الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة في المستقبل السياسي المصري

منار عزالدين

2012 / 2 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


نظرة في المستقبل السياسي المصري

اعداد- منار عزالدين

المقدمة

نحاول من خلال هذه الورقة أن نستشرف مستقبل النظام السياسي المصري وفقا للتجارب التاريخية المماثلة التي مرت علينا من خلال دراستنا للتاريخ القديم والحديث والمعاصر, فضلا عن مجموعة أراء للكتاب والمحللين السياسيين الذين زودونا بمعلومات قد نكون غفلنا عنهاا, أو وجهات نظر كانت تتجول في عقولهم قد لا تجد مقعد لها في أذهاننا, هذا وفضلا عن وسائل الأعلام المختلفة التي كانت لها الدور بمتابعة الثورات ومراقبتها عن كثب وتصوير إحداثها ساعة بساعة, والاهم من ذلك معاصرتنا للوضع المتغير الجديد, بالتالي ارتأينا ان نترجم مادرسناه,ا إلى رؤية قد تكون صائبة أو خاطئة والعلم بالمستقبل ما هو الا تدخل بالشأن الإلهي! ... لكن طبيعة دراستنا حتمت علينا الخوض بهذه التفصيلات لكي نعلم إلى أين نسير نحن بلدان العالم الثالث؟ وكيف سيكون دورنا لبناء مستقبل ماصنعناه؟ يا ترى هل سنقع بفخ ثوراتنا الغير منظمة , هذا وفضلا عن افتقادنا لأيدلوجية محكمة ؟ أم سيكون الحال على عكس هذه الرؤية .؟. مصر هي شقيقتنا وشريكتنا بالسراء والضراء بالتالي ما يصيبها من خير يدر علينا رحمة وما يحل بها من سوء ينعكس علينا سلبا .وهنا سنحدد بعض الشروط الحاكمة لمستقبل النظام السياسي المصري انطلاقا من تجربتنا العراقية السابقة عليها بعشر سنوات , اخذين بعين الاعتبار اختلافات التغير باعتبار إن دولتنا تغير النظام السياسي فيها نتيجة لقوة خارجية مباشرة وبتدخل قوات أمريكية سافرة, وهذا ما ينعكس بالنظام السياسي المصري الذي تغير نتيجة القوة الداخلية المتمثلة بالمجتمع, بالوقت ذاته لا ننكر ادوار القوى الخارجية لكن بطريقة غير مباشرة كما هو الحال في دولتنا .


المحور الاول
الشروط الحاكمة للسيناريوهات المتوقعة
هناك عدة شروط تضبط التصورات المطروحة هي:
** طبيعة النخبة الحاكمة الحالية والقادمة
** طبيعة الوضع الاقتصادي
** الإطار الإقليمي والدولي
** طبيعة النموذج السياسي والاقتصادي المنشود “النظام السياسي“



المحور الثاني

السيناريوهات المطروحة
وفقًا للشروط السابقة هناك أربعة تصورات مطروحة ومتوقعة عن مستقبل مصر بعد الثورة هي:
** السيناريو الامتدادي
** السيناريو الكارثي
** السيناريو الأمل
** السيناريو المختلط
السيناريو الامتدادي
بمعنى استمرار الحالة الانتقالية لتكون دائمة أو شبه دائمة، حالة السجال والصراع القائم بين التيارات السياسية حيث الانشغال بالتراشق الإعلامي والاتهام والتخوين وفقدان الثقة، حالة السباق نحو الشارع بالتظاهرات المليونية والألفية وغيرها حيث يكون الاحتكام للشارع لا للشرعية أو المؤسسية ويكون مقياس التواجد أو الثقل الشعبي أحد مظهرين الأول السطو الإعلامي غير البريء الثاني الحشد الجماهيري غير الآمن، هذا على مستوى التيارات السياسية، أما على مستوى منظومة الحكم بجناحيها العسكري والمدني فهو استمرار حالة الارتباك والاشتباك والتضارب والفجوة القائمة بين نمطي الإدارة العسكرية الذي يعتمد الأسلوب الرأسي في التخطيط وإصدار التعليمات وبين الإدارة المدنية في الحكومة التي تعتمد الأسلوب الأفقي بل والأخطر حالة الفردية والشخصية القائمة التي تناسى فيها أعضاء الحكومة مسئولياتهم الوطنية والقومية والمؤسسية وراح كل وزير يعبر في غالب الأحيان عن رؤيته الشخصية أو الفكرية والحزبية، وعلى مستوى القواعد الشعبية استمرار حالة الفلتان الأمني والتردي المعيشي والخدمي وعلى الخطوط الفاصلة بين كل ما سبق ترابط القوى المضادة للثورة من بقايا فلول النظام وشبكات المصالح والضغوط المحلية والإقليمية والدولية ما يطيل عمر الفترة الانتقالية ويزيد التحديات والتهديدات في آن واحد وبالتالي تعاني مصر الثورة من حالة التآكل الذي تتضاءل فيه المكتسبات وتزداد فيه المخاطر والسلبيات حتى ننتقل للسيناريو التالي والأكثر خطورة
السيناريو الكارثي “فشل الثورة”
وهو ” لا قدر الله فشل الثورة ” باستمرار السيناريو الامتدادي وانشغال القوى الوطنية بنفسها والوصول لمنطقة الخطر حيث المزيد من حالات الفوضى والصدام والفلتان الأمني المتعمد والمصحوب بالترويع والتفزيع الإعلامي غير النبيل فضلاً عن التردي المعيشي الذي قد يترتب عليه ثورة للجياع، بالإضافة للتهديدات الخارجية والمشاغبات المتعمدة على الحدود هنا وهناك لتهيئة المسرح المصري لعدد من الاحتمالات المبررة منها، عودة سيطرة النخبة السابقة ولو بأسماء مختلفة وأشكال مغايرة بدعم دولي أو عسكري أو وجود مبرر لانقلاب عسكري قد يطالب به البعض لمبرر أن حكم العسكر أخف وطأة من مناخ الفوضى المهددة للأرواح والأعراض والممتلكات والأمن القومي المصري، ومع احتمالات هذا السيناريو إلا أن فرصه نادرة بسبب روح الثورة المتوثبة دائماً في نفوس المصريين والتي يمكن استدعائها بسهولة ويسر في المواقف التي تهدد أشواق المصريين في الدولة الديمقراطية الحديثة والمنشودة “راجع مليونية 8 يوليو التي دخل مبارك بموجبها القفص الحديدي وكذا الموقف من الاعتداء الصهيوني على الحدود والجنود المصريين“
السيناريو الأمل”بناء الدول"
وهو الانتقال من الحالة الحالية “الانتقالية” إلى التحول الديمقراطي وبناء الدولة عن طريق التعاطي بقدر كبير ومهارة عالية في إدارة التنوع السياسي والفكري والعقدي القائم ليتحول من السجال أو الصراع المعطل إلى قوة دافعة وآمنة لعجلة الثورة، وذلك بالتوافق المجتمعي حول خارطة المجلس العسكري أو بعض التعديلات المقبولة من الجميع، وبالتالي نقترب وبدرجة كبيرة من حالة الاستقرار الأمني المنشود بالتعاون المشترك بين المؤسسات الأمنية والمقاومة الشعبية المدنية التي جربت وبنجاح خلال فعاليات الثورة، وبالتوازي ننتقل للوضع الاقتصادي الآمن بالتعاون بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني “راجع الزخم الهائل من الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والتعليمية والصحية والتي حققت كماً غير مسبوقاً في تاريخ المصريين من الخدمات المجتمعية الشاملة “
السيناريو المختلط
وهو من الصعوبة بمكان لأنه يجمع العديد من سمات وملامح السيناريوهات السابقة، فهو يحوي العديد من الفرص والتحديات والتهديدات في آن واحد، حيث حالات من التقدم والنجاح يعقبها التعثر والتردي أو التجمد، وهو سيناريو مصحوب بحالة نفسية غير سوية تنتاب عموم الجماهير والنخب، لكنه وارد في ظل أجواء الثورة وما تحققه من نجاحات وما تعانيه من عثرات

المحور الثالث
مشاهد مستقبلية

بعد هذه المشاهد التي طرحناها التي بالضرورة قد تكون ناقصة وغير مستوفية لا أبعاد كثيرة فنحن نعلم أن دراسة أي شئ بشكل من الجدية يحتاج إلى أن نلم بكل ما يتعلق به والأمر هنا مرتبط بدراسة نظام سياسي لدولة متحولة من شكل الى اخر بالتالي الالمام بجميع موثراتها صعب فعوامل كثيرة تقف وراء ذلك منها ماهو داخلي ومنها ماهو خارجي لكن وبشى من الايجاز نستطيع القول ان مستقبل النظام السياسي المصري يفترض بنا أن نختار السؤال الذى يجدر الإجابة عليه من بين سؤالين هامين :
الأول هو ماذا يفعل الشعب المصري حتى تصبح مصر من الدول المتقدمة بحلول عام2040(السيناريو الأفضل) أو ماذا يحدث لو إنهار الاقتصاد المصرى على أثر استمرار عدم الاستقرار (السيناريو الأسوأ) وما بين بهذين السيناريوهين تتعدد السيناريوهات لتصل إلى أكثر من تسع بدائل (أو تصورات) كما يفضل البعض أن يطلق عليها. والأمر ببساطة يتعلق بالشكل الذى ستصتبح عليه مصر بالمستقبل فى ضوء التعرف على مجموعة من الاتجاهات أو المحركات التى تسيطر على طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر هذه المحركات أو الدوافع هى الشباب ودورهم المتزايد فى الحركة السياسية فى مصر، النمو الواضح فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى إتساع نطاق الحرية الفردية والاستقلالية وحرية الأفراد فى الابداع والمبادرة – دور المجتمعات الأهلية والمجتمع المدنى فى بناء المجتمع – حرية التعاملات المالية والاقتصادية لعدم استقرار العلاقات السياسية بدول الجوار الكثافة السكانية – التعليم الاليكتروني – درجة توفر الطاقة بأنواعها (النفط – الفحم – الهواء – الوقود الحيوى) مدى الحرص على نظافة البيئة – التغيرات البيئية بتأثير ثقب الأوزن على الموارد الطبيعية للبلاد . الانتماءات الدينية والأثنية والسياسية وتأثيرها على شكل المجتمع وتكنولوجيا الصحة والرعاية الاجتماعية على تسارع التكنولوجيا واكتشاف أساليب جديدة للسفر والعمل والحياة والسكن والانجاب. كل هذه العوامل وغيرها هى التى ستحكم مستقبل مكانة مصر إن ارادت أن تصبح أحد الدول المتقدمة بحلول2040 إن دراسة هذه العوامل المتباينة المتنوعة المتداخلة يحتاج إلى أن نحدد درجة (أهمية كل منها) ودرجة (تأثير كل منها) على مستقبل مصر. ومدى (احتمالية تحقق) كل التغيير فيها من عدمه حتى نتمكن من تجديد السيناريوهات المتوقعة وحتى نتمكن أيضا أن نرسم ملامح المستقبل (الأسوأ) و (الأفضل). إن اختيار مصر للسيناريو الأفضل بأن تكون إحدى الدول المتقدمة بحلول عام 2040 يستلزم وضع خريطة تتبع بأتجاه المستقبل مسجل عليها نقاط التحول الرئيسية التى علينا أن تعمل على تحقيقها فى نقاط زمنية معينة إنها بالفعل وضع خريطة للمستقبل Future Happing حيث يتم تحديد شكل وطبيعة العناصر السابق ذكرها ودرجة تغييرها والصورة النهائية التى علينا أن تحققها فى عام محدد وكذلك الأمر بالنسبة لجميع العناصر حتى يصبح لدينا سيناريو مصر الدولة المتقدمة على نحو قد يأخذ جزء أو بعض مما يتم سرده لاحقا نحن الآن فى عام 2040 وشباب مصر يتولون أرقى المناصب بالمنظمات الدولية ويحصدون الحوائز العالمية الرياضية والثقافية ويديرون معظم الشركات المصرية بالداخل والخارج ويشغلون مناصب رئيسية لسفاراتهم بالخارج منهم من حصل على جائزة نوبل فى أحد فروع المعرفة والأخر من استطاع أن يقدم اختراعا للبشرية يصبح مصدرا هاما لزمالة الدخل القومى المصرى.
مصر الآن فى عام 2040 حيث العمل صار عن بعد هو الأساس والشوارع باتت خالية من الازدحام فالعمل يتم فى غالبيته بالمنزل أو بالمساء وأختفت شركات البريد التقليدية وصار التواصل الاجتماعي عبر الأثير وزادت شبكات الاتصال لتغطي الريف المصرى واختفت الأمية الجديدة من كل انحاء مصر وأصبح التعليم اليكترونيا ولم يعد لهم حاجة إلى المطابع الاميرية أو سلاح التلميذ أو الحقائب المدرسية واختفت كل أشكال الكتاب المدرسى واختفت المدارس وأصبح التعليم متواصل لا وقت محدد له ولا انتظار ولا قيود على مواعيد الاختبار وصارت مواعيد الامتحانات متعددة وحرة تخضع لاختيار المتعلم حتى صارت الحياة هى المدرسة وصار التركيز على المهارة لا على الشهادة والتعليم اليكترونى وفق نسق يقيس ماذا يفعل لا ماذا يتعلم فالتعليم حر والمتعلم طليق والمعلم يبدع والاختبار والتقييم لا يحتملا الخطأ والغش والاطفال يتحركون باتجاه مراكز التعلم بهدف الحوار مع المعلمين ومع الزملاء حول (مشروعات لبناء مصر) تم اختيارها وتقييمها بمعرفتهم.
مصر الان فى عام 2040 ولديها جمعيات أهلية متطورة منتشرة فى كل مكان فى مصر تتولى تنفيذ أجزاء معينة من خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولديها الموارد المالية التى تم الحصول
عليها من نتاج أعمالها لخدمة المجتمع وتحولت هذه الجمعيات الأهلية إلى مراكز اشعاع للثقافة المصرية وصارت بمثابة وحدات إنتاج مدنى ينخرط فيها الشباب والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة تعتمد فى معظم أنشطتها على التواصل الاليكترونى وحملات خدمة مجتمعية تمتد خارج حدو مصر ولها من يمثلها فى المجالس المحلية والتشريعية.
إن صياغة مصر المستقل تحتاج إلى تشكيل مجموعة نواة أو لجنة عليا أو أى كيان تنظيمي يجمع بين العملاء والخبراء ورجال الدين والسياسية والاقتصاد وغيرهم من أقطاب الفكر والاعلام والمستقبلات للتفكير ولصناعة خرائط المستقبل وتحديد النقاط التحرك على مدار الزمن من الآن وحتى 2040 على أن تحدد هذه اللجنة أيضا حال مصر فى عام 2040 وكيف سيكون فهو صورة من صور وصف مصر بالمستقبل (لا وصف مصر بالماضى) كما فعلت الحملة الفرنسية..
خلاصة المسألة
نحن بصدد حالة ثورية لم نعهدها من قبل، حالة واضحة المطالب والأولويات لكنها تفتقد القيادة الثورية التي تكافئ احتياجات وطموحات الشعب صانع الثورة بل تتجاذبها أطراف عدة في أجواء محلية وإقليمية ودولية غير بريئة ولا آمنة لكنها طبيعة الثورات التي عانت حالات المخاض الأليم ثم كان الميلاد والنضج العظيم

المصادر

1_التفكير المستقبلي(كيف نفكر بوضوح في زمن التغير) , ايدي فاينر واخرون , مركز الامارات للبحوث والدراسات المستقبلية , دراسات مترجمة 30, الطبعة الاولى , ابو ضبي _الامارات 2008
2_مناهج الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في العالم العربي, وليد عبد الحي , مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ,الطبعة الاولى , ابو ضبي _الامارات 2007
3_ قناة الحرة , برنامج الاتجاهات الاربعة , الساعة الثانية عشر ظهرا ,يوم الجمعه
4_المستقبل السياسي لمصر , سميرة ابراهيم عبد الرحمن, المرصد الدولي , العدد14 ايلول 201








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لكم محمد ومصطفى :
منار عزالدين ( 2012 / 8 / 15 - 15:46 )
ماهو كائن يختلف عن ماينبغي ان يكون ومع الاسف تعودنا ان ندرس ماينبغي ان يكون فقط.

اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد