الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفتاء المارق

مرتضى الشحتور

2012 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عدا افاقات صغيرة ومتباعدة ظل هاتف بيتنا شبه جثة هامدة يلازمه موت سريري امتد اعوام وهذا شأن جميع هواتف حينا الجميل في ايام قبل سقوط الدكتاتور، حيث نعينا الاتصالات الارضية والى الابد.
لم يمنع يأسنا وعطل تلفوننا من قيام ام البيت بمسح الجهاز ونفض مايعلق به من غبار وتفحص سريان الحرارة فيه تعلقا ووفقا لقاعدة لعل وعسى.
وذات صباح رن الهاتف من دون سابق اتفاق مع عمال البريد لعيادة كابينتنا المعلولة.
هرعت وانتزعت ذراع الاتصال !لم يكن هناك احدعلى الخط الاخر وبدلا من الصوت المعروف الدالتون الذي يزف البشرى بوجود الحرارة تلقيت صوتا رجاليا يصدح بابيات شعرتقول (مبروك الرئاسة مية بالمية البطل صدام فاز بحب اهالييه)؟
كانت طبول الحرب تقرع والحشود اكتملت فامريكا حسمت مع حلفائها امر انهاء حكم الطاغية !
ووقتها مارست الطغمة حول القائد نمطا مفرطا بااللامبالاة ثم تفتقت افكار العباقرة عن اطلاق استفتاء لتجديد رئاسته ،وقبل ان ينطلق الاستفتاء تلقينا النتيجة، الفوز بنسبة 99 بالمئة.
كانت فرنسا فضلا عن روسيا والصين تعارض مسعى اميركا في استصدار قرار ينهي الدكتاتورية.
الطاقم حول الطاغية اظهروا براعة هائلة في التزلف وانعدام الضمير وقلة الحياء صمموا الاستفتاء ليمددوا للرئيس وبالنتيجة ليمددوا لوجودهم الباغي .
والشعب كان موقن بالزوال القريب والخلاص المؤكد الذي اردناه بغض النظر عن الطريقة والذي تمنياه باية وسيلة.
مايجري في سورية اليوم ومايحاول ان يقوم به الاصنام الصغار حول بشار يشبه الى حد بعيد اللعبة الصنميه لنسخة البعث الصدامية؟
غير ان اللافت ان بشار حصل على مايريد في مشروع الدستور المزمع، لكن الجربزة من حوله لم يدركوا ان الطاغية بدأ التخلي عنهم.
عدم الاشارة لقيادة البعث عنت التخلي او بداية التخلي عن الحزب ،!
بداية فرضت نفسها ولم يجد بشار بدا من الاذعان لها وهو مستعد ليبيع الحزب بارخص ثمن مثلما استرخص دماء شعبه الاعزل فانزل فيه الة الموت والدمار واطلق يد العسكر المستبد لتقتل وتنهب وتسفك الدماء.
لايمثل بشارا نموذجا مماثلا للغطرسة الصدامية وصدام الذي قبل بانتزاع الجنوب والشمال وتفتيش البيوت الرئاسية وظل يتحدث زورا عن حب الشعب والملايين والسيادة والكرامة .في لغة مارقة .
الشيء الغريب في بشار انه اسقط معاني القيم التي كنا ننسبها لجيش سوريه حين دفع الجيش ليقتل 8000 معظمهم اطفال ونساء.
والشيء الرديء الاخر ان بشار يتحدث وكأن مايقوم به ومايتظاهر بالتنازل عنه هو مجرد مكرمة منه .
ولو سالته اية مؤامرة هذه التي يؤازرها الملايين من السوريين ويموت دونها الالاف من المدنيين .
لماذا يغلق البلاد لماذا يستبيح القرى والمدن والضواحي.
لماذا لا يحاكى ايران ولا اميركا ولا تركيا ويقبل برئاسة لاربع اعوام لاتكون الوراثة طريقا اليها؟.
ولماذا يرفض الاعتناءاو الافادة من دروس مصر وتونس وليبيا.؟
ثم يذهب الى الاستفتاء علىدستور يصنعه طاقم نظامه المطارد وطنيا المعزول دوليا المنبوذ عربيا.
دكتاتور بعث سوريةيحاول ان يستنسخ تجربة طاقم صدام لكن الفارق بين صدام وبشار كبير جدا.
جبهة حلفاء صدام كانت اكبر من حلفاء بشار فالعطاء الصدامي جزيلا والدهاء الصدامي شاملا ثروات العراق تعطي ارجحية على فقر سورية وخبرة طاغية الشام لاتقارن بطاغية بغداد .
ولما اطلق الاستفتاء عندنا لم تكن هناك ثورات عربية ولا ربيع و خريف. ولم تكن الفتوح الالكترونية بهذا الحجم ولم يكن الكون قرية صغيرة كما اليوم.صدام نجح في ابقاء العراق سجنا وقد فشل بشار في ذلك؟
الفضائيات والجوالات والانترنت متاحة تنقل وتقوم بعمل المراسلين المتطوعين.وتفضح الطواغيت والمتجبرين.
امس قالت 137 دولة كلمة مدوية سيسمعها حكام الجار السوري ، تنسف الاستفتاء تعرضه لعبة هزيلة .
وسوف لن يكون بوسع الحاكم القيام بشيء ينفع الشعب السوري ولن يجد من يمنحه وقتا لتمرير بقايا احلامه المتخبطة.
وهذا مايمكن ان نقوله بصدد ورقة الاستفتاء .
خسارة سوريا بشهدائها كبيرة ، وخسارتنا في اسقاط الجيش السوري وتلطيخ ايدي رجاله بدماء الشعب هناك خسارة اكبر فقد قضي على تاريخ مجيد بفعل غطرسة وطموحات نزقة ، يؤازرها حثالة من الوجوه البائسة والضمائر الميتة التي تجيد النفاق والتمسك الارعن بالسلطة ومهما كان الثمن.
اجرى صدام الاستفتاء واعلن عزة ابراهيم فوز الرئيس وهتف بطريقة حماسية صاخبة ..لقدفاز الرئيس والنتيجة 99،9بالمئة وهي نفس النتيجة التي تلقيناها بنغمة الهاتف قبل انطلاق الاستفتاء. لكن الاستفتاء لم يمنع هروب صدام بعيد اشهر من ا لاستفتاء المارق.
بامكان الجماعة الحاكمة في سورية تمريرالدستورلكن ليس بامكانها ان تظل جاثمة على قلوب السوريين، فالثورة هناك انطلقت ورغبة الشعب ظهرت بصورة واضحة .
عبرت عن نفسها بالهتافات والتظاهرات وحتى بالكفاح والقتال والتغيير قادم لامحالة هذا مايعتقده العاقل والجاهل وهذا مايلمسه اليوم الاعمى والبصير ..
وهذا الدستور كتبته الطغمة لتمدد لوجودها المارق.ولكنه لن يمنح النظام فرصة كبيرة للبقاء ولن يكون مفيدا للقضية السورية فالزمن الان لم يعد زمن الدكتاتوريات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي