه وعلاقاته" الذي يبلور قوى اجتماعية لا ترهن البلاد والعباد للأجنبي.
ورغم إصرار المجلس العسكري والقوى الاجتماعية القريبة منه والمتحالفة معه بشأن السير في طريق اقتصاد السوق والنهج النيوليبرالي الذي يصب في المحصلة، في خانة الثورة المضادة ضد الأهداف التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير - كانون ثاني المصرية ويعيد البلاد إلى خانة التبعية.
ورغم الملاحظات الكثيرة جداً على بؤس الأداء السياسي للمجلس العسكري في المرحلة الانتقالية، وسعيه الذي لا ينفك لإعادة الاعتبار للنظام القديم، مع إدخال تحسينات في مجال الديمقراطية، والتقليل من حجم الفساد.
رغم ذلك كله لا يسع المراقب الموضوعي في هذه المرحلة من عمر ثورة 25 يناير المصرية، إلا أن يثمن خطوة تقديم بعض مؤسسات المجتمع المدني الممولة من الولايات المتحدة - والتي غزت مصر بعد الثورة تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الإنسان - إلى القضاء كونها تضع حداً للمؤامرة الأميركية،على الثورة المصرية وعلى مصر الدولة والدور المناط بها في المرحلة القادمة.
فهذه المنظمات التي تنتسب زوراً وبهتاناً إلى المجتمع المدني باشرت عملها منذ سقوط رأس النظام وبعض أزلامه في 11 فبراير-شباط من العام الماضي، بدون ترخيص رسمي أو قانوني عبر التدخل المباشر في الشأن المصري الداخلي، بالمال وبالتفتيت الطائفي وبالمؤامرات، بالتنسيق والتساوق مع وكر التآمر ممثلاً بالسفارة الأميركية.
وهي تعمل على ما هو أخطر من ضرب النسيج الاجتماعي المصري وضرب البنى الاجتماعية والثقافية، وتتعدى ذلك باتجاه رسم المخططات لتقسيم مصر ، حيث كشفت التحقيقات عن العثور على وثيقة لدى إحدى هذه المنظمات، تتحدث بالتفصيل عن خطة لتقسيم مصر إلى أربع دويلات، وعن الآليات المطلوب توفيرها لتحقيق هذا الهدف وفي سياق هذه الخطة جرى تحديد ورصد دقيق لمواقع الثكنات العسكرية، والكنائس وغيرها.
وهذه الخطة تشكل ترجمةً لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي جرت فرملته بفعل المقاومة العراقية، وبفعل المقاومة اللبنانية بعد انتصارها الناصع البياض على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006، ذلك المشروع الذي تحدث عن تقسيم العراق، والعديد من دول المنطقة لكنه اعتبر مصر الجائزة الكبرى، عبر تفتيتها نظراً للدور التاريخي المناط بها في خدمة الأمة وقيادتها، ذلك الدور الذي تم ضربه بعد انقلاب 15 مايو- أيار 1971 ، وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1977.
ومن يتتبع الحركة اليومية للدبلوماسية الأميركية في القاهرة ولقاءاتها مع الحكومة والمجلس العسكري وقيادات الأحزاب يكتشف حجم التدخل الأميركي في الشأن الداخلي المصري، بهدف التأثير على السياسة الداخلية والخارجية لمصر، بما لا يؤثر على مصالح الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، حيث كان سؤال الموقف من كامب ديفيد هو الشغل الشاغل للسفيرة الاميركية، ولزوار القاهرة من الأميركان.
باختصار شديد فإن الإدارة الأميركية تعمل على احتواء الثورة المصرية من خلال الضغوط التي تمارسها على مصر سياسياً واقتصادياً هذا( أولاً) (وثانياً) ومن خلال دعمها المادي والسياسي للقوى الاجتماعية المرتبطة مصلحياً بالولايات المتحدة، (وثالثاً) من خلال دعمها لقوى الثورة المضادة من أزلام النظام البائد الذين لا يزالون على رأس عملهم، في مختلف أجهزة الأمن والإعلام والقضاء
(ورابعاً) من خلال الغطاء السياسي والمادي الذي توفره لمنظمات" الأنجي أوز" غير الشرعية التي زرعتها في مصر دون استئذان من الحكومة المصرية، وبدون ترخيص قانوني منها، على أمل أن تعيد مصر للحظيرة الأميركية، على النحو السابق كأداة لتسويق مشاريعها ومصالحها في المنطقة.
وجاءت شهادة وزيرة التعاون الدولي المصرية الدكتورة فايزة أبو النجا في قضية التحقيق الخاصة بمنظمات التمويل الأجنبي لتكشف حقيقة الدور القذر لهذه المنظمات وللإدارة الأميركية، حيث اتهمت الولايات المتحدة بأنها عملت على احتواء الثورة المصرية وتوجيهها لخدمة مصالحها ومصالح( اسرائيل)، لأن هذه الثورة فاجأت الإدارة الأميركية، وخرجت عن سيطرتها، وتحولت إلى ثورة لعموم الشعب المصري.
لقد هال الإدارة الأميركية وأفزعها إقدام الحكومة المصرية تقديم هذه المنظمات للعدالة، وباتت تمارس ضغوطاً سياسية ومالية متصلة على الحكومة المصرية والمجلس العسكري، لوقف هذه المحاكمات وإقفال التحقيقات بشأنها، حيث صدرت تهديدات علنية من لجان في الكونجرس الأميركي، وأخرى مواربة من الإدارة الأميركية بوقف المساعدات العسكرية لمصر، والتي تقدر بمليار و 200 مليون دولار.
وحسناً أن الحكومة المصرية- رغم الملاحظات الكثيرة عليها- لم ترضخ حتى اللحظة لمثل هذه التهديدات، وتواصل إخضاع هذه المنظمات للعدالة، والمطلوب من القوى السياسية الوطنية وائتلافات الثورة، أن تستثمر الأزمة القائمة باتجاه رد الصاع صاعين للإدارة الأميركية، عبر الضغط على الحكومة لإعلان الاستغناء عن المساعدات الأميركية المشروطة والتافهة،التي رهنت القرار المصري ووضعته منذ معاهدة كامب ديفيد في جيب البيت الأبيض.
ومطلوب من البرلمان المصري المنتخب أن يدفع بهذا الاتجاه، لا أن يصر على ضرورة استمرار هذه المساعدات، تحت مبرر أن هذه المساعدات هي جزء من معاهدة كامب ديفيد، كما صدر عنه من تصريحات مؤخراً!!
صحيح أن الأوضاع الاقتصادية في مصر ليست مستقرة جراء التركة الثقيلة والبائسة التي تركها نظام مبارك الفاسد والمستبد، لكن مقتضيات تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والاستقلال الاقتصادي والتخلص من التبعية تستدعي الصبر والتضحية، خاصةً وان إمكانات مصر الاقتصادية كبيرةً جدا إذا ما جرى توظيفها في خدمة الشعب ومشاريع التنمية بعد أن كانت توظف في خدمة الديكتاتور وعائلته وأزلامه، وفي خدمة تحالف السلطة مع رجال الأعمال الفاسدين.
وفروقات سعر الغاز وحده إذا ما تم قطعه عن الكيان الصهيوني - والذي يباع له بسعر التكلفة تقريباً - وإذا ما تم بيعه لدول أخرى بالسعر العالمي يدر على مصر دخلاً، يفوق بكثير المساعدات الأميركية المذلة، يضاف لذلك أن مصر تمتلك ثروات معدنية وزراعية هائلة، ولديها السد العالي الذي يوفر لمصر الطاقة اللازمة للمصانع والإمكانية المستمرة لاستصلاح الأراضي، وفي الذاكرة أن هذا السد العظيم مكن مصر من استصلاح وزراعة مليون وسبعمائة ألف فدان في حقبة الستينات من القرن الماضي.
يضاف إلى ذلك أن لدى مصر قناة السويس والدخل السنوي الكبير الناجم عنها، ولديها مشاريع صناعية منتجة وفاعلة كانت تابعة للقطاع العام وتمت خصخصتها في إطار سياسات الفساد والتبعية تنفيذاً لتعليمات صندوق النقد الدولي، يمكن تفعيلها بعد أن أعيدت للقطاع العام بقرار قضائي، لكن المجلس العسكري لم يسمح لها حتى اللحظة بمزاولة عملها... وعند مصر الكثير الكثير الذي يمكنها من رفض المساعدات الأميركية المشروطة وغيرها، والمسألة تحتاج فقط لقرار سياسي يليق بالثورة ويستجيب لأهدافها ومتطلباتها.
[email protected]
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم