الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجسد في السياسة في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح

حميد المصباحي

2012 / 2 / 15
الادب والفن


الجسد والسياسة في رواية عندما يبكي الرجال,لوفاء مليح
صدرت للكاتبة رواية عندما يبكي الرجال,بعد مجموعتها القصصية اعترافات رجل وقح,وتشابه لفظ الرجل,تختلف دلالته في الرواية عن القصة,ذلك أن رجل القصص القصيرة,كان يستمد سلطته من المجتمع التقليدي بحكم ذكوريته,داخل الأسرة,المصنع وحتى في معارض الفن ورسائل العشق والشعر أيضا,وهو في كل القصص كان رجلا,ذكرا إلا في قصة واحدة,أما في رواية عندما يبكي الرجال,فقد تم التكتم على هذا العجز ليتخذ أبعادا سياسية عبرت عنها بصيغ تعبيرية زادتها جمالية دون أن تفقد عمقها الفكري,فكيف عبرت الروائية عن هذه الأبعاد وماهي غايتها من ذلك؟؟
العشق والسياسة
اختارت الروائية أحمد البوكيلي كفاعل سياسي مستاء من اختيارات حزبه,ويسعى رفقة رفاقه إلى تأسيس بديل سياسي استهله بجمعية بعد أن أنهكه الحزب وصراعاته,وأنساه ذلك حقه في الحب والزواج لتأسيس أسرة,كما تفترض الحياة الطبيعية لكل البشر,لكنه كان يهرب من ذلك دون التصريح بأسباب عزوفه,إذ قال له رفيقه قاسم,

الزواج الزواج يا أحمد هو الذي سيفك مشكلتك فأجاب لكني لست رجل بيت,أخاف أن أظلم المرأة التي سوف تكون شريكة حياتي
لكن سالم بدا غير مقتنع ففاجأه بالسؤال,هل أنت متؤكد؟؟
اضطراب أحمد دليل عجز عن التصريح بالحقيقة,وقد كذب ليظهر أنه خائف من ظلمه لامرأة لن يكون لها زوجا حقيقيا,إذ في نظره,لايقبل المدافعون عن العدالة ظلم الآخرين,وقد توالى وهمه وهروبه حتى مع فاتن المعطلة التي أحبته وائتمنها على مذكراته.
ورد في الصفحة 44 أعرف أن بك صديقات غيري,لذلك توزع وقتك بين لقاءاتهن,في تلك اللحظة,هربت,هربت من كل الكلمات,غرقت في صمتي ثم قلت لها,
ما رأيك في فكرة تأسيس الجمعية؟؟
يهرب إلى السياسة من العشق,وبها أيضا يهرب من الزواج ليظل عادلا,لكن ألم تكن السياسة وسيلة للتعرف على النساء؟؟واللهو معهن عشقا حقيقيا أو نزوة عابرة,عمدت إليها الأحزاب المتحررة لخلق قاعدة لوجودها المحتاج للشباب الباحث عن هوية يدعم بها تميزه الفكري والجسدي؟
حدث ذلك,لكن السياسة يتمثلها المناضل كعطاء وتضحية تصل حد الزهد حتى إن اضطر إلى الكذب,وربما هذا التعالي عن الجسد يتطور إلى عجز فيما بعد,وكأن مصير الساسة في نظر الروائية ثلاث اختيارات,
1 القبول بحق الوجود الشخصي,نموذج قاسم فاطمة
2 الإستجابة الكلية للجسد عشقا وجنسا مشروعين لكل البشر,قادة وأتباعا
3التعالي عن الجسد حد العجز عن العشق والحب
العجز والسياسة
عندما اعترف أحمد البوكيلي بعجزه,انهار تماما,فالحياة جديرة بأن تحيى رغم كل الخيبات,قال في الصفحة 153
أشياء بداخلي تتكسر,وذاكرتي أصيبت بالشلل,حالة اكتئاب أدخلتنب في دوامة مشاعر رهيبة,ضعف كبل طاقاتي,كرهت فيها نفسي,كرهت الحياة,كرهت العالم,كرهت المحيطين بي.
هنا يطرح السؤال,كيف يدافع ميت عن الأحياء,هذه هي الحكاية,لكن أخطر المفارقات,هو لجوء النخبة المثقفة,التي تنتصر للعلم إلى التخريف لتعالج ذواتها وأجسادها المنخورة بأعشاب المشعوذين؟
إنها صرخة, ضد من عجز عن إرضاء نفسه,كيف يرضي غيره؟؟
كيف يطالب بالصراحة ويبحث عن الحقيقة من يكذب على نفسه وغيره,كيف يدعو إلى العلم من يستغيث بالخرافة؟
كيف نصدق الداعي للحرية وهو عبد لأكثر القيم الإجتماعية قدما وتخلفا؟؟؟
فرواية عندما يبكي الرجال,إزاحة لثاب أدبية عن مفارقات تعاش باطمئنان إلى أن تحولت إلى عادات تكيف معها المثقف والسياسي وصارت واقعية تنتج أنصاف الحلول,التي تفرض الهروب لحكمة يركبها الجبناء حاملين أعلام البطولة ومبشرين بانتصارات شبيهة بالهزائم,فأنى لمنتصر يهزم عشقه أن ينتصر لمهزومين ومقهورين؟؟؟
تبدو هذه الأسئلة كمحاكمات قاسية متعارضة مع سياق الرواية,خصوصا الصفحات الأولى إلى حدود الصفحة23 حيث تسلمت الساردة مذكرات أحمد البوكيلي,وما يمثله من ذكرى تزخر بالعشق الصادق لهذا المناضل الذي نبذه الحزب ظلما ليضاعف شعوره باليتم,لكن الساردة بجلت صمته,وبررت هربه من العشق لها والزواج منها بهوة الزمن والعمر الفاصل بينهما,وقد اقتنعت شعريا بذلك وإن لم تقبل به مذكرة بأن خدمة الوطن وعشقه لا تتعارض مع حب الذات وإسعادها بما يحققه الحب من إشراق للروح عندما تعترف برغبات الجسد ولا تلغيه,وهنا احتمالين,فغما أن الروائية تعمدت التماهي الصوتي مع الساردة أو أن المذكرات هي صاحبتها نسبتها إلى رجل أرادت إنصافه لأنه انتحر دون أن ينتبه له أحد,وهي في الأخير صاحبة هذا الحكم,فخير للرجل العربي الموت ما دام عاجزا عن الدفاع عمن يحب,سواء كانت امرأة أو قيما أو حتى جسدا وميولات.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السياسة مستمدة من الاخلاق ..
اسماء .. ( 2012 / 2 / 17 - 00:43 )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..اتشكرك يااستاذي واتمنى ان تقبل مني تعبيري البسيط والمتواضع..
اولا اتفق مع كون ان السياسة قد كانت سببا في انه احس بالمسؤلية ..خاصة في بيته مع زوجته ..
ثانيا بالنسبة للصراحة والبحث عن الحقيقة تبقى دائما صعبة ولكنها سهلة في الوقت نفسه..في رائي الخاص كلما كان الانسان ضميره يسعى للصراحة والحقيقة سيتملكه الاكتئاب والحزن..لكي في كل لحظة يتخلص من طاقة تعفنت بحقييقة مظلمة ..
كلنا ندرك معنى الصراحة.. لكن تبقى مصطلح شائع بين بعض الناس لاقيمة له الا عند طريق الكلام.. ومعنى الكذب ..معنى الحقيقة والوهم.
وانا اعطي مثال عندما ارتدي نظارة لكي ارى العالم وبالفعل ارى العالم واضحا..وعندما ازيلها سارى الضباب..واتمنى لو عشت في الظلام لكي لااعاني من هذا الضباب ..العالم البشري اعطى اسم السياسة.. لكونها ستزيل كل سوء يضر الناس..ولكن قبل السيااية وبعدها ستبقى الاخلاق لاتقاس لا بالسياسة ولا باي مصطلح اقامه العالم سعيا ان يصلح وينظم بين الناس
اختم كلامي وما الحرية الا اخلاق سئمنا الحياة بلا اخلاق..فاصبحنا نتسارع عطشانين تركنا ماء يبرد العطش وشربنا ماء البحار ..

اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده