الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا : الجبهة الدولية المشتعلة

رياض خليل

2012 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا : نقطة التماس في الحرب الباردة/الساخنة/الدولية . إنها حرب معقدة ومتشابكة ، تجري على الأرض السورية ، وينفذها السوريون بشكل أساسي ، مع لفت النظر إلى المشاركة العملية لأطراف دولية فيها ماديا ومعنويا ، لوجيستيكيا وسياسيا . ولا أتصور أنها ستنتهي في الأجل القريب ، إلا إذا حصلت مفاجآت دراماتيكية .
المعركة شرسة ، ليس فيها هدنة ، ولاذرة من الثقة ، ولا نقطة التقاء بين الفريقين المتصارعين . وبالتالي لامكان للتفاوض والحلول السياسية ، بل إن لغة السلاح هي الحكم الفصل الذي سيحسم الحرب . ولا رجعة عن هذا الطريق كما أتصور وكما يقول المشهد الدموي الجاري على المسرح .
سورية : الخيار العسكري هو الحل الوحي الحل في سوريا - وللتاريخ أقولها - هو حل عسكري داخلي وخارجي ، وهذا ليس ما أؤمن به وأتمناه ، وأحرص عليه ، بل هو توصيف وتنبؤ واستشراف للمآلات الراهنة والمقبلة
بداية هذا خيار السلطة حتى الآن ، والمتوقع أن يستمر . السلطة لم تخف ذلك لا بالأقوال ولا بالأفعال ، وأعلنتها صراحة : لن تتنازل عن السلطة ، ولن تقبل المشاركة بالسلطة إلا طبقا لشروطها ورؤيتها ، وبالشكل الذي يدور في فلكها ،ولايؤثر على جوهرها . الحل بالنسبة للسلطة هو نوع من الماكياج السياسي الذي يعبر عن نفاقها ونوياها غير الحسنة تجاه الطرف الآخر . الذي حشر في زاوية هذا الخيار العسكري الوحيد مكرها ودفاعا عن حياته وقضيته العادلة . والسلطة هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن نتائج اللجوء إلى الخيار العسكري ، بسبب التمسك به بشراسة وبشكل أعمى وهستيري .
الحق دائما يحتاج إلى السلاح ، وهو التجسيد المادي لقوة الإلزام التي هي جزء لا يتجزأ من الحق والقانون ، والحق هو سلطة ، والسلطة هي تمكين ، والتمكين لا يكون سوى بامتلاك الحق لسلاح القوة الرادعة والمدافعة والحامية للحق من العدوان والانتهاك الممكن والنافذ
والخيار العسكري لا يصلح مواجهته سوى بالخيار العسكري ، ولاتجدي معه سائر الضغوط الأخرى مهما بلغت من الشدة ، خاصة وأن السلطة السورية تملك الكثير من أسباب ووسائل تعويض القوة على الصعد كافة ، ومنها الدعم الإقليمي والدولي القوي لها ماديا ومعنويا وسياسيا وعسكريا . ولم يعد التدخل الخارجي السافر لدعم السلطة السورية خافيا على أحد . ولايمكن مواجهة ذلك التدخل الخارجي سوى بتدخل خارجي مقابل ومواز لقوى المعارضة والحراك الشعبي على الأرض السورية حماية له من بطش النظام السوري ، وسعيا لتحقيق نوع من التكافؤ في ميزان القوى الذي لايزال يميل بشدة لصالح السلطة السورية .
وإذا كان الخيار العسكري هو عدوان من جهة السلطة السورية ، فإن الخيار العسكري المقابل له هو عمل مباح ومشروع وقانوني ، فالأول عدوان على الحق ، والثاني دفاع عن الحق . والقانون يحمي الحق بقوة الإلزام والإكراه والعقاب . القانون يلجأ للعنف ، ويستخدم العنف لحماية أصحاب الحق من العنف الممارس ضدهم وضد حقوقهم المنتهكة من قبل المعتدي ، والقانون يلجأ للعنف لوقف العنف المشهود والموصوف والموصول والمستمر . وعنف القانون مباح ومسموح ومرحب به ومطلوب ، لأنه يمثل الإرادة العامة والمصلحة العامة للمجتمع في حفظ الأمن والسلم الأهلي بين الأفراد والجماعات . والعنف عمل قانوني وأخلاقي إذا كان هدفه القصاص والإنصاف وإحقاق الحق والعدالة ، ودفع العدوان والظلم عن المعتدى عليه أو عليهم . إن عنف القانون ضرورة حيوية سيكولوجية مادية لامهرب منها ، إنها استحقاق إنساني تقره الشرائع والقوانين الوطنية والدولية ، ولايمكن التهاون في إقرار الحق والضرب على يد المعتدي ، الذي يتمثل هنا بانتهاك القانون من قبل السلطة السورية التي لاتتصرف كسلطة مؤازرة وداعمة وساهرة على تطبيق القانون . وكل مسؤول في السلطة ينتهك القوانين يجب أن يساءل ويحاسب ويعاقب ، بسبب إساءة استعماله لسلطته ، وحتى بسبب تعسفه في استعما ل تلك السلطة . السلطة السورية مختطفة ومغتصبة من قبل حفنة من الخارجين على القانون الوطني والعالمي والإنساني . ولابد من وضع حد لإجرامهم وعدوانهم على السلطة والنظام والبلد والشعب . والحد الأدنى للحل يكمن في تطبيق مبدأ الإلزام ، وهو الركن المادي الأساسي للنص القانوني ، حيث لاقيمة للنصوص القانونية إن لم تكن تملك قوة الفرض والإلزام على الخارجين على القانون . والمعادلة واضحة ، وهي أن هنالك مجرم يمارس عدوانه علنا ويسطو ويغتصب وطنا وشعبا . ويمارس أفظع أنواع الجرائم ، ولايصغي إلا لصوته ونفسه وغرائزه ، ولابد والحالة هكذا من اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الرادعة والمانعة له من متابعة عدوانه وجريمته النكراء ضد شعب ووطن وإنسانية . وهذه الإجراءات والتدابير لايمكن أن تكون شيئا آخر غير الاحتكام للسلاح والقوة والعنف لرد العدوان وإيقاف الجريمة ، وإنزال العقاب بالمعتدي . والعنف المنطلق من الحق والمستند إليه هو أشبه مايكون بضرورة طبية اجتماعية لاستئصال ورم سرطاني أو أي شيء آخر يهدد حياة الشخص ، والشخص هنا هو المجتمع والوطن بالكامل . ومادمنا أمام خطر يهدد حياة المجتمع ، فلابد من إيقافه بكل وسائل القوة المتاحة ،ومنها اللجوء إلى الخيار العسكري ، والخيار العسكري لايرد ويدفع إلى بالخيار العسكري ، ولايفل الحديد إلا الحديد .
الخير بحاجة للقوة ليمكن نشره وتعميمه وحمايته من قوة الشر ، ولذلك يجب على الخير أن يكون قويا قادرا يملك أسنانا وأظافر ليدافع عن نفسه . ولولا القوة التي يمتلكها الخير ويمارسها ويستخدمها لما قامت له قائمة في عالمنا . والديمقراطية باعتبارها أفضل شكل من أشكال النظم السياسية المكرسة للعدالة وقيم الخير والمساواة واحترام الحقوق المدنية والسياسية الأساسية للإنسان ماكان لها أن تنتصر وتستمر وتحمي نفسها لولا أنها تملك القوة التي تمكنها من ممارسة العنف للدفاع عن نفسها ، وحماية وجودها من الشر المحدق بها من الداخل والخارج . ولولا القوة لما تمكن العالم من مجابهة النازية والفاشية وسائر الأخطار المحدقة به من قبل النظم الاستبدادية القروسطية التي تعتبر امتدادا تاريخيا لعصور الاستبداد ودورته وحلقاته المفرغة . إن العالم الراهن لم يتخلص بعد من تهديد الأنظمة الديكتاتورية له ، هذه الأنظمة التي تعمل جاهدة لتدويل شرورها وعولمتها ، وخطرها عابر للحدود ، ولذلك فإن الخطر شامل وعالمي ، والقضية المحلية هي قضية عالمية بكل المعايير والمقاييس . العالم كله معني بقضية الصراع التناحري الدامي مابين الاستبداد والحرية ، مابين الديكتاتورية والديمقراطية . والسمة البارزة للصراع هو أنه ذو بعدين متلازمين : محلي (وطني ) وعالمي في آن معا . والتدخل بالتالي أمر مفروض كأمر واقع على الطرفين : قوى الاستبداد وقوى الحرية . وكلاهما يشكل تحالفا عالميا واضحا ، نلمس نموذجا له في الحالة السورية ، حيث التدخل الخارجي السفر والعسكري لحماية النظام السوري والدفاع عنه ، ويتجسد هذا التدخل بالتحالف الدولي الروسي الصيني والإيراني ومجموعة الدول الدائرة في فلكه . وبالمقابل لايبقى للمجتمع السوري سوى الانخراط بالتحالف الدولي المقابل والمتمثل بالجامعة العربية وأوروبا وأمريكا والبلدان الدائرة في فلكها ، وحيث أن الحل السياسي عبر القنوات القانونية الدولية لم تثمر أو تسفر عن نتيجة تنهي الصراع الدائر والمتنامي والمحتدم ، فإن الخيارات العسكرية تبرز بقوة للرد على الخيارات العسكرة للنظام والتحالف الدولي الداعم له . وهو ما تبدو ملامحه في الأفق في هذه الأيام وفي الأيام والأسابيع القادمة . ولاأحد يتمنى أو يرغب بذلك ،على الأقل من جهة المعارضة والحراك في سوريا ، ولكنهم مكرهون على هذا الخيار بسبب غياب وانعدام إية إمكانية لخيار مختلف أقل تكلفة وخسائر لكل الأطراف .
العنف المشروع والعنف اللامشروع
هل عنف السلطة السورية مشروع ومبرر؟ وهل العنف المضاد المواجه له عنف غير مشروع ولامبرر ؟ وأي العنفين مدان ومجرم ؟
القانون وجد ليطبق بالقوة الملزمة ( الضابطة العدلية ) مثلا . الإجبار يتم بالقوة المادية والمعنوية التي ينص عليها القانون : وهي إنزال العقاب والعقوبة على الخارج على القانون أن منتهك القانون ، وقد تصل العقوبة حد استئصال المجرم أو الجاني بالإعدام . والمجرم أو الجاني يعاقب ويحاكم ، ولا يحاور ، والقضاء لايفاوض أو يحاور المجرم ، وإنما يحاكمه لإدانته بالأدلة والثبوتيات والبينا ت . وبناء عليها يفصل القضية ويقرر الحكم المناسب على الجاني . علينا أن نعترف أن القانون هو إرادة المجتمع ، وهو بداية مسالم وسلمي وحارس للأمن والسلم الفردي والأهلي والمدني . وممارسته للعنف والإكراه ضد الجناة لاتسقط عنه صفة السلمية والعقلانية والعدل . القانون يحتاج إذن حاجة ماسة لممارسة العنف ( العقوبات ) بأنواعها ضد الفرد أو الجماعة التي تنتهكه وتعتدي عليه . إنه عنف شرعي أو مشرعن ومتوافق عليه اجتماعيا ، إنه نوع من الدفاع الشرعي الجماعي الاجتماعي عن الذات العامة المشتركة للشعب .
إن استخدام العنف والقوة لدفع الضرر والعدوان مبرر قانونا وأخلاقا ، ومتوافق مع الطبيعة البيولوجية والسيكولوجية للإنسان ، ولايمكن تأثيم وتجريم الفعل الدفاعي الشرعي منطقيا وواقعيا تحت أي ذريعة . ولايوجد نص قانوني إلا وتوجد إلى جانبه كجزء لايتجزأ منه سلطة تمكينه من النفاذ بحق الأطراف الذين يشملهم هذا القانون . والقانون إذن هو سلطة عنف متاحة للاستخدام ضد من ينتهك القانون ، إنه سلطة التنفيذ بالشكل الإيجابي والسلبي : ( القيام بعمل ، أو الامتناع عن عمل ) . وحصول جريمة يستدعي ممارسة العنف ضد المجرم بدءا من القبض على المجرم واحتجازه وحتى الحكم عليه بالعقوبة المناسبة التي قد تصل حد الإعدام
السلم والسلمية ليس معناهما الاستسلام السلبي للعدوان ، والسلم والسلمية لابد وأن يتسلحا بحق استخدام القوة والعنف لرد العدوان ، وإن لم يكن كذلك فسيكون نوعا من الانتخار المجاني المدان والمجرم والذي يعاقب عليه القانون . حيث لايحق لك أن تعرض نفسك للأذى بمحض إرادتك ورغبتك أو لأي سبب آخر . والدعوة للسلمية السلبية تنزل أفدح الأضرار والأذى على أصحاب الحق ، لأن من أبسط لوازم الحق الدفاع عن الحق بالقوة والعنف وطبقا لما يقرره ويتيحه القانون أو القوانين النافذة وما يقاس عليها . والدفع بالعنف من قبل القانون والحق أمر مجمع عليه فقهيا بالطرق التي يقرها القانون كحق الدفاع الشرعي عن النفس ، المهددة بخطر محدق لاسبيل إلى رده بغير العنف ، فكيف إذا كان الخطر المحدق نافذا وساريا وموصوفا ؟
ومن غير المقبول أن تطلب من المعتدى عليه أو المهدد بعدوان موصوف أن لا يدافع عن نفسه ، أو أن يجنح إلى السلم بينما المهاجم يجنح للحرب والعدوان عن سابق إصراروتصميم وترصد . ومن غير المعقول أن تجنح للسلم وأنت تواجه عصابة تتهددك في كل شيء بما في ذلك حياتك ، فكيف إذا كانت العصابة قد شرعت في ارتكاب الجناية ضدك ؟ هل تجنح للسلم وتتركها تفعل بك ماتشاء وتعرض حياتك لخطر الموت المحقق ، ولاتدافع عن نفسك أيمانا منك بأن السلم أهم ؟ مامعنى السلم في مثل تلك الحالة ؟ إنه عبث وجنون واختلال عقلي . المبدأ وجد لخدمة الإنسان ، والمبدأ هو نوع من اللامعقول إن لم يكن ذو مضمون وهدف ، كالحفاظ على الإنسان من أي عدوان . مبدأ السلم هو علاقة ثنائية بين الفرد والآخر ، أو بين جماعة وأخرى ، وهذه العلاقة تفترض الالتزام الثنائي المتبادل بالسلم ، وليس سوى ذلك ، أما إذا انتهك أحد الطرفين الالتزام ، فلابد من أن ينتهكه الطرف الثاني ، حيث الأول هجومي والثاني دفاعي . تلك هي الحياة الواقعية والمنطقية ، ولايعقل أن أكون منطقيا مع غير المنطقي ، لأن كلانا حينئذ سيحتكم للغة الغرائز وشريعة الغاب ، وفي حين يفرض المهاجم عليك شريعة الغابة ، فإنك ستكون مرغما على قبولها للدفاع عن نفسك في مواجهة خصمك المتربص شرا بك .
وعليه لابد من الإقرار بوجود نوعين من العنف ، وبوجوب ممارسة العنف في حال الخلل في معادلة التعايش السلمي ،والتي أعود وأكرر ، أنها تتطلب التزاما متبادلا بين طرفين ندين متكافئين ومتساويين في الحقوق والواجبات والأهلية والمسؤولية . كل طرف عليه أن يتحلى بالمسؤولية إزاء نفسه وإزاء الآخر لتستقيم معادلة السلم بين طرفين فردين أو جماعتين أو شيئا من هذا القبيل .
لايمكن مواجهة من يمارس القتل باللامقاومة ، ولايحق لأحد أن يطالب المعتدى عليه باللامقاومة . لأنه بذلك يخالف العقل والناموس والقانون والأخلاق والضمير والفطرة الإنسانية . والقتلة مجرمون ، والمجرمون يدفعون بكل وسائل القوة والعنف المتاحة والتي تصبح مشروعة مشروعية كاملة . ولاأحد يحاور ويفاوض ويناقش المجرم . بل الحل الوحيد هو ردعه بالقوة عن عدوانه ، وإنزال العقوبات عليه طبقا لمستوى عدوانه .
وعندما لايوجد حل سلمي لدى الطرف المعتدي لامن حيث النية ولا من حيث الفعل ، فلا يمكن للطرف الثاني إي إمكانية لمواجهته سلميا لامن حيث النية ولامن حيث الفعل . حينئذ يوصف عنف المعتدي باللامشروعية ، إنه عنف غير مشروع ، وبالتالي يستدعي عنفا مضادا مدافعا وهو حينئذ عنف مشروع .
ضمن هذا الفهم أؤكد أن العنف الثوري ضرورة واقعية ، وحاجة ماسة للحفاظ على الذات الفردية والجماعية . لاسيما حين يكون – حسب السياق – خيارا وحيدا .
مايحصل في سوريا هو نموذج للسياق السابق : حيث المجتمع السوري يتعرض لجريمة مشهودة .. موصوفة .. مستمرة ، عمرها عقود ، وقد استفحل تأثيرها لدرجة باتت تهدد فيها الكينونة الشاملة لسوريا .
والمشهد السوري يتلخص في طرفين متناقضين تماما في القضية المتنازع عليها ، وفي الوسائل المتبعة لحلها ومعالجتها . الطرف الأول : القيادة السياسية السورية التي بداية لاتملك شرعية مسبقة ، وهي فاقدة لها تماما ، وتلك جريمة متكاملة وشاملة ومتصلة ومستمرة وكاملة الأركان ، جريمة تستخدم فيها كل الوسائل اللامشروعة ضد المجتمع المدني المسالم والذي يتعرض لاغتصاب ممنهج عن سابق نية وترصد . والطرف الثاني هو المجتمع السوري الضحية التي تفترس ويعتدى عليها بأفظع أشكال العدوان الذي عرفه التاريخ البشري . ولايوجد أي تكافؤ بين الطرفين : المجرم ( السلطة السورية الديكتاتورية ) والضحية : ( الشعب السوري بأغلبيته الساحقة ) . ومايصدر عن الشعب من ردود فعل تشمل حالات من الدفاع الشرعي عن النفس غير قابل للتأثيم واللوم والإدانة والتجريم ، لعدم وجود الجرم ، أي لأن الفعل يبيحه القانون والشرائع كافة ، ولايعاقب عليه ، وبالتالي الجرم غير موجود أصلا ، بينما العكس هو الصحيح فيما يتعلق بانتهاكات السلطة السورية للقانون الوطني والدولي والإنساني والأخلاقي . فهو المدان والمجرم والملام والآثم ، وهو مايجب أن يخضغ للوم والعقاب . وليس من العدل والمنطق إلقاء اللوم على من يدافع عن نفسه من الشعب ، ولا على من يدافع عن الشعب سواء أكان مدنيا أو عسكريا . وما يرسخ حق الشعب ممارسة الدفاع عن نفسه هو كونه مرغم مكره على سلوك العنف الدفاعي ، والمكره هو خالي المسؤولية حسب القانون في كل بلدان العالم . وإن وقف العنف يبدأ من وقف البادئ المعتدي ، وليس من جهة المعتدى عليه . هذا هو السياق السليم والمنطقي لوقف العنف . وقف المعتدي بالقوة ، وبالقوة وحدها يمكن وقفه ، وليس بأي سبيل آخر .
وعليه لاحل سياسي في الحالة السورية التي ليس من المجدي قياسها بأية حالة أخرى من أية حيثية . ولن تتوقف السلطة السورية عن عدوانها السافر بالإصغاء لصوت العقل كما ثبت بالتجربة حتى ا لآن . وهي ليست من النوع الذي يحتكم إلى العقل بقدر ماتحتكم إلى الوهم والمكابرة والغفل ، وإن بدت كذلك فمن باب الخداع والغش والمناورة والتفخيخ وتبييت الغدر . وبوصلتها هي حماية مكاسبها التي تحققها بالاغتصاب والسطو المسلح والكذب حتى آخر رمق . أنها سلطة عمياء لايمكن أن تلتقي مع المعارضة ، لايمكن أن تلتقي قوة الجهل مع قوة العقل ، ولا الحق مع الباطل ، ولا الخير مع الشر ، والصراع بينهما لايمكن أن يكون حواريا تفاوضيا سلميا . فالباطل حواره خيانة ، والحق حواره مصداقية ، وطريق الحل السلمي مسدود من جهة الباطل ، وبالتالي من جهة الحق كرد فعل حتمي وخيار وحيد على الباطل .
يقول كلاوفيتز: الحرب هي السياسة بلغة العنف والإكراه . وعندما ينسد الأفق التفاوضي الحواري السلمي ، يبدأ دور العنف ، كوسيلة للحل وحلحلة الاستعصاء . حتى الآن .. لانية للسلطة السورية بالتراجع عن الخيار العسكري العنفي ، الذي ضاعت معه الفرصة في حل سياسي حواري تفاوضي سلمي . والسلطة مصممة أكثر من أي وقت مضى على المضي قدما في الخيار العسكري ، الذي لايمكن مواجهته بعكسه ، أي بالخيار السياسي السلمي ، كما يتوهم كثيرون من المعارضين ، وهذا مايستدعي الرد . والخيار العسكري يتطلب خيارا عسكريا مقابلا ومعاكسا له لإيقافه . ولايتطلب حوارا وإقناعا وكلاما فارغا لاقيمة له ولاتصغي له السلطة . وأما م عدوان سافر أو جريمة موصوفة ليس أمام الضحية سوى تطبيق القانون في معاقبة المجرم ، والعقاب هو عنف وإكراه ضد المجرم المعتدي ، وهو عنف مشروع وضروري وحيوي لحفظ الذات الخاصة والعامة . تلك هي المعادلة الصحيحة ، والعنف المعتدي هو المدان ، بينما العنف المدافع هو العنف المباح شرعا وقانونا
الخيار والحل السياسي لم يكن متاحا في أي وقت في سوريا ، ولن يكون متاحا . على الأقل من جانب السلطة السورية . التي لاتجدي معها أية حلول سوى القوة . السلطة لن تسلم أو تستسلم سلميا ، وقد أعلنتها صراحة سابقا قبل الثورة وخلالها : أن على من يريد السلطة أن يأخذها بالسلاح والحرب ( مصطفى طلاس قالها مرة ) . السلطة ليست ولم تكن ولن تكون مستعدة لأتفه تنازل عن السلطة سوى بالإكراه والعنف والحرب والاحتكام للسلاح . الحل في سوريا - وللتاريخ أقولها - هو حل عسكري داخلي وخارجي ، وهذا ليس ما أؤمن به وأتمناه ، وأحرص عليه ، بل هو توصيف وتنبؤ واستشراف للمآلات الراهنة والمقبلة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مغالطة
عمران طلال الملوحي ( 2012 / 2 / 18 - 22:42 )
تحياتي لك يا صديقي رياض.. مقالك طويل.. ولا مجال للرد عليه كاملاً.. ثمة مغالطة واضحة لديك تتركز في وجود حكم يحمل كل سيئات العالم، يقاتل مجموعة من (الثوار) مدعوماً من جهات خارجية (روسيا، الصين..إلخ..) وبين (ثوار) مدعومين من جهات لا بد أنك تعرفها حقاً.. ومنها على سبيل التذكير: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإسرئيل ضمناً... وبنواب لهؤلاء تمثلهم قطر والسعودية، وباقي دول الخليج وجميع أحزاب الإخوان المسلمين... وأنا لا أصدق أنك تقف في صف واحد مع هؤلاء (الديمقراطيين) جداً، والمتعاونين مع إسرائيل بكل وقاحة ووضوح...
لسنا مع النظام، لكن القبول بالوجه الأسود لمحاربيه، الوجه الاستعماري السافر، هو الذي نرفضه.. وها هي ليبيا أمامك ومصر وتونس.. والقرضاوي وعرعور.. فعلى أي جانبينا نميل؟...


2 - تهئنة سلفا بالخراب القبيح
زيني كامل ( 2012 / 2 / 19 - 13:46 )
وانت شو علاقتك بسلفيين تدعهم قطر والسعودية وفرنسا وبريطانيا وامريكا بالمال والسلاح حتى تبتهج مهلهلا بالحل العسكري .غدا عندما يتمكن هولاء المسلحون من تفكيك كل شي الدولة والنظام وتكون لهم مقاليد الامور لن تجرؤء على نقدهم لسبب بسيط انهم سيقولون لك من انت؟واين كنت عندما كنا نقاتل؟انها لعبة المال والسلطة وان التيارات السلفية المحافظة هي التي تربح في النهاية لان العالم الرجعي الممتلئ مالا وسلاحا يدعمها وكما قال ادونيس جاء العصف الجميل فمتى ياتي الخراب الجميل

اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟