الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرد مابين العائلة وتعددية المجتمع المعاصر

صباح محمد أمين

2012 / 2 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر



العائلة مصنع الأنسان الأول فلذا يخضع لمواصفات ذلك المصنع متلقيا كل الصفات المفروضة حيث تقوم العائلة بسبك ذات الطفل قبل أن يبدأ وعيه بهذا الذات أبتدآ من الأم التي تغذي حاجاته الغريزية فيتفاعل معها ومع سائر أفراد العائلة تفاعلا لا واعيا ويرى من خلالهم علاقات أجتماعية توقظ وعيه تدريجيا بالذات وبالغير وبالتبعية والطلب والحب والغضب وتغرس في كيانه الرخص عادات تسير فيما بعد كل فعالياته ويصبح الطفل نتاج تلك العائلة وتظل آثار تفاعله المبكر مع عائلته تلاحقه كل حياته وتتجذر في سياق شخصية الطفل النامية ، من تلقين قيمها وتفضي اليه ماهو حسن وقبيح ، وما هو مشرف ومعيب ، وتطول بعد ذلك عملية التلقين والتدريب وتتشعب ، فتضع قواعد للخروج من المنزل والرجوع اليه ، وللأستيقاظ والنوم ، وللدرس واللعب ، والتفكير والتصرف وللرجاء والخوف ، كل هذه السلوكية التربوية نستطيع ان نتلمسها في مجتمعنا العراقي بالذات رغم مخاوفنا من تصدع مجتمعنا نتيجة الحروب والقادة السلطويين التي ادارت الدولة وبزوغ افكار تنويرية بحد ذاتها ظلامية الوقع ،أضافة الى أن الطفل في مجتمعنا لايعرف عالما غير ذاك العالم الأنفصالي ولا قيما غير القيم الملقنة ضمن قواعده ودستوره العائلي ويستمتع فيه بما يغمره به ذوويه من عاطفة وينحني لما يفرضون عليه من سلطة ، لأن عصيانه يعتبر مراوغة وتحديه لها تمرد ، أما السلطات الأخرى والعائلات الأخرى في المجتمع فهي قائمة في عالم غريب عنها فهو لايعرفها ولا يستطيع قبولها أو الأستنجاد بها ، وبذلك ينغلق الطفل في سلطة مطلقة تكبح جماح نفسه العفوي كبحا نهائيا لا مفر منه قلما تتيح للطفل أن يسود أو يفرض أرادته سوى بالدموع أو بغيره من الحيل، فلكل فرد شخصية قائمة بذاتها (( ولقلبه مرارة يعرفها ))والأولى أن لا يتعرض الشخص لذاته ولخلجاته ، فليست حياة الفرد كحياة الحيوانات الأجتماعية ، كالنحل التي تحيا على مستوى الغريزة المحتوية أحتوائا كاملا والمكبلة أهوائها ولا تترك مجالا للأنطلاق ولا لنزعاتها سبيلا لأنعتاق ، وتقيم لها بنية على أساس الغريزة ، هذه البنية تختلف كل الأختلاف عن بنية المجتمع الأنساني الذي لايطلب من تكييف متواصل بين مصلحة (الأنا )ومصلحة الجماعة ، فالعلاقات الأجتماعية تنشد طريقا للتوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة (الكل) والسعي في سبيل هذا التوفيق قاعدة أولية من وجود بنية المجتمع المتحضر المعقدة تعقيدا رائعا ، وهو مقوم أولي لوجود شخصية الأنسان ، فالتنظيم الأجتماعي وخروج الأنسان من الأحادية العائلية والفردية يتطلب الأذابة في الفئات المتعددة دون أن تظل مقيدة بالفئة أو العائلة التي ولد فيها وهذه القابلية بالذوبان والتعايش مع الفئات الأخرى هي التي تمكن الأنسان في المجتمع المتقدم من الأنتساب الحضاري (أسرته ، مهنته ، كنسيته، حوزته ، جامعته ، وحتى دولته )وعدد لا يحصى من الجمعيات والهيئات التي أنشئت لخدمة مصالح الأنسان الحديث ، فنحن اذا فهمنا المجتمع فهما صحيحا نقر بأنه ليس هناك فئة واحدة ولا شكل واحد من التنظيم يمكن أن يستوعب حياة الأنسان الأجتماعية بكاملها أو أن يستجيب لحاجات الأنسان كما يستجيب الى التجمعات المتعددة ، فالأنسان محيط حياته بدائرة تشمل جميع الذين يرتبط معهم بعلاقات خاصة .
فنحن منذ أن ولدنا وأنتجنا من قبل عوائلنا الشرقية نسمع حكمة :بأن الأوربيين والغرب حكيمتان في التربية والأنتاج العائلي ، نستطيع أن نستدل من ذلك أن نظام تربيتنا الشرقية هو نظام عرفته العائلة في كل المجتمعات البدائية ، وان أختلف شكل السلطة في العائلة الأموية عنه في العائلة الأبوية ، حيث أن سلطان العائلة على الطفل أول الأمر سلطانا مطلقا يرزح الفرد تحت وطأة هذا السلطان فترة تطول أوتقصر بين ثقافة وأخرى ومجتمع وآخر فيهبط عليه علم ماهو صواب وما هو خطأ من أعلى وتنزل عليه أوامر والنواهي من فوق كما نزل الوحي بالقانون على موسى ويهدي بهذه الطريقة لصراط الأشياء الأزلي ، ويصب في قالب الجماعة وديانتها ، فلا يرى قانون غير قانونها ، فبذلك يستحيل عليه من أكتشاف ذاته وسبر أغواره وأختيار قناعاته ، جاعلين منه شخصا بالفطرة هما أفكاره ووجوده
لعل هذه الوقائع والحقائق تظهر لنا وجوبية التربية التعددية التي تسمح بها الحضارة المعاصرة بأن لا تتدخل بأرادة الأنسان وتحد من أستعمال تدابير القمع القاسية ضد أفراد الأسر المتيقضة بأفكار العالم المعاصر وأن يتعافى من الأزدواجية العيش في السلوك والنفس المتغذية بالضغينة وشعورهم الملئ بالأضطهاد لتفاوت الواقع الأجتماعي
ويمكن معالجة هذا التناقض التربوي والأجتماعي في أن يندفع الناس للأنضمام في المنظمات التربوية والعلمية والثقافية ، فمجتمعنا بحاجة ملحة الى تلك التنظيمات التي تغذي الآمال وتعطي الشعور بالقدرة على تجاوز الممنوعات فيتعلمون أن يتآلفو مع بعضهم البعض فيعمل كل منهم في سبيل الآخر ،حيث أن التنظيم يدفع الى زيادة قدرات الشخص الأبداعية ، أضافة الى غسل الأدران والأحقاد المتوارثة لدى الكثير من أفراد مجتمعنا نتيجة تكبد العوائل بالمحن والأزمات التي آلت اليها من الحروب المفتعلة من الحكومات المتعاقبة ،
فتربية الأفراد من خلال أنضمامهم لتلك المنظمات بأسلوب التعددي يستقيم وجوده بالتوازن والتكييف المتبادل بين مختلف عناصره وتشمل هذه التبادلات المصالح الثقافية كتقديم المعرفة وأكتشافات الفن والفكر والأدب ونهج الدين بشكل صحيح ، ويخرج الفرد من فرض أفكاره المحدودة المفروضة من قبل العائلة لأن التعلق بتلك الفرضيات أشبه شئ بالحنين الى الماضي من خلال محاولة البعض أستعادة المورث الخاطئ في بعض الأحيان بطرق تفرض النظام القديم محل النظام المعاصر فبذلك يحيون أسطورة المجتمع الوحداني البدائي ويحجمون بنزعتهم أستئصال الخاطئ واقعين مجرى الحضارة الى االوراء ، فينبغي بناء قصورا ذات أجنحة متعددة للأنفسنا وللأفراد مجتمعنا لخروج من الوحدانية والأنعزال والوهية القديم نحو عالم معاصر حديث بكل اتجاهاته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ