الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (١)

رفعت السعيد

2012 / 2 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بينما مضى عام على ثورة الشباب المصرى فى ٢٥ يناير ٢٠١١، وبينما تتهيأ مصر لإعداد دستور جديد، وبينما يتخوف البعض من أن يسرق البعض الدستور كما سرق الثورة.. نعود إلى صفحات تاريخ مجيدة سطرها شباب مصريون فى عام ١٨٧٩، أى منذ أكثر من مائة وثلاثين عاماً.

وأصحاب هذه الوثيقة مجموعة من الشبان المصريين والشوام الذين أسسوا منظمة سرية سميت أحيانا «جمعية اتحاد مصر الفتاة» وفى أحيان أخرى ولمزيد من تضليل الأمن سميت «جمعية اتحاد فتيان مصر». وقد بدأت هذه الجمعية نشاطها فى أعقاب تولى الخديو توفيق الحكم (عام ١٨٧٩) بإصدار جريدة باسم «مصر الفتاة» ويقول فيليب دى طرازى فى موسوعته - «تاريخ الصحافة العربية - جزء ٣ - صـ٤٩»: «إنها جمعية مؤلفة من أذكياء أبناء وادى النيل والنازلين بساحته، وغرضها تنبيه الغافل من الأمة المصرية، وكانت تروم حفظ الحقوق الوطنية، وكف يد الأجنبى عن استغلال الوطن. وكانت الجريدة تشن هجوماً عنيفاً على الحكومة بما أدى إلى إغلاقها فى ١٧ نوفمبر ١٨٧٩. وتنشر جريدة الوقائع (الرسمية) قرار الإغلاق وتقول إن السبب «هو نشرها مقالات وأخباراً عدتها الحكومة مهيجة للخواطر والأفكار».

والآن ونحن نقبل على مرحلة إعداد الدستور، ونحاذر من أن يحاول البعض سرقة الدستور، بمعنى تحويله من وثيقة تخص كل المصريين وتنظم العلاقة بينهم على قدم المساواة ودون تمييز بسبب من الدين أو الجنس إلى ورقة تعبر عن رؤية تيار محدد.. فإننا نقدم للشباب أصحاب ثورة ٢٥ يناير العظيمة ولكل المصريين بمن فيهم من يستعدون لتفصيل الدستور على مقاسهم وحدهم وثيقة تمثل نموذجاً فريداً من الفكر الشبابى المصرى.

وقد صدرت هذه الوثيقة فى شكل كتيب نورد اقتباسات منه مؤملين أن يسرع الشباب والأحزاب والتيارات الليبرالية والوطنية والعقلانية وكل دعاة الحرية والمساواة بوضع مشروع دستور مصرى مماثل.

وعلى الغلاف نقرأ «لائحة إصلاح مرفوعة إلى جلالة الأمير توفيق الأول خدمة من اتحاد مصر الفتاة. طبع فى الإسكندرية بمطبعة موريس المعروفة بالمطبعة الفرنسوية – ١٨٧٩». أما «المقدمة» الموقعة باسم آخر وهو جمعية اتحاد فتيان مصر فتقول: «إننا نبسط لدى جلالتكم بيان المصائب الحائقة بالبلاد راغبين أن نظهر على قدر الإمكان الوسائل التى نحسبها موجبة لإصلاح أحوال الرعية. فإنه لا يمكن تحصيل الدواء إلا بعد تشخيص الداء ومعرفة أسبابه البعيدة والقريبة باستعمال قوى البلاد، خصوصاً قوة الشباب، ملتمسين من جلالتكم التغاضى عما يظهر فى كلامنا من الحرية، فما ذلك إلا من دلائل صفاء النية وعلائم حسن الطوية.

وإذا كان شباب ٢٠١١ قد سرقت ثورتهم بما يستدعى أن يوحدوا صفوفهم ونضالاتهم وشعاراتهم فى مواجهة هذا الاختطاف، فإن شباب ١٨٧٩ قد وجدوا من يحتضن حركتهم ويمنحهم مساندته فى صفوف الحزب العسكرى (أحمد عرابى وإخوانه) خاصة عبدالله النديم الذى تظهر بصماته واضحة فى كتابات ونشاطات جمعية اتحاد فتيان مصر. وإذا كانت هذه الجمعية قد قدمت الوثيقة التى سنتحدث عنها وهى عبارة عن نص دستورى مفصل للنهوض بمصر وتحريرها.

ونأتى إلى النص المعنون «ملاحظات على الحالة العمومية» ونقرأ «إن حالة البلاد الراهنة لا تخفى على أحد، بل إن الجميع يعلمون أنه مع خصب تربتها وثروة أرضها فإن العدد الكثير من السكان فى حالة الفقر والشقاء.. بما يؤثر على الهيئة الأدبية والاجتماعية، فإنه من المعلوم أنه لو كانت العدالة شاملة جميع الناس، والتكاليف موزعة بالتساوى والإنصاف، والإدارة أحسن ترتيباً وإحكاماً لما كانت الثروة المصرية فى هذه الدرجة من الاضمحلال، فلو اهتدت حكومتنا إلى الصواب فحفظت على الناس حقوقهم، فالفلاحون وهم الفئة الكبيرة يتحملون ما لا يطيقون لمنفعة الفئة القليلة، والفاقة فى كل يوم فى ازدياد، والزراعة باقية على ما هى عليه من الإهمال. والمظلومون لا يستطيعون الانتصاف من الظالمين فضلاً عن فقدان المحاسبة والملاحظة، ونقصان القوانين وإهمال جانب العدل، والخوف من التصريح بالشكوى والفساد المنتشر عند ذوى المقامات العالية، وارتباك الأحوال السياسية، وسنفصّل هذه المصائب بعد بيان أسبابها. أما عن أسباب شقاء البلاد فهى عديدة لا تحصى وكثيرة لا تستقصى ومنها:

اجتماع السلطة فى يد شخص واحد، عدم وجود قانون يبين الحقوق والواجبات للحاكمين والمحكومين وعدم وجود حقانية مستقيمة الأحكام ونقصان المعارف العمومية.

ومهما أطلنا فإننا، وبعد مائة وثلاثين عاماً، نكاد نقرأ وصفاً لما نحن فيه الآن. ونكاد نحتاج إلى نصوص دستورية تعالج ذلك كله، نصوص يصوغها شباب التحرير كما فعلوا منذ اليوم الأول : حرية - ديمقراطية - ليبرالية - مساواة - وحدة وطنية - عدالة اجتماعية.

وسنواصل القراءة فى كتابة مقبلة لكننا كلما واصلنا سنكتشف أن مصر ليست أفضل حالاً مما كانت عليه من زمان بعيد. وأن فتيان مصر وشبابها منوط بهم - ويا للدهشة - ما كان منوطاً بشباب ١٨٧٩، أى قبل الثورة العرابية بعامين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو