الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطاين

أحمد مسّلم

2012 / 2 / 15
الادب والفن


يتباهى الوقت على الكائنات الفانية بقدرته الفائقة على الفوز في كل السباقات، فساقاه قويتان، وقدرته على الركض تفوق قدرة أي كائن، يهزمنا في السباق ومن أول دقيقة في عمر الفتى منا، وعندما نكبر قليلاً وينمو حسنا وندرك أهميته نلعب معه، نلون
وجوهنا، نغير قصة الشعر، نصبغ أطراف خصلات شعرنا الذابلة، ندعي التفوق، لكن وفي الحقيقة يهزمنا هذا الشيء في كل مرة.


أكتب هذا الصباح في الذكرى العاشرة لتعرفي على يوم العشاق الموافق لليوم الخامس والأربعين من كل سنة، لأني وبصراحة لم أتعرف عليه إلا هاهنا في فلسطين، فلم يكن هذا الشي من تفاصيل حياتنا في مخيم الوحدات ولو حتى على الهامش .
مذ كنت رضيعاً أدركت الحب، وشعرت به، مارسته، وخضت غمار التجربة، كانت تجربتي الأولى بالحب مع أمي التي ما لبثت أن انتهت سريعاً ليحل محلها عشقي لجدتي فخالتي فأمي ثانيةً ففتاة المدرسة المجاورة فصبية المكتبة ثم كل فتاة على وجه البسيطة، حتى وصلت أخيراً الى مبتغاي وغايتي ومنية الروح، ذلك الحب الذي لا يقارن بحب، منبع كل عاطفة على الوجود، السمير في الاندفاع والجنون، الحليم الحنون المباغت بالابتسام، ذاك الحبيب الذي لو تركته للحقني ولو أبكاني فلن تمر الدقيقة الخامسة حتى يغمرني بكل الحب بشمسه أو بعبير زهوره أو بضياء قمره أو رائحة ترابه اللذيذة، ذلك المعشوق الذي يتجلى في كل شيء، ليتحدى كل معجز أو خالد أو اسطورة أو حتى حكاية من حكايا جدتي الحبية –فطوم- وطني العزيز .


من عادة العشاق يا مهيب أن يكتبوا أو يرسموا أو يحفروا بالصخر أو حتى الخشب أسماء حبيباتهم، ولن أبالغ لأقول أني قد نقشت أسم فلسطين على ظهر قلبي لأن ذلك ببساطة محض كلام تافه يخلو من الواقعية،لكني يا رفيق قد نقشت أسماء الكثير من النساء النساء على ظهر قلبي، فاسم الأنثى الأنثى هو أسمى تجسيد لصورة الله والوطن والذات .
كم أمقت المقدمات والكلام الذي أكتبه أحياناً ولا أعرف معناه ولا من يقرأه يعرف ونرى سوياً خمسة عشر تعليقاً عليه تبدأ بكلمات
على وزن "جميل" أو "بديع" لندخل بالموضوع مباشرة .


سجلت منذ الأمس الكثير من المشاهدات والملاحظات على موقع التواصل الإجتماعي " فيس بوك " والتي تدور حول محور واحد هو " عيد العشاق" وكلمة واحدة هي " حب" فرأيت الكثير من الأصدقاء وقد هام بهم الوجد عشقاً بالوطن، فصاروا الى كتابة جمل أو اغان فحواها ان الحب فقط للوطن " ولا أحب ولا أعشق سواك يا غالي " "عيد العشاق لن يكون الا ذكرى تذكرني بأخي الشهيد او بكرمنا المصادر" و " أجدد في عيد العشاق محبتي وولائي للأسرى البواسل في سجون الظالمين – السلطة والإحتلال- الخ .. ومنهم من أتخذ منحى أخر في التعامل مع الموضوع بكتابة ما يلي " انا مسلم وعيد العشاق، عيد نصراني " أو من قال " لا عيد لمسلم سوى الأضحى والفطر " الخ .. ومنهم من أدعى عدم وجود الحب، أو قال أنها أسطورة .
ومنهم من كان أذكى الجميع وتجاهل الموضوع من أساسه، أو قام بحملة ضد يوم العشاق تحت الكثير من الشعارات التي وإن قللت
بالأساس من أهمية اليوم فكذلك قللت من أهمية الحب .


لهم كل الحق/ كل الحق في كل ذلك ..
لكن ..
ومع أني لم أحتفل هذا العام بيوم العشاق – وعلى عادتي كل عام – لا لسبب مما ذكر سالفاً، لكن لمصادفة حمقاء بأني لم يمر بي يوم عشاق وانا في حالة استقرار عاطفي،فلم أكن يوماً محظوظاً في علاقة عاطفية لتتكلل بسهرة ظريفة ليلة اليوم الرابع والأربعين
من كل عام .


أصدقائي أدرك أن نسبة جيدة منا ليس عنده حبيب قريب، يلبي دعوة العاشق فوراً اذا دعاه، لكن هذا لا يلغي ولا ينفي وجود الحب، كقيمة انسانية سامية، ولا يقلل أيضاً من معنى الحب ولا كينونته، فالحب موجود ان لم يكن بصورته الناسوتية فبإحد تجسيداته في الذات والأنا والإله والجسد الآخر .
وأدرك ايضاً اننا نعيش في مجتمع تحكمه افكار باليه وأحكام ظالمة وأناس جائرون يقبع تحت احتلال قذر، وأن الأولوية في فلسطين هي لحب الوطن وحب الشقيق الأسير والشقيقة المعوقة والأب الشهيد والرغيف البعيد، لكن وبرغم كل هذا الحصار والدم والدموع هناك دائماً متسع لحبيب في القلب، فعشق الوطن هو أساس كل عشق، ومن يعشق موطنه سيمارس الحب بكل الروعة والانسياب والتاسق، سيكون الصبح أجمل لو قالت أو قال لنا حبيب صباح الخير، عندها فقط نستطيع القتال والبقاء ليوم آخر على
ذمة هذه الحياة المجحفة.

صديقي أكتب هذه الكلمات وأنا أتمنى لكل الكائنات على الأرض أن تحيا سعيدة مع حبيب وشريك يمنح كل ثانية في حياتك معنىً وعبقاً جديداً مختلف، وتذكر اي رفيقي أن الحب علاقة سامية خالصة خاصة لايهم فيها كمية المظاهر أو الادعاء بل المهم هو ذلك الرابط الروحي الذي يجمع بين المحبين، لكن وبما أن الدين يحمل نفس التعريف، فكن أي صديقي على يقين بأن لكل دين يوم يتظاهر ويظهر فيه المتدينون حبهم ودينهم وقدر علاقتهم بمعشوقهم مهما كان اسمه .



بكل الحب .. كن بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء