الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آه منكم يا معشر الطغاة

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كرسي الحكم ليس نهاية العالم وخاتمة المطاف. كرسي الحكم ليس غاية بحد ذاته. كرسي الحكم ليس السماء الأخيرة. وكرسي الحكم يحتاج إلى التنفس الطبيعي بين الفترة والأخرى, لا أن يدوم في الإقامة الجبرية تحت مؤخرة حاكم شاق مؤبد.

لا نملك ونحن نقرأ خبر استقالة الرئيس الألماني كريستيان فولف من منصبه ثم تالياً تصريحه المقتضب " لقد سررت بممارسة مهامي في هذا المنصب، وبلادنا بحاجة إلى رئيس قادر على مواجهة التحديات الوطنية والدولية الكبرى من دون إعاقة " سوى التصفيق لهذا الرجل وتقبيل جبينه والربت على كتفه, لأننا لم نرزق بعد برئيس مشابه يتراجع احتراماً للشعور الجمعي, ولا يمكننا العثور في بلداننا على حاكم مشابه يعترف بخطأه حتى لو بحثنا عنه بالمجهر.

الحاكم هناك يعلم أنه إنسان بميزات تعبوية وفنية كالتي للآخرين من أفراد مجتمعه وليس هابطاً من مجمع الآلهة, يعلم أنه لم يتلق في ليلة لا ضوء للقمر فيها صكاً إلهياً بتعيينه حاكماً إلى ما شاء الله, يعلم أن كرسي الحكم ليس غنيمة وإنما فرصة لتقديم الأجمل والأنجع وخدمة صورة البلاد في الداخل والخارج.

الحاكم هناك لا يكره الشعب ولا يخافه. لا يخاف من انقلاب العسكر عليه. ولا يبادل الدبابة الودَّ. لا يحتاجُ إلى الشبيحة والنبيحة. ولا يُصاب بالبواسير. وأكاد أجزم أنه لم يسمع كلمتي ( إسقاط ) و ( أرحل ), وأكاد أجزم أيضاً أنه لا يمتلك العدد الوافر من الحقائب, وأن حقيبته حين مغادرته الحكم صغيرة تصلح فقط لوضع لباسه الداخلي فيها مع صور مكتبية ودفتر ملاحظاته, تماماً بعكس الحاكم لدينا حيث هنالك ما لا يحصى من الحقائب : حقيبة لحمل آبار النفط, حقيبة لحمل الأنهار, حقيبة لحمل الغابات, حقيبة لحمل محتويات البنوك الوطنية وغير الوطنية, حقيبة لحمل آثار البلاد, حقيبة لحمل مستقبل البلاد.. إلخ.

الحاكم هناك من لحم ودم وغير قابل للتكلس, أما هنا فإنه المصرف المركزي لإنتاج الكلس وتخنيث الوطن وتجفيف منابع الإلهام فيه. الحاكم ودائرته هناك يؤهلون المستنقعات أما هنا فإنه ودائرته يحولون البلاد من فروة رأسها وحتى ركبتها إلى مستنقعات.

الحاكم هناك يمتثل للأمن القومي فيوعز بتحريك جيش من أجل إنقاذ حياة مواطن, أما الحاكم هنا فإن الأمن القومي يقتضي منه تحويل ملايين المواطنين إلى إرهابيين حتى يثبت العكس, مع دك الأبنية ودور السكن فوق رؤوسهم ( فقه الكفاح ), ووضع فوهة الدبابة معهم على طاولة الحوار الوطني.

زمرة دم بلاد الحاكم هناك هي التعددية 100% أما زمرة دم بلادنا فإنها الأحادية في البر والبحر والجو مع تأنيث المذكر وتذكير المؤنث وتخنيث المذكر والمؤنث معاً.
لا يملك الحاكم هناك سوى عدة أمتار مربعة مع رصيد في البنك شفاف وبإمكانك رؤية أوعيته الدموية, أما الحاكم هنا فيمتلك عشرات أو مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة مع تأميم الهواء أيضاً, وسيارات مفخخة وإمكانيات سوبرمانية في تفريغ رئاسة جواره وتعطيل برلمانه.

الحاكم هناك ينسحب بهدوء من دون رعد وبرق, أما الحاكم هنا فإنه يعد الخروج من الحكم بمثابة تجرع لكأس السم ولا يوافق عليه وإن أدى ذلك إلى اغتيال البلاد بالتقسيط الممل.

الحاكم هنا لا يجيد لعب الشطرنج أو الطاولة, لأنه متفرغ بالكامل مع حاشيته من الغنم السعيد للتلاعب بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية, والتلاعب بالاستقرار الداخلي في دول الجوار.

الحاكم هنا استثناء من الديمقراطية.

الحاكم هنا رجل حاملٌ باللانهائي من الكراهية والأحقاد كاملة الدسم.

الحاكم هنا طلقة متفجرة في صدغ الوطن.

الحاكم. الحاكم. الحاكم...

آه منكم يا معشر الطغاة, متى تصبحون بشراً أسوياء كالحكام هناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د