الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفل الله المشؤوم

رياض كاظم

2012 / 2 / 18
الادب والفن


اركض اركض اركض ..
وجه جميل اسمر داكن يشبه زنجية خرجت فجأة من بين خطوط الحمر الوحشية من بين انياب الفيلة من ذيول الثعالب من فراء المعاطف وجلد الاحذية والمحافظ والجنط من بين سيقان الغزلان ..
اركض اركض ؟
وجه يشبه ( سبحان الله ) يشبه ( تبارك الله ) تعلوه غرة جعدة وتزينه ضفائر غليظة ، غليظة كالشفاه التي تزين الفم ، كالخدود التي تعصر التوت الاسود على حنك دقيق بيضوي يندك على عنق طويل ورفيع تلعب بشمائله الريح حينما تركض ..
اركض ؟
عساك تلحق بلواحظ بقر الوحش ، عساك تقبض على ريح ضفيرتها او عنقها او عبق ابطيها ، اركض يا طفل الله ، في الحقول في البساتين في الحدائق ، اركض بين الصالات والغرف بين اللوحات والصور عساك تجدها بين محضيات الملوك والامراء ، بين لحى الشيوخ تقصع القمل وتبخر الخصيان ، بين دروع الفرسان المثقوبة تخيط الجراح وتفقع الدمامل ، عساك تجدها في عمائم رجال الدين تختبيء مذعورة من سلطة التمائم والتعاويذ ، مذعورة من قوة الكلمة المقدسة التي تتحول الى مدية او حصاة تثقب قلبك الضعيف ، اركض اذاً ؟
اركض الى الابد حتى تجد نفسك مشنوقاً في القبو المظلم ، مع براميل النبيذ واللحم المجفف تلوكة تمضغه تمتص عصيره وتفكر بالهرب من الموت من الانشوطة التي تطوق عنقك ، فتركض هارباً من الصور ، صور الملوك والامراء، من محضياتهم البدينات والوسيمات من البنت السمراء التي تقصع القمل وتفقع الدمامل وهي تتلو ( سبحان الخلاق سبحان مسير الافلاك ) ..
اركض ؟
حتى تصل الى بئر مهجور تحوم حوله اسراب من البعوض والذباب والخطاطيف السود ، سود كثيابك كوجهك كروحك السوداء ، الارواح الملحدة سوداء كروحك كوجهك كصورة حبيبتك التي تبحث عنها في المتاحف ، في لوحات الافارقة البدائية في مشغولاتهم اليدوية وهي تنتصب باثداء ضخمة وعجيزة هائلة تصلح للركوب والضرب والصفع واللكز وطق الخصوة هناك ستجد بومة وغراب ، الغراب يسأل والبومة تجيب ..
قال الغراب _ هيء هيء هيء ..
قالت البومة _ سؤالك عويص يا ابا السوداء ، سؤال عويص بحثت عنه في مخطوطات ابن عياش فوجدت ان الضحك قوة وان الحياة قوة وان الحب والركض قوة .. اركض اذا .. اركض ، قوة الركض هبة من اسلافنا الاقوياء حينما يقطعون مشارق الارض ومغاربها ويضعون خرائط ويخترعون المدن والامصار ويحنطوها على الورق ، اركض اذا عساك تجد مدينة وحارة وزقاق وشباك صغير تطل منه فتاة بشفاه غليظة تشبه حبيبتك القحبة ...
قال الغراب _ هأ هأ هأ ..
قالت البومة وهي تنظف ريشها _ الحب كالحياة ، الانانية وحب الامتلاك تشبه من يرسم محضيات الملك وعيره منتصب ، بالطبع لن يحصل على اجر.. لن يحصل على بقجة ثياب وصرة ذهب ، سيصفع بامواج الاثداء المتلاطمة وسيشنق بالضفائر الغليظة وسيعذب بانفراج الافخاذ وصلابة الكسوس حينما لا تريد ان تنفرج .. اركض اذا ..
اركض ؟
حتى تجد بقعة خراء يحرسها رجال اشداء يدعون انها لوحة رسمها شكيب ورهيب وعندليب ، فيها خمر وسكر وعنب وبنجر ، فيها حواري وجواري وغلمان ينامون بقوة الكلمة ، بقوة كن فيكون ، ينامون على سحر ( تبارك الله ، سبحان مسير الافلاك ) ، لك ماشئت لا ماشاءت الاقدار ، اركض اذا .....
ركضت ، ركضت ، ركضت حتى تقطعت انفاسي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات