الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب -الجاد جداً- .. جلال عامر

سعد هجرس

2012 / 2 / 15
الادب والفن


"اشتمنى بأمى ولا تقل عنى كاتباً ساخراً".. هذه العبارة اللامعة ليست من عندياتنا وإنما هى واحدة من فيض التجليات العبقرية والأقوال الحكيمة للكاتب الكبير جلال عامر.
وعلى الأرجح أن وراء هذا الطلب صورة نمطية شائعة عن الكاتب الذى يستخدم أسلوبه فى الكتابة بأنه "ابن نكتة" أو شخص ينتمى إلى تلك القبيلة التى تحمل لقب "الظرفاء" وتتفنن فى الركض وراء غواية "الإفيهات" و"المقالب" .. وغير ذلك من لزوميات "الفرفشة" و"جلسات الأنس".
وعلى الأرجح أيضا أن وراءها – أكثر من ذلك – رفض لتقسيم الكتابة إلى "ساخرة" وكتابة "جادة". فالكتابة هى الكتابة، وهى فى كل الأحوال جادة، بل بالغة الجدية وكل كلمة فيها تحتضن "المسئولية" كـ "أمانة" و"رسالة". والكلمات التى لا تتوافر فيها هذه الشروط لا تستحق وضعها فى خانة "الكتابة" وإنما هى مجرد "ثرثرة" أو "تسلية" أو كلام فارغ أو ما يطلق عليه إخواننا السودانيين اسم "كلام ساكت".
وكل كلمة صاغها قلم جلال عامر تنتمى إلى ذلك الشىء الرائع والجميل الذى يستحق لقب "الكتابة"، بما تعنيه من إبداع وصدق وشجاعة ونزاهة ومعاناة سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون.
وهذا – باختصار – هو سر وصول جلال عامر إلى قلوب الغالبية الساحقة، والمسحوقة، من المصريين، خاصة وأن موقفه من الكتابة هو نفس موقفه من الحياة عموماً، سواء فى السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو الثقافة، فهو شخص لا يعانى من ازدواج الشخصية- مثل كثيرين يعيشون ازدواجية مذهلة بين القول والفعل.
ومظاهرة الحزن التى اجتاحت مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب حداداً على هذا الكاتب والإنسان الاستثنائى، إنما هى مجرد مؤشر على الحب الذى يكنه المصريون له. وهذه أكبر جائزة لجلال عامر ولكل الكتاب المحترمين.
صحيح أنها جائزة تأخرت كثيراً.. فهذا الرجل الذى يشبه النحلة التى لا تكف عن التنقل بين الورود والأزهار لاستخلاص رحيقها من أجل أن تقدمه لنا عسلاً مصفى.. يكتب منذ ربع قرن.. لكنه لم ينعم بالانتشار الواسع إلا منذ سنوات معدودات، فقد بدأ الكتابة – كما هو معروف – فى جريدة "التجمع" وهى جريدة مظلومة ومحدودة الإمكانيات ومحدود التوزيع، وكان المسئولون عن إصدارها يبذلون تسعة أعشار جهدهم فى محاولة مستحيلة لاستمرارها على قيد الحياة.
وكم من مرة اتصل بى النائب البرلمانى المناضل أبو العز الحريرى لمحاولة البحث عن مخرج يؤجل تحرير شهادة وفاة هذه الجريدة الشجاعة التى كانت غالبا تقف على يسار حزب التجمع.
وكان رأيي ان الكتابات المدهشة لهذا الكاتب الذى لم نسمع به من قبل، جلال عامر، كفيلة وحدها بإنقاذ الجريدة التى كانت النافذة الوحيدة التى يطل علينا منها فى ذلك الحين.
لكن الجريدة توقفت للأسف الشديد، ولم يتوقف قلم جلال عامر المثابر والعنيد والذى يحمل فى قلبه كل هموم المصريين وهموم البشرية جمعاء.
ومرت السنين دون أن ألتقى به.. إلى ان اندلعت شرارة ثورة 25 يناير .. وقام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدعوة عدد من القيادات الصحفية.
فى هذا اللقاء تقابلت مع جلال عامر وجها لوجه للمرة الأولى والأخيرة، ولأننى أعرف أنه ضابط سابق فى القوات المسلحة، شارك فى حرب أكتوبر وتحرير "القنطرة شرق" ضمن أبطال الفرقة 18 بقيادة فؤاد عزيز غالى، فقد خشيت أن انتماءه للمؤسسة العسكرية يمكن أن يؤثر على موضوعيته فى الحوار مع المجلس العسكرى.
لكن ما إن تم إعطاء الكلمة لأحد القيادات الصحفية "المزمنة" المقربة لسنوات من حسنى مبارك ونظامه حتى وجدنا جلال عامر يسبقنا جميعا فى المقاطعة وتسجيل احتجاجه على دعوة "الفلول" قائلا أنه كان يتوقع أن يكون الاجتماع حصرياً للكتاب والصحفيين المؤيدين للثورة والداعيين لها والحريصين عليها.. وقال كلمته بغضب .. وانصرف .. هكذا بكل بساطة وصدق.
***
شخص له كل هذه السجايا أقوى من الموت.
ولعل أفضل من عبر عن ذلك هو الموسيقار عمر خيرت بقوله "جلال لم يمت.. بل ذهب ليطمئن على الشهداء بعد أن نسيناهم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشتمنى بأمى ولا تقل عنى هزأة
جلال عامر ( 2012 / 2 / 15 - 16:53 )
وَإِنْ بُليتُ بودٍّ مثلِ ودّكِمُ
فإنني بفراقٍ مثله قَمِنُ
هذا اليوم كتبت رسمية محيبس
(لم تعد تثيرني لعبة الكلمات
ما دامت تولد من أرحام ملوثة)
هذا التلوث لن يلد شعراء بل يقتلهم
أشعر بلوعة الكبير سعدي يوسف حين انتقدته
لقد كتب أنه يتألم لأنه لايستطيع الرد عليّ
بسبب اسمه الكبير و عمره
هذا الألم نفسه يملأ فمي
أفهم مقولة الكبير خزعل الماجدي
بأنه لايثق بأية صحيفة عراقية ولن يكتب في أيٍّ منها.أفيون يتحول فيه المشاكس إلى قاتل مأجور
الهواء ملوّث، ملوّث، صدقتْ رسمية محيبس
حروب طائفية وكوارث قادمة
سآوي إلى جبلٍ يعصمني من الماء
لقد سمحوا لي بتعنيف وإيذاء الشاعرة سوسن السوداني الطيبة
هؤلاء أكذوبة تعيش على الكذب
وصمة عار في جبين الثقافة العراقية
ثقافة عملاء ومرتزقة وعار
هذا هو موقع (المثقف) بكل أسف
لايوجد موقع أو صحيفة نزيهة في زمن الإحتلال مستحيل
المشكلة أننا نخون وننافق ونكذب مجاناً بلامقابل ونهدر وقتنا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295054


2 - المبدع (الموءود!) يدمر موقعا افتراضيا!
حيضر ماجد الغبرا ( 2012 / 2 / 15 - 17:52 )
كان ماجن غير الإحترافي أحد موالي مدينة قم الإيرانية، نقل خدماته إلى سدني سيدا يسدد فاتورة آبق النقلة النوعية المزجاة التي حولته إلى ولي (عنتر نت!) افتراضي أدمنه ليضيع بالأوهام عمره، وبدا ماجن بوجه أمرد متمردا، وبدأ يعوض باقتباس نصوصا إسلامية عن تسامح علي بن أبي طالب وعفا الله عما سلف عبدالكريم قاسم، مع - عدم القياس- بين صدق الرجال ومصنوع الأشباه، ثم طفق يجمع هاته النصوص ويهمش عليها بجهده اليدوي الغث غير المشكور، ظنا منه -وظنه إثم- تحوله الإفتراضي بقوة عنتر نت ليجعل المبدع موءودا، بيد أن زلة لسان المريب تراءى خللها ضد ذلك؛ بتدمير المبدع للهزأة الإفتراضي!.


3 - هزأة أكبر (كبير العمر) ولا أدب!
حسن مثنى الحساني ( 2012 / 2 / 15 - 18:33 )
كتيب طيب تقبل أن يستعمله ولي أمره المخدوم ترفعا عن الخوض عاريا، لتسفيه (المشاكس) الطيب مباشرة على ذات درب الطيبة المفروش بمطبات يوم آت للكتيب ذاته؛ فيشرب ذات الكأس (بروتس - ابتسم!) رغم ذكره نقد البصري الطيب لموقعه الإلكتروني السابق وفق حق محترم لدى المحترمين للمهنية ولا يمتهنون مهنة - محنة.
الطيب أواه لوام يتراجع بفضيلة أصيلة بتوصيفه الشاعرة سوسن السوداني بالطيبة والشاعر سعدي يوسف بالكبير المترفع عن الرد عليه خلافا لمن وصفه الكتيب بالكبير المتفهم! بعد تراجع البصري الطيب مجاملة لإرضاء (الكبير!) المقتدر باهتباله سانحة النشر فحسب! ومن تجد ذا عفة؛ فلعلة لا يظلم ببهتان بائن.
الخادم كرر من قبل بأن أمر النشر والحجب كله بيد المخدوم كي تباس تبت!.

تنويه أسفل المقال النافل ينم عن جبن: عدم حق الرد بالتعليق، وحتى صدام سمح بالكتابة على جدران الجامعات العراقية قبل العراق الجديد!. كذا!!!.

اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع